بلومبرغ
أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا أنه سينفّذ إصلاحات شاملة استجابة لتوصيات لجنة قضائية حققت في الفساد خلال الحكم الكارثي لسلفه جاكوب زوما.
تعهد الرئيس بمراجعة وإعادة تصميم هيكل مكافحة الكسب غير المشروع في البلاد بالكامل، ومنع الوزراء من المشاركة في مشتريات الشركات الحكومية، وإدخال قوانين جديدة تنظم إصدار العقود الحكومية، وضمان حماية أفضل للمبلغين عن المخالفات.
قال رامافوزا في خطاب متلفز إلى الأمة يوم الأحد -بعد يوم من تقديم تقرير مؤلف من (76) صفحة إلى البرلمان فصّل فيه رده على النتائج التي توصلت إليها اللجنة التي يترأسها كبير القضاة ريموند زوندو– إن "شعب جنوب أفريقيا سئم الفساد ويريده أن ينتهي". وأضاف أن الحكومة ملتزمة بمكافحة الفساد "بجميع أشكاله وفي كل جزء من الحكومة وفي كافة مجالات الدولة".
أمضى زوندو أربع سنوات في التحقيق في الكسب غير المشروع خلال فترة حكم زوما التي استمرت تسع سنوات تقريباً- وهي ممارسة تُعرف محلياً باسم "الاستيلاء على الدولة". وصف أكثر من 300 شاهد كيف تمّ نهب الإدارات والشركات الحكومية بمليارات الراند الجنوب أفريقي من قبل حلفاء الرئيس السابق، بموافقة ضمنية منه. يُذكر أن رامافوزا أعلن في وقت سابق أنه تمّت سرقة ما لا يقل عن 500 مليار راند (28 مليار دولار) خلال ولاية سلفه.
إرادة سياسية
قبل حلول أكتوبر، يتعين على الحكومة الجنوب أفريقية أن تعالج أوجه القصور في ضوابطها على التمويل غير المشروع مع "مجموعة العمل المالي"، الهيئة التي يقع مقرها في باريس وتشرف على الامتثال لتدابير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. هددت الهيئة بإضافة جنوب أفريقيا إلى قائمة البلدان التي ستواجه رقابة متزايدة إذا فشلت الحكومة في تنفيذ تلك الإجراءات.
قال أونغاما متيمكا، المحلل السياسي في "جامعة نيلسون مانديلا في بورت إليزابيث" عبر الهاتف، إن إعلان رامافوزا قد يطمئن الجمهور بأن الحكومة تتخذ "الإجراءات التصحيحية اللازمة لإخراجنا من الحالة التي كنا فيها وأن هناك إرادة سياسية لمواصلة القيام بذلك".
تمّ توجيه الجزء الأكبر من توصيات زوندو إلى وكالات إنفاذ القانون، التي تمّ حثها على التحقيق مع 202 من المسؤولين الحكوميين، ورجال الأعمال، والكيانات.
وفقاً لرامافوزا، رفعت حتى الآن مديرية التحقيق التابعة لهيئة الادعاء الوطنية 26 قضية ذات صلة وفتحت 89 تحقيقاً، ومثل 165 شخصاً متورطين في المحكمة. كما استعادت السلطات 2.9 مليار راند، وجمّدت أو حصلت على أوامر حفظ لأصول بقيمة 12.9 مليار راند أخرى.
وجد زوندو أن العديد من كبار المسؤولين، بما في ذلك وزير الموارد المعدنية والطاقة جويدي مانتاشي، ونائب وزير أمن الدولة زيزي كودوا، أخذوا مدفوعات من الشركات التي تسعى للحصول على عقود حكومية، ووجّه توصية بأن ينظر المدعون العامون في مقاضاتهم.
قال رامافوزا في تقريره إلى البرلمان، إنه سيراجع النتائج ضد المسؤولين في إدارته "ويحدد، على أساس كل حالة على حدة، بما يتماشى مع تقديره في هذا الصدد والتزامه بمراعاة مبدأ الشرعية، ليتصرف بطريقة بعقلانية، سواء كان يجب اتخاذ أي إجراء أم لا".
من المتوقع أن يسعى رامافوزا لإعادة انتخابه رئيساً لحزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" في ديسمبر، مما يحد من نطاق قدرته على العمل ضد أعضاء آخرين من ذوي الوزن الثقيل في الحزب لحاجته لنيل دعمهم كي يفوز بالسباق الرئاسي. يُذكر أن كل من مانتاشي وكودوا -المتحالفين بشكل وثيق مع الرئيس– قد نفيا ارتكاب أي مخالفات وقالا إنهما سيسعيان إلى مراجعة قضائية للنتائج التي خلص إليها زوندو.
في حين أن زوندو أوصى الحكومة بإنشاء لجنة دائمة لمكافحة الفساد، ووكالة مستقلة لمكافحة الفساد فيما يتعلق بالمشتريات العامة، إلا أن رامافوزا أوضح إن هذه المقترحات تتطلب مزيداً من الدراسة في ضوء الإصلاحات الجارية بالفعل.
قال رامافوزا إن مقترحات رئيس المحكمة بتغيير النظام الانتخابي، وانتخاب الرئيس مباشرة، ستتطلب أيضاً تعديلات دستورية، والخوض بعملية واسعة من المشاورات والتداول تشمل المجتمع بأسره.
لكن زوندو كان لاذعاً في انتقاده لرامافوزا لفشله في التحدث علانية عن النهب خلال السنوات الخمس التي شغل فيها منصب نائب زوما، وعن "المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم"، الذي قال إنه لم يفعل شيئاً للقضاء على الفساد داخل صفوفه. يشار إلى أن الرئيس لم يرد بشكل مباشر على تلك الادعاءات.
رغم أن رامافوزا لا يزال متصدراً لسباق قيادة الحزب، إلا أن صورته تلطخت بشكل أكبر بسبب فضيحة سرقة العملات الأجنبية من محمية الحيوانات الخاصة به في عام 2020. وقامت أحزاب المعارضة باتهامه بالفشل في الإبلاغ عن الجريمة كما ينبغي، وتساءلت فيما إذا كان قد انتهك قواعد مراقبة الضرائب أو الصرف الأجنبي.
يُذكر أن وكالات إنفاذ القانون تنظر في القضية وينتظر البرلمان توصية اللجنة بشأن متابعة إجراءات عزل رامافوزا.