بلومبرغ
بعد أكثر من عام من التكيف مع العمل من المنزل، ربما تحتاج الشركات إلى التفكير في إجراء تعديلات شاملة للمكاتب لإغراء الموظفين للعودة إليها مرة أخرى.
وهذه هي مهمة شركة "بيبر سبيس آسيا" (Paperspace Asia)، وهي شركة صغيرة في جنوب شرق آسيا تربط المصمِّمين، ومستشاري الإضاءة، ومهندسي الصوت، مع شركات تكافح مع واحدة من أكبر التحديات العالمية التي تواجه سوق العمل بعد "كوفيد".
وبالنسبة إلى ناريتا تشياه، المؤسس المشاركة ومديرة "بيبر سبيس آسيا"؛ فإنَّ المساحات المكتبية يجب أن تدلَّ على "المشاركة الوجدانية والتعاون". كما تحدد ثلاثة مبادئ رئيسية في هذا الموضوع، وهي الأشخاص أولاً، ثم مساحات العمل الديناميكية والهادفة، وثقافة التجربة.
رأس المال البشري
تقول تشياه: "هناك وعي عام أكبر بما يجب أن تبدو عليه الرفاهية الآن عند عودة الموظفين إلى العمل". وتتساءل: "هل يحصل الموظفون على أفضل إمكانية للوصول إلى ضوء النهار الطبيعي؟، وأي نوع من المرافق المريحة تجد في المكتب، فضلاً عن أنَّ المزيد من الإطارات الاجتماعية لبناء رأس المال البشري أصبح أمراً أساسياً حقاً. فهل يمكنك فعل ذلك في المكاتب الموجودة في كلِّ منطقة العمل المشتركة، وغرفة الطعام الصغير في الزاوية؟ أشكُّ في ذلك".
جدير بالذكر أنَّ العمال في المناطق التي انحسر فيها الفيروس، واستمرت فيها حملة التطعيمات بلا هوادة، ليسوا متحمِّسين للعودة إلى مكاتب العمل.
خلال الشهر الماضي، استشهد محللو "إتش إس بي سي هولدينغز" ببيانات شركة "كوليرز إنترناشيونال". ووجدوا أنَّ 82% من الموظفين حول العالم يريدون العمل عن بُعد يوماً واحداً على الأقل أسبوعياً، في المستقبل. كما أظهر استطلاع منفصل أجرته مجموعة "سي بي آر إي" أنَّ أغلبية الموظَّفين يسعون للعمل عن بُعد يومين إلى ثلاثة أيام في الأسبوع.
ولن تشهد مكاتب العمل القضاء على صالات العمل المشتركة فحسب، بل "يجب أن تكون المكاتب أماكن ساحرة" أيضاً، بحسب شركة "ماكنزي إند كومباني". وقد ظهرت عروض "بيبر سبيس آسيا" بالكامل في بداية مايو الجاري في مركز التصميم الوطني في سنغافورة، الذي يضمُّ المقر الإقليمي للشركة. إذ يمكن للزوار اختبار مجموعة من المقاعد، والإضاءات، وأجهزة الصوت وغيرها من الأثاث الموجود في كتالوج الشركة. وتأتي هذه الخطوة كجزء من معرض مدعوم من قبل مجلس التصميم في سنغافورة، وهو وكالة حكومية.
العمل في المستقبل
كذلك انصبَّ التركيز الكبير على الكفاءة في استغلال المساحة، في محاولة لمواءمة واقع الذهاب إلى المكاتب في المستقبل مع القيمة التي ترغب الشركات في دفعها. وذكر تقرير "ماكنزي" أنَّ "تخصيص 70% من المساحات بشكل تقليدي للطاولات والمكاتب يواجه تحديات أساسية". وبالإضافة إلى التفكير في مزيج الخيارات في "المكتب المُهجن"، من الواضح أنَّ إعادة التصميم تأتي بثمن باهظ.
وبرغم أنَّ العديد من الشركات أعربت عن اهتمامها بكيفية بناء هذا الفضاء "السحري"، إلا أنَّ تشياه قالت، إنَّهم كانوا أبطأ في اتخاذ إجراءات حاسمة. وأوضحت أنَّ الشركات التي لديها عقود إيجار عقارات تجارية تنتهي صلاحيتها خلال الأرباع السنوية القادمة في سنغافورة يجب أن تسعى للبدء من الصفر.
في الوقت نفسه، يقول جيل العمال الأصغر سناً (حتى قبل كوفيد)، إنَّهم يعطون الأولوية للمرونة وطبيعة التفكير المستقبلي للمنظمات مقارنة بالراتب. ويمكن أن ينظر هذا الجيل على الأرجح إلى الحفلات الافتتاحية في الشركات التي تتشبّث بالإعدادات التقليدية، والخطوات الروتينية. وهذا يعني أيضاً مراعاة العوامل المناخية والبيئية، فضلاً عن الرقمنة عند تجهيز المكاتب.
وكتب محللو "إتش إس بي سي": "هناك صلة قوية بين مستوى وعمق الرقمنة والإنتاجية". وأوضحوا: "العقارات ليست أقل القطاعات الاقتصادية رقمنة، لكن من الواضح أنَّه ما تزال هناك فرص عديدة أمامها لاستغلالها".