بنك كوريا يرفع الفائدة معتبراً تنامي القروض أخطر من سلالة "دلتا"

time reading iconدقائق القراءة - 14
لي جو يول، حاكم بنك كوريا - المصدر: بلومبرغ
لي جو يول، حاكم بنك كوريا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أصبحت كوريا الجنوبية اليوم الخميس أول اقتصاد رئيسي في آسيا يرفع سعر الفائدة، مع احتمال إقرار مزيد من الزيادات في المستقبل، إذ أشار البنك المركزي إلى أن المخاطر المالية تمثل تهديداً للاقتصاد أكبر من المتأتي من تفشي الفيروس أخيراً.

اعتبر محافظ البنك المركزي لي جو يول أن رفع الفائدة ربع نقطة مئوية إلى 0.75% يبقيها ضمن نطاق مُواتٍ يدعم الاقتصاد. كما قال إن موجة الإصابة بسلالة "دلتا" المتحولة راهناً قد يكون لها تأثير سلبي أقل في النمو، إذ عدل المستهلكون سلوكهم ليتماشى مع المألوف الجديد الذي أحدثه الوباء.

ستكون قرارات السياسة النقدية طوال الأشهر المقبلة تدريجية، وسيأخذ توقيت الخطوة التالية في الاعتبار تطورات انتشار كوفيد-19 والاختلالات المالية وتحركات باقي البنوك المركزية، بما فيها "الاحتياطي الفيدرالي"، وفقاً للمحافظ.

تعكس الخطوة تحول تركيز السياسة النقدية في كوريا الجنوبية من دعم الاقتصاد إلى الحد من نمو فقاعة الأصول الذي يدفعه الاقتراض. قد تحفز ملاحظات لي أفكار محافظي البنوك المركزية والمستثمرين ومراقبي السوق، فيما يترقبون خطاب رئيس "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" جيروم باول في مؤتمر جاكسون هول، للوقوف على بعض المؤشرات بشأن كيفية وتوقيت تغيير الولايات المتحدة سياستها النقدية.

قال لي: "قررنا التركيز على التقليل من الاختلالات المالية. فيما نرفع سعر الفائدة نبدأ بعملية إعادة السياسة إلى وضعها الطبيعي بالتماشي مع تعافي الاقتصاد". أضاف لي أن بنك كوريا "لن يتسرع أو يتردد" في رفع أسعار الفائدة أكثر، وأن تحركات "الاحتياطي الفيدرالي" تمثل عاملاً مهماً "بشكل خاص" في اعتبارات البنك.

شك حول أكتوبر

عكست العقود الآجلة للسندات في كوريا الجنوبية خسائرها معاودة الارتفاع، فيما قال لي إن جو سانجيونغ عضو مجلس إدارة البنك صوّت ضد القرار، ما يقلل من احتمال رفع متتالٍ للفائدة خلال الاجتماع التالي في أكتوبر.

تراجع الوون 0.3% مقابل الدولار الأمريكي ليصل إلى 1171.25 في تمام الساعة 1:04 مساءً بتوقيت سيول.

تماشياً مع وجهة نظر لي بأن الاقتصاد سوف يصمد أمام الموجة الأخيرة من حالات الإصابة بالفيروس، أبقى بنك كوريا"توقعاته للنمو عند 4% للعام الجاري، وتوقع أن يتحسن الاستهلاك بالتزامن مع زيادة وتيرة التطعيمات وزيادة الإنفاق بالميزانية الإضافية، فيما تستمر قوة الصادرات والاستثمار. لكنه رفع أيضاً توقعاته للتضخم لتعلو فوق هدف 2.1%، وأشار الى تسارع وتيرة نمو قروض الأسر.

قال بنك كوريا إنه استند في توقعاته إلى انحسار حدة انتشار المرض منذ أكتوبر، ما سمح بتخفيف القيود.

قال كيم سانغهون، وهو محلل أدوات الدخل الثابت لدى شركة "كيه بي سيكوريتيز": "لم يستطع بنك كوريا الانتظار أكثر من ذلك، خصوصاً في ظل تركيزه على قروض الأسر والاختلالات المالية... ليس الأمر كما لو أن الاقتصاد يتدهور بسبب موجة انتشار الفيروس الأخيرة، لكن ديون الأسر شيء لا يمكن تجاهله".

تردد نيوزيلندا

تتناقض خطوة بنك كوريا نحو العودة إلى الوضع الطبيعي مع تردد بنك الاحتياطي النيوزيلندي في رفع تكاليف الاقتراض الأسبوع الماضي إبان عودة البلاد إلى الإغلاق.

كانت كوريا الجنوبية أول من بدأ تشديد السياسة النقدية على مستوى المنطقة عام 2017 بعد سلسلة من زيادات أسعار الفائدة لدى الاحتياطي الفيدرالي. بالمقارنة، تأتي حركة بنك كوريا هذه المرة قبل بدء الاحتياطي الفيدرالي بالتخفيف التدريجي، ما يدل على مستوى قلق صانعي السياسة المحليين لصالح تخفيف زخم الأسواق.

تظهر البيانات الأخيرة تماسك اقتصاد كوريا الجنوبية إلى حد كبير، وسط ارتفاع حالات الإصابة بسلالة "دلتا" المتحولة محلياً وعالمياً. وارتفعت الصادرات خلال أغسطس حتى الآن وتعززت مستويات الثقة بالأعمال التجارية، وسط استمرار حالة التفاؤل بين المستهلكين.

وزاد قلق صانعي السياسة النقدية وتصاعدت مخاوفهم من احتمال أن تزعزع الاختلالات المالية الاقتصاد لدى انضمام رئيس لجنة السياسات لدى الرئاسة إلى قارعي جرس الإنذار. وسجّل نموّ قروض الأسر أرقاماً قياسية جديدة، مؤججاً الارتفاع القائم في أسعار المنازل، إضافة إلى ارتفاع أسعار أصول أخرى.

شعبية مون

قد يدعم رفع الفائدة، إنْ كبح زيادات أسعار الأصول دون التأثير سلباً في وتيرة تعافي الاقتصاد، حزب الرئيس مون جاي في حال اعتباه موافقاً لباقي الإجراءات الحكومية. من المقرر إجراء انتخابات رئاسية في الربيع المقبل، فيما يُعَدّ ارتفاع أسعار المنازل أحد العوامل الحاسمة التي أثرت في شعبية إدارة مون.

ماذا قال اقتصاديو "بلومبرغ"؟ قال جاستن خيمينيز، خبير اقتصادي في آسيا: "نرى أن بنك كوريا يحتاج إلى المضي بحذر في ظل استمرار مخاطر انتشار الفيروس والحاجة إلى الحد من تأثير ارتفاع تكاليف الاقتراض في الأسر المثقلة بالديون. نتوقع تثبيت أسعار الفائدة حتى نهاية العام".

نبّه لي إلى أن رفع أسعار الفائدة سيُلقي بثقل محقق على طلب القروض، لكن ذلك لن يحدّ وحده من ارتفاع أسعار المنازل التي تتأثر أيضاً بالسياسات الحكومية وتوازن العرض والطلب وتوقعات الأسعار.

قال بارك تشونغ هون، الخبير الاقتصادي في بنك "ستاندرد تشارترد" في سيول: "يمكن لقرار بنك كوريا أن يغير توجهات رؤساء البنوك المركزية الأخرى ويعزز الإدراك بأن فقاعات الأصول وتأثيرها في تقسيمات الثروة قضية مهمة للغاية... كما يمكن النظر إلى هذه الخطوة الأولى على أنها إشارة لتتبعها دول أخرى".

يبقى هذا العام اجتماعان آخران لبنك كوريا يراجع فيهما أسعار الفائدة، وتنتهي ولاية لي الثانية محافظاً للبنك في مارس 2022.

تصنيفات