سدد دونالد ترمب هدفاً لصالحه، بعد فوز مرشح الحزب الجمهوري الذي دعم الرئيس السابق ترشحه في الانتخابات التمهيدية لمقعد شاغر في مجلس الشيوخ لولاية أوهايو مؤخراً. وعلى الأرجح أن دعم ترمب المتأخر كان سبباً في إحداث فارق بهذا السباق، حيث انتهى الأمر بتقدم المؤلف والمستثمر جيمس ديفيد فانس بفارق ثماني نقاط مئوية، بعدما كان مجرد أحد المرشحين لهذا المقعد حسب استطلاعات للرأي أجريت قبل إعلان ترمب عن تأييده له. وعلى النقيض من ذلك، حلّ عضو مجلس الشيوخ الحالي عن الولاية مات دولان، الذي عارضه ترمب، ثالثاً بعد مرشح آخر موالٍ لترمب، وهو جوش مانديل، وزير الخزانة السابق للولاية.
سباقات سريعة التأثر
لكن، دعونا لا نبالغ في تقدير تأثير ترمب. حيث إن هذه النوعية من الانتخابات عادة ما يُحدث فيها أي دعم رفيع المستوى تأثيراً على نتائجها. فرغم وجود مجموعة كبيرة من المرشحين الممولين جيداً، إلا أن أياً منهم لا يمثل خياراً بديهياً للناخبين الباحثين عن المرشح ذو الميول المُحافظة بشكل "حقيقي". وفي مثل هذا النوع من السباقات الانتخابية، يمكن لأي أمر مثل نشر إعلان رائع، أو الوقوع في خطأ خلال مناظرة، أو شنّ حملات هجومية بارعة ضد المنافسين، أو الحصول على التأييد الحزبي الذي يحفز التغطية الصحفية، أن يحرك الكثير من الناخبين بشكل سريع.
لكن الأهم هنا ليس هو ما حدث بالفعل؛ إنما ما يعتقد ممثلو الحزب الجمهوري، بمن فيهم السياسيون، أنه يحدث. إذ سيتم التساؤل حول تأييد ترمب هذا، بدلاً عن (لنقل) أمور مثل التمويل الضخم الذي تبرع به الملياردير ورائد الأعمال بيتر ثيل لدعم فانس، أو أي من مميزات المرشح الجمهوري الشخصية، أو حتى أدائه في الفعاليات الانتخابية.
مع ذلك، فلا يمكن ضمان أن يكون مقعد أوهايو جمهورياً بشكل كامل بعد. فمن غير المرجح أن يكون فانس مرشحاً قوياً في الانتخابات العامة المنتظرة في نوفمبر بقدر دولان، أو زعيمة الحزب الجمهوري السابقة عن الولاية جين تيمكين، والتي حظيت بدعم عضو مجلس الشيوخ الجمهوري المتقاعد روب بورتمان. كما أن لدى الديمقراطيين أيضاً مرشحاً قوياً يتمثل بالنائب الأمريكي تيم ريان، باعتباره عضو مخضرم في الكونغرس يتمتع بسمعة وسطية وقد فاز بالترشح بسهولة.
ولاية "جمهورية" بامتياز
مع ذلك، يتحد الجمهوريون خلف فانس، بالإضافة إلى اعتبار أوهايو ولاية جمهورية راسخة. فقد سبق أن فاز بها ترمب بواقع ثماني نقاط مئوية تقريباً خلال انتخابات عامي 2016 و2020. ومن ثم، حتى لو تحسنت شعبية الرئيس جو بايدن، فإن أوهايو تبقى تمثل ولاية صعبة بالنسبة للديمقراطيين. في ظل وجود تيار محلي متزايد لدعم الجمهوريين، من المحتمل أن تشكل الولاية هزيمة ساحقة لمنافسيهم. مع ذلك، يشكل فانس سابقة بين المرشحين السياسيين، إذ تألفت حملته الانتخابية برمتها من مناشدات ترمب، ومذيع "فوكس نيوز" ذو الأداء التحريضي تاكر كارلسون، ومتشددين آخرين. من جهةٍ أخرى، ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن المرشح الجمهوري سيفشل في إدارة حملة لاجتذاب بقية الناخبين، أو أنه سيواجه مشاكل كبيرة خلال حملة الخريف الانتخابية. لكنه مع ذلك لا زال يتعين عليه جذب بقية الأصوات.
من جهة أخرى، كان المرشح الديمقراطي ريان ترشّح لفترة وجيزة سابقاً لرئاسة الولايات المتحدة خلال انتخابات عام 2020. في الواقع، انسحب المرشح بحلول أكتوبر 2019 بعد فشله في إحداث تأثير كبير، وكان أحد القلة من المرشحين الذين يضغطون لجعل الحزب أكثر اعتدالاً. وبذلك، أصبح واحداً بين اثنين من المرشحين الرئاسيين (بجانب النائب الأمريكي السابق بيتو أورورك في تكساس) اللذين يفوزان بترشيح على مستوى الولاية بعد حملات رئاسية فاشلة بشكل كبير. وكان أورورك، المرشح الديمقراطي لمنصب حاكم ولاية تكساس في الوقت الحالي، قد ترشح بالفعل لمقعد مجلس الشيوخ على مستوى الولاية؛ لكنه مثل ريان لم ينجح في تحقيق أي إنجاز يتجاوز تأمين مقعد في مجلس النواب.
الطريق إلى الرئاسة
وكانت كل من معركتي الترشح للانتخابات الرئاسية الجمهورية في 2016 والديمقراطية في 2020، شهدتا مجموعة هائلة من المرشحين. وعلى ما يبدو كانت نائبة الرئيس كامالا هاريس هي الوحيدة التي ساعدت الحزب بعد الترشح والخسارة حتى الآن، إذ لم يتبين أن أياً من المرشحين اليائسين من الفوز حقق أي هدف من خوضه للانتخابات الرئاسية. في هذا الإطار، يمثّل ريان، وإلى حد ما أورورك، مثالين في الاتجاه المعاكس. لكن مرة أخرى، الأمر الأهم في هذا الصدد هو ما يعتبره المرشحون المحتملون مستقبلاً على أنه إيجابيات وسلبيات من خوض الانتخابات دون وجود فرص كبيرة للفوز.
في الوقت نفسه، إذا كان أي شخص يبحث عن مزيد من الأدلة على الاختلاف بين الأحزاب، فإن المنافسة بين مرشحتين في الانتخابات التمهيدية لمجلس نواب أوهايو تقدم مثالاً جيداً على ذلك. فعلى الجانب الديمقراطي، خاضت النائبة الحالية شونتيل براون الانتخابات ضد منافستها نينا تورنر مرتين. ويذكر أن معظم ساسة الحزب اعتبروا تورنر، الداعمة لبيرني ساندرز، غير مناسبة للمنصب. فكانت براون قد هزمت المرشحة الجمهورية بفارق ضئيل في انتخابات خاصة أجريت في نوفمبر 2021 للفوز بالمقعد. هذه المرة، سُحقت تورنر بأكثر من 30 نقطة مئوية.
تأثير ترمب
لكن ماذا عن الجانب الجمهوري؟ في مقاطعة تضم أجزاء من كليفلاند وآكرون، تمكّن المرشح، الذي يبدو أن شهرته الرئيسية هي رسم لافتة "ترمب 2020" العملاقة في حديقته الأمامية قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، من إثارة غضب اثنين من مشرعي الولاية المعروفين. حيث يعمل كلا الحزبين على اجتذاب المتشددين في بعض الأحيان، غير أن الديمقراطيين يعملون بجد لتهميش المتعصبين منهم. بعكس الجمهوريون، الذين لا يرشحون المتعصبين وحسب، بل يعيدون اكتشاف أنفسهم ليتبعوا نهج متطرفي الحزب منهم، كما فعل فانس الذي كان - في وقت من الأوقات - أحد أعضاء حركة "ليس ترمب" (Never Trump) التي استهدفت منع الرئيس السابق من الترشح لرئاسة الحزب الجمهوري والرئاسة الأمريكية على حد سواء.
وفي الوقت الذي يدعم به الديمقراطيون ترشح كثير من الليبراليين لشغل مناصبهم السياسية. ولا يمانعون في وجود بعض أعضاء الكونغرس الليبراليين للغاية (أو المحافظين للغاية) طالما أنهم مستعدون وقادرون على إبرام صفقات مع أولئك الأكثر وسطية. إلا أن المشكلة تكمن في المسؤولين في الانتخابات الذين لا رغبة لديهم في دخول الحكم لكنهم يعارضون المساومات من حيث المبدأ، ويرون المكتب الانتخابي كنقطة انطلاق نحو الشهرة يمكنهم الاستفادة منها بسرعة. ولسوء الحظ، يندرج الكثير من المرشحين الجمهوريين ضمن فئة واحدة أو أكثر من تلك الفئات.