بلومبرغ
التمييز ضد العمال على أساس العمر ممارسة غير قانونية في دول عديدة. مع ذلك، يقول خبراء القانون إن مثل هذه المعاملة غير العادلة، خاصة للعمال الأكبر سناً، منتشرة على نطاق واسع. يشكّل التمييز القائم على أساس العمر مصدر قلق متزايد في الاقتصادات المتقدمة مع تقدم قوتها العاملة في العمر بشكل متزايد.
1- ما التمييز القائم على أساس العمر؟
التمييز العمري يظهر عندما يتضرر شخص ما أو يُعامل بشكل غير عادل بسبب العمر، ويمكن لكل من الشباب وكبار السن مواجهته.
في الولايات المتحدة، ينطبق القانون الفيدرالي للتمييز القائم على العمر في العمل (ADEA) لعام 1967 فقط على أولئك الذين يبلغون من العمر 40 عاماً أو أكثر، رغم أن بعض قوانين الولايات تخص فئة الشباب. هذا القانون يحمي المتقدمين للوظائف والموظفين من التعرض للتمييز في التوظيف والترقية وإنهاء الخدمة والمكافآت وشروط أو أحكام أو امتيازات التوظيف.
يشمل قانون المساواة في المملكة المتحدة لعام 2010 كلاً من التمييز المباشر، وهو عندما يُعامل الموظف بشكل مختلف عن الآخرين بسبب العمر، والتمييز غير المباشر، عندما تفرض سياسات أو إجراءات العمل وضعاً سيئاً على فئة عمرية معينة. يشمل القانون أيضاً التعرض للمضايقات، مثل إذلال أو إساءة أو إهانة شخص ما بسبب عمره، والإيذاء، مثل معاملة شخص ما بشكل سيئ لممارسة التمييز على أساس العمر.
2- ما مدى شيوع التمييز القائم على العمر؟
تشير استطلاعات الرأي إلى أن التمييز العمري شائع جداً في أماكن العمل، ويبدو أنه منتشر بشكل خاص في قطاعي التكنولوجيا والتمويل. في استطلاع أجرته الجمعية الأميركية للمتقاعدين (American Association of Retired Persons) في عام 2018، أفاد 61% من العمال الذين يبلغون من العمر 45 عاماً أو أكثر برؤيته أو تجربته.
وجدت دراسة أخرى أجراها المعهد الحضري (Urban Institute) ومجموعة "برو بابليكا" (ProPublica) ونشرت في العام ذاته أن 56% من العمال البالغين من العمر 50 عاماً أو أكثر طُردوا من وظائفهم التي شغلوها لفترة طويلة قبل اختيار التقاعد. وتشير الأبحاث إلى أن التمييز ضد المتقدمين للوظائف من فئة المسنين منتشر، فعندما قدّم الباحثون إلى أرباب العمل سيرا ذاتية وهمية مصممة لتكون متطابقة قدر الإمكان باستثناء العمر، تلقى المتقدمون الأكبر سناً ردوداً أقل مقارنةً بالأصغر سناً.
3- هل الجنس والعرق عاملان في هذا التمييز؟
نعم. ففي إحدى الدراسات التي استخدمت سيراً ذاتية وهمية، وجد الباحثون أن التمييز يكون أكثر حدة ويبدأ في وقت مبكر بكثير مع النساء الأكبر سناً مقارنة بنظرائهن من الرجال. في استطلاع الجمعية الأميركية للمتقاعدين، أفادت نسب مرتفعة بشكل غير متناسب من النساء والعمال السود (64% و 75% على التوالي) أنهم شهدوا أو يعانون من التمييز العمري. في المملكة المتحدة، تتزايد الشكاوى المتعلقة بالتمييز، والتي تشمل انقطاع الطمث مع استعداد مزيد من النساء المتقدمات في السن لتحدي الشركات التي تفشل في التعرف على احتياجاتهن الصحية.
4- ما مدى شيوع الدعاوى القضائية؟
رُفع ما يزيد قليلاً عن 14 ألف دعوى تمييز عمري في عام 2020 في محاكم العمل في المملكة المتحدة، والتي تنظر في النزاعات القانونية المتعلقة بقانون العمل. بعضها تضمن شكاوى إضافية تتعلق بالإعاقة على سبيل المثال. ووفقاً لوزارة العدل، ارتفع عدد الشكاوى بسبب الوباء، ما دفع أعداداً كبيرة من الموظفين الأكبر سناً إلى ترك عملهم في وقت أقرب مما كان متوقعاً، وبعضهم ترك العمل قسرياً. في الولايات المتحدة، تم تقديم نحو 13 ألف شكوى في عام 2021 بموجب قانون التمييز القائم على العمر في العمل، لكن هذه الأرقام لا تشمل الدعاوى المرفوعة بموجب قوانين الولاية. يقول خبراء القانون إن عدد الشكاوى يمثّل جزءاً صغيراً من الحوادث الفعلية.
5- لماذا تُعدّ الدعاوى القضائية نادرة نسبياً؟
لسبب واحد، وهو تسوية العديد من القضايا خارج المحكمة، ويجري ذلك بشكل كبير من خلال مدفوعات إنهاء الخدمة للموظفين الأكبر سناً الذين فُصلوا من العمل، حسبما يقول المحامون. في حالات أخرى، قد لا يعرف الموظفون حقوقهم أو يتعرضون للترهيب من رفع دعاوى، وقد لا يكون لدى المتقدمين للوظائف دليل على رفضهم بسبب أعمارهم.
6- هل يمكن تبرير التمييز على أساس العمر من الناحية القانونية؟
نعم. يختلف العمر عن الجنس والعرق في المملكة المتحدة، إذ يسمح القانون لأرباب العمل بالتمييز على أساسه إذا كان بإمكانهم إثبات أن أفعالهم مبررة لأسباب تتعلق بالصحة أو السلامة أو اللياقة البدنية مثلاً. فعلى سبيل المثال، يضطر الطيارون المسجلون في المملكة المتحدة للتقاعد من الطيران عند وصولهم سن 65 عاماً، رغم أن سن التقاعد الإلزامي غير دستوري بشكل عام. في الولايات المتحدة، يوفر قانون التمييز القائم على العمر في العمل إعفاءً مماثلاً لحظر التقاعد الإلزامي، إضافة إلى تقديم استثناء لبعض الموظفين في المناصب التنفيذية.
7- ما مدى صعوبة كسب الدعوى القضائية؟
مثل أي قضية تمييز أخرى، قد يكون من الصعب كسب دعاوى التمييز العمري. في محاكم العمل في إنجلترا وويلز، بلغ معدل نجاح مثل هذه القضايا نحو 2% في عام 2021، وفقاً لبيانات جمعتها شركة المحاماة "جي كيو ليتلر" (GQ Littler). أما في الولايات المتحدة، وبسبب قرار المحكمة العليا لعام 2009، يلزم إثبات أن العمر كان العامل الحاسم في الإجراء الذي اتخذه رب العمل. التشريع المقدم إلى الكونغرس الأميركي في عام 2021 سينص على أنه يكفي إثبات أن العمر كان عاملاً محفزاً، كما هو الحال مع دعاوى التمييز على أساس العرق والجنس.
8- ما مقدار المال الذي يمكنك الحصول عليه وفقاً للدعوى القضائية؟
عادةً تُحدّد تعويضات الفصل التعسفي في محاكم العمل بالمملكة المتحدة بما يزيد قليلاً على 93 ألف جنيه إسترليني (112,430 دولار)، لكن إذا ثبت التمييز، فلا يُطبّق حد أقصى وتكون التعويضات غير محدودة. هناك مصرفي في مجموعة "سيتي غروب" فُصل من العمل بعد أن حاز على لقب "كبير السن" في عمر الـ55 عاماً، وقد كسب دعوى تمييز على أساس العمر في عام 2020 وحصل على نحو 2.7 مليون جنيه إسترليني، رغم قبول استئناف "سيتي" في يوليو لإعادة النظر في الدعوى القضائية.
حتى الآن، كان أكبر قرار متخذ ضمن قانون التمييز القائم على العمر في العمل يتمثّل في دعوى قضائية ضد نظام تقاعد الموظفين العموميين في كاليفورنيا وخطة المعاشات التقاعدية لموظفي الولاية رفعها 1700 ضابط شرطة ورجال الإطفاء وغيرهم من موظفي السلامة الذين يعانون من إعاقة، والذين خُفضت استحقاقات الإعاقة الخاصة بهم بناءً على أعمارهم عند تعيينهم، وفقاً للجنة تكافؤ فرص العمل (Equal Employment Opportunity Commission)، وهي وكالة حكومية تطبّق القوانين الفيدرالية ضد التمييز في مكان العمل. ووافق مدير المعاشات التقاعدية على دفع 250 مليون دولار لتسوية الدعوى القضائية في عام 2003.
9- ما أهمية القوى العاملة من كبار السن؟
تشير التقديرات إلى أن نحو ربع العاملين في الدول المتقدمة سيتجاوزون الـ55 عاماً بحلول عام 2030. من هذا المنطلق، يقول خبراء العمل إن أرباب العمل سيحتاجون إلى الحد من التحيز ضد هذه المجموعة لضمان شغل الوظائف الشاغرة في المستقبل.