يواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن أسبوعاً هامّاً بعدما تدنّت شعبيته على مرّ شهور لثاني أسوأ درجة، مقارنة مع أي رئيس آخر خلال مرحلة استطلاع، بعد انقضاء نفس المدة من ولاياتهم، ليحلّ بعد دونالد ترامب. تفوّق على جيمي كارتر خلال هذا الأسبوع لينتقل إلى المرتبة الثالثة، كما يُتوقع أن يتقدم على جيرالد فورد أيضاً في غضون الأشهر المقبلة.
كان هؤلاء ثلاثة من بين أربعة رؤساء، إلى جانب جورج بوش الأب، خسروا الانتخابات الرئاسية خلال مرحلة استبيان. لذا، قد لا يكون هذا الأسبوع هامّاً!
خطة بايدن للإنفاق وُلدت ميتة.. وهذا ما تكشف عنه
بدأ بايدن رئاسته بفترة استقرار غير عادية في شعبيته، وربما دخل في فترة ثانية من هذا القبيل هذا العام. بلغت نسبة شعبيته 41.9% في 20 يناير لدى انقضاء العام الأول من ولايته. وصلت النسبة إلى 41.8% فيما أكتب هذا المقال، وكان نطاق تفاوت بحدود نقطة مئوية مما هو الآن كل يوم تقريباً على مدار الأشهر الثلاثة الماضية. كان 20 يناير بمثابة ذروة موجة فيروس "أوميكرون".
يمكن إلقاء نظرة على مخطط التأييد اليومي، المنشور على موقع مؤسسة "فايف ثيرتي إيت" (FiveThirtyEight) التي تُظهِر وصول بايدن إلى الحضيض بعد فترة وجيزة، إذ وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 40.4% في نهاية فبراير. تحسّنت هذه الأرقام مع تراجع الوباء، فقط لتتأثر مرة أخرى بالارتفاع الحادّ في أسعار البنزين في مارس، لكنها تتعافى منه ببطء مع اعتدال الأسعار. تتوافق الأرقام مع هذا التفسير، لكنها تتوافق أيضاً مع وجهة النظر القائلة إنّ بايدن حافظ على ثباته خلال الأشهر الثلاثة الماضيةـ وإنّ أي تقلبات ما هي إلا ضجيج إحصائي.
تباين احتمالات
يُحتمل أن يكون انخفاض شعبية بايدن هشاً، وأن بضعة أشهر من الأخبار الجيدة حول الوباء والتضخم قد ترفع شعبيته بقوة، ما يعني أنه لن يشكل عبئاً كبيراً على المرشحين الديمقراطيين هذا الخريف. لكن يمكن أيضاً أن تكون المعارضة قد اشتدّت، وأنه لا يُرجح تحسن شعبيته حتى إن أتت أخبار إيجابية.
ينطبق الشيء ذاته على الجانب الآخر. لم يدفع شيء حتى الآن بايدن للوصول إلى ما دون 40% التي وصل إليها أربعة من أسلافه الـ13 في هذه المرحلة من رئاستهم، كما أن ثلاثة آخرين انهاروا قبل نهاية أول عامين من ولايتهم. قد تستمر هذه النسبة حتى لو كان هناك مزيد من الأخبار السيئة، وقد يكون بايدن مُعرَّضاً لخطر الوصول إلى الثلاثينيات أو أسوأ مثل جميع الرؤساء.
يعتقد عدد غير قليل من علماء السياسة أن الشعبية ستؤول إلى نطاق ضيّق نسبياً خلال هذه الفترة من الحزبية المتشددة، وأنا من فئة ما أظنها أقلية تعتقد بإمكانية بلوغ شعبية عالية جداً وكذلك منخفضة جداً.
هل يرفع جو بايدن الحظر عن الحرس الثوري الإيراني؟
قال قطاع عريض من المشاركين في الاستطلاع إنهم سيكونون سعداء بدفع مزيد مقابل البنزين من أجل دعم أوكرانيا ومعاقبة روسيا. يُرجَّح مع ذلك أن أرقام شعبية بايدن انخفضت حين ارتفعت أسعار البنزين في مطلع مارس، وتعافت مع تراجع أسعاره خلال الأسابيع الخمسة الماضية، رغم أنها لا تزال مرتفعة جداً. لم تكن التغييرات كبيرة بما يكفي لإثبات أي شيء، لكن يبدو أن هذا بالتأكيد مثال على اكتشاف أن الأشخاص لا يجيدون توقع ردود أفعالهم تجاه الأحداث الإخبارية المحتملة.
التعطش إلى النفط يجبر بايدن على توثيق علاقات أمريكا مع السعودية
يجب أخذ هذا الشيء في الاعتبار في ما يخص مجالات أخرى أيضاً. لدى الناس أشياء متباينة يقولون إنهم يريدون القيام بها بشأن التضخم، ولكن إذا تراجع التضخم فسيكونون أكثر تفضيلاً لبايدن، بغضّ النظر عما إذا كان قد اتبع تفضيلات سياستهم أم لا، وأياً كان ما توقعوه بشأن ردود أفعالهم تجاه السيناريوهات الافتراضية.
الوباء والشعبية
ينطبق الشيء نفسه على الوباء. قد يقول الناس إنهم يريدون الإبقاء على الكمامات الطبية أو التخلص منها أو أي شيء آخر، لكن يُرجح أن النتائج، المتمثلة بعدد الإصابات والتعافي والوَفَيَات، من شأنها أن تحدد ما إذا كان الناس يعتقدون أن بايدن قام بعمل جيّد أم لا في تعامله مع فيروس كورونا. هذا لا ينطبق دائماً على كل ناخب وكل سؤال يتعلق بالسياسة بالطبع، لكن بشكل عامّ فإن النتائج، لا السياسات، هي التي تؤثر بشكل كبير في شعبية الرئيس، بغضّ النظر عما يعتقد الناس أنه يجعلهم يحبّون أو يكرهون شخصاً ما.
مؤكد أن كثيراً من الأشياء، سواء كانت موقفاً سياسياً أو القدرة على إلقاء خطاب جيد، أو مدى جودة عمل وكالة حكومية ما، لها تأثير في شعبية الرئيس بشكل هامشي. تكون هذه الأشياء في كثير من الحالات تحت سيطرة الرئيس، في حين قد يكون التأثير في عديد من النتائج المتعلقة بالصورة الشاملة أكثر صعوبة.
هل قرار التزام الكمامات لمراكز مكافحة الأمراض أم لبايدن؟
لذا، كل شيء آخر متساوٍ، فمن المنطقي أن يروّج الرؤساء لإنجازاتهم ويلقوا خطباً مثيرة ويؤكدوا سياساتهم الشعبية، ويلتزموا صمتاً نسبياً حيال سياساتهم التي لا تحظى بشعبية. نميل إلى قضاء كثير من الوقت في التحقق من كيفية قيام الرئيس بمثل هذه الأشياء لأنها، مرة أخرى، هي ما يمكن للبيت الأبيض عادةً التحكم به.
أخبرني ما الذي سيحدث للوباء والاقتصاد، بما في ذلك التضخم، على مدى الأشهر الستة المقبلة، وبعد ذلك خلال نفس المدة بعد عامين من الآن، وسأعطيك تخميناً دقيقاً بشكل مدهش حول كيف سيكون أداء الديمقراطيين في نوفمبر وانتخابات 2024.