رحلة رائد أعمال من الفشل في وادي السيليكون إلى حصد المليارات في اليابان

time reading iconدقائق القراءة - 6
تاكانوري ناكامورا. - المصدر: بلومبرغ
تاكانوري ناكامورا. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في عام 2015، قرر تاكانوري ناكامورا، الانسحاب من وادي السيليكون، بعد فشل مشروع برنامجه للتسويق عبر الهاتف المحمول، وقرر حينها تركيز جهده بالكامل على وطنه الأم اليابان.

ويبدو أن هذه الجهود باتت تؤتي ثمارها حالياً. إذ ارتفعت قيمة أسهم شركته "راكوس" (Rakus) بأكثر من 4500% منذ طرحها للاكتتاب العام الأولي في طوكيو، في ذلك العام، لتصبح واحدة من أفضل الشركات أداءً في المؤشر الرئيسي للأسهم بالبلاد.

الثروة

يمتلك ناكامورا حصة نسبتها 34% من الشركة التي تقدم نظاما يختص بالنفقات، يعمل من خلال الحوسبة السحابية، ويشغل ناكامورا منصب الرئيس والمدير التنفيذي للشركة.

وقد شهد ناكامورا ارتفاع صافي ثروته إلى ما يقرب من 1.8 مليار دولار، بحسب "مؤشر بلومبرغ للمليارديرات".

وتنضم "راكوس" كأحدث إضافة لقائمة الشركات اليابانية الناشئة التي تُسهم في خلق ثروات هائلة لمؤسسيها، وذلك إثر القفزات التي تحققها أسهمها بعد طرحها للاكتتاب العام.

كما قدمت الشركة أيضاً مثالاً على كيفية تطبيق بعض من أهم الشركات ذات الأسهم الأبرز حالياً في البلاد لتقنيات في أعمالها مثل الذكاء الاصطناعي أو الحوسبة السحابية، وإدخالها في جوانب ممارسة الأعمال، من تلك التي يمكن وصفها بأنها عادية.

فيما يتعلق بثروته المستحدثة، قال ناكامورا: "لا أشعر بأن الأمر حقيقي، فكل ما أردته هو أن أستطيع تناول الطعام بالخارج دون أن أقلق بشأن تكلفته. أشعر بامتنان شديد لأنني لست مضطراً لذلك بعد الآن".

نحو الريادة

في صباه، أحب ناكامورا، صاحب الـ 48 عاماً، قراءة القصص التي تنتقل فيها الشخصيات من الفقر نحو الثراء، ثم عندما كان في مرحلة المدرسة الثانوية قرر أنه يريد أن يصبح رجل أعمال. وبعد تخرجه من "جامعة كوبه"، انضم إلى فريق عمل عملاق الاتصالات الياباني "نيبون تلغراف أند تلفون"، في عام 1996، لكنه استقال من عمله بعد نحو عام من ذلك.

وكان الملياردير قد أسس شركة قبل "راكوس" عام 2000، تختص بتدريب المهندسين على استخدام نظام "لينكس"، وهو نظام تشغيل إلكتروني مفتوح المصدر.

ثم بعد ذلك انخرطت شركته في مجالات مختلفة، مثل خدمات البريد الإلكتروني، وتقديم نظام يعمل على أتمتة معالجة البيانات.

ثم في عام 2009، أطلقت الشركة ما أصبح اليوم بمثابه عملها الرئيسي، وهو برنامج يُسمى "راكو راكو سيسان" (Raku Raku Seisan)، والذي يعني اسمه باللغة الإنجليزية "سهلة، التسوية، سهلة". وهو نظام يتيح للعمّال تسجيل تقارير نفقاتهم عبر الإنترنت، ثم طورته الشركة ليصبح برنامجاً يعمل على الهاتف المحمول.

تعثّر البدايات

هذا البرنامج الذي قدمه حينها فشل في بداية طرحه، وفي الوقت ذاته، كان ناكامورا قد وضع النجاح في وادي السيليكون نصب عينيه. حيث طور برنامجاً يساعد الشركات على معرفة مدى فعالية عملياتها التسويقية على شبكات التواصل الاجتماعي، وبناء على ذلك تستطيع تحديد قرار الإبقاء على الإعلانات أو إيقافها.

يقول ناكامورا: "اعتقدت أننا بحاجة إلى أن نبدأ أعمالنا في الأسواق الخارجية"، وذلك نظراً لانخفاض عدد سكان اليابان.

لكن هذه الخطوة فشلت، إذ لم تستطع "راكوس" منافسة الشركات الأمريكية الناشئة، والتي كانت تضخ مبالغ ضخمة في أعمالها التجارية، وفقاً لناكامورا.

وأوضح: "كان الأمر أكبر مما ينبغي بالنسبة لنا. أدركت أنه، وبالنظر إلى الموارد التي كانت متاحة لدينا، فإن فرصنا في النجاح ستكون أفضل إذا وضعنا كل مواردنا وجهودنا في سوقنا المحلية".

ثم، في ديسمبر 2015، تم طرح "راكوس" للاكتتاب العام في بورصة طوكيو.

السوق المحليّة والتوسع

مع تنامي شعبية الهواتف الذكية في اليابان، بدأ برنامج "راكو راكو سيسان" في الانطلاق. وحالياً، أصبحت الخدمة تضم أكثر من 8 آلاف عميل من مختلف الشركات، حسبما ذكرت "راكوس".

وفي أكتوبر الماضي، بدأ تاكاشي ميازاكي، المحلل لدى "غولدمان ساكس"، تغطية سهم "راكوس" ووضع تصنيفاً محايداً له، قائلاً إن الشركة لديها إمكانيات كبيرة للنمو على المدى المتوسط ​​إلى الطويل. وفي مارس، رفع تقييمه للسهم لوضع الشراء.

وأضاف ميازاكي عبر الهاتف: "(راكوس) لديها مجموعة واضحة مستهدفة من العملاء لكل منتج من منتجاتها. هذه الاستراتيجية تعمل بشكل جيد للغاية".

تعتقد "راكوس" أن هناك نحو 100 ألف شركة صغيرة ومتوسطة الحجم في اليابان يمكنها استخدام برنامج النفقات الخاص بـ"راكوس".

وعن ذلك، يقول ناكامورا إن هدف الشركة الأولي هو تحقيق مكاسب تجارية من 20 ألف شركة من هذه الشركات.

العاملون من المنازل

في الوقت نفسه، من المتوقع أن تستفيد الشركة من الأشخاص الذين يعملون من المنازل ويحتاجون إلى تقديم تقارير نفقاتهم عبر الإنترنت. وذلك حسبما كتب هيروكو ساتو، المحلل لدى مجموعة "جيفريز"، في تقرير أعده يونيو الماضي.

وقد قيّم ساتو السهم عند "الاحتفاظ"، وقال إن السهم بالفعل قد تم تداوله بسعر أعلى من نظرائه. وقد تفوقت قيمة "راكوس" بـ 423 ضعف الأرباح التقديرية، وفقاً لبيانات "بلومبرغ".

وأعلنت الشركة عن تسجيل أرباح تشغيلية بقيمة 3.9 مليار ين (35.2 مليون دولار)، وذلك عن العام المالي المنتهي في مارس الماضي، وذلك يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف ما حققته الشركة قبل عام، حيث بلغت آنذاك قيمة الأرباح التشغيلية 1.2 مليار ين.

استراتيجية إنفاق

يتوقع كل من ساتو و ميازاكي، من "غولدمان ساكس"، تباطؤ نمو أرباح الشركة هذا العام، حيث تنفق الشركة بكثافة على الحملات التسويقية بهدف الاستحواذ على حصة سوقية أكبر.

في حين أن ناكامورا يقول إن الإنفاق بشكل كبير لضمان النجاح في المستقبل هو أحد الدروس التي تعلمها من وادي السيليكون.

وقال: "إذا لم تُنفق على التكاليف التسويقية، فلن تتمكن من بيع منتجاتك".

وأضاف أن المبلغ الذي يتم إنفاقه يحدد "الحصة التي يمكنك الحصول عليها من الشطيرة".

وبغض النظر عما يحدث في الشركة، يقول ناكامورا إن كونه مليارديراً لن يغير حياته. فقد قال: "تناولت أرز ماتسويا بالكاري على الغداء اليوم"، في إشارة إلى مطعم ياباني يمكن أن تكلّف سعر الوجبات فيه أقل من 10 دولارات.

تصنيفات

قصص قد تهمك