مادة إعلانية
صحة ودواء

"الملك فيصل التخصصي" و"إلومينا" تتعاونان لمواجهة الأمراض النادرة في السعودية

تسلسل الجينوم الكامل قادر على إحداث ثورة بمجال الرعاية الصحية

time reading iconدقائق القراءة - 13
طبيب يختبر جهاز التسلسل الجيني (NovaSeq™ X Plus) - المصدر: بلومبرغ
طبيب يختبر جهاز التسلسل الجيني (NovaSeq™ X Plus) - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

يمثل الفهم العميق للجينوم تحولاً كبيراً في القدرة على علاج الأمراض الجينية النادرة وغير المشخصة بطرق فعالة ومؤثرة. ويلعب التسلسل الجيني دوراً محورياً في تحديد العوامل الجينية الكامنة لدى المرضى، حيث يُعتبر تسلسل الجينوم الكامل معياراً أساسياً للرعاية الصحية، وله القدرة على إحداث ثورة في هذا المجال بفضل توفيره لمعلومات دقيقة حول الجينوم البشري.

تتيح تقنيات معالجة وتحليل البيانات الجينومية للجيل القادم من الباحثين والأطباء قيادة مستقبل الطب الشخصي، حيث يمكن تخصيص العلاج وفقاً للخريطة الجينية لكل فرد، حيث تُعد الأمراض الجينية النادرة مشكلة عالمية تؤثر على حوالي 350 مليون شخص حول العالم.

منذ عام 2001، انخفضت تكلفة تسلسل الحمض النووي بما يزيد عن 100 ألف مرة، من 100 مليون دولار أميركي لكل جينوم بشري إلى نحو ألف دولار أميركي، ما يوفر وصولاً واسع النطاق لهذه التقنية المتقدمة عالمياً.

انتشار عالٍ للأمراض النادرة في السعودية

تعاني السعودية من انتشار مرتفع للأمراض الجينية النادرة، ورغم جهود الحكومة للحد من عبئها، فإن الكثير من العائلات تقضي سنوات في البحث عن إجابات، ما يتركهم تحت وطأة التجول بين الأطباء والاختبارات دون الحصول على تشخيص دقيق.

بحسب نائب المدير التنفيذي لمركز الطب الجينومي بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتور أحمد الفارس، فإن تسلسل الجينوم الكامل (Whole-Genome Sequencing- WGS) يحمل إمكانيات كبيرة في تحديد مؤشرات جينية جديدة للأمراض المنتشرة بين السعوديين، حيث إن التركيب الجيني الفريد المتأثر بمعدلات عالية من زواج الأقارب، يؤدي إلى نسب أعلى لبعض الأمراض الوراثية.

ومن خلال تطبيق تسلسل الجينوم الكامل على نطاق واسع، يقول الفارس لـ"الشرق" إنه يمكن تحديد المتغيرات الجينية المرتبطة بالأمراض الشائعة مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والعديد من أنواع السرطان، وكذلك المتغيرات الجينية النادرة، ما يسهم في تطوير علاجات مستهدفة وطرق الطب الشخصي التي تتناسب مع السمات الجينية. وفي النهاية، يمكن لتطبيق تسلسل الجينوم الكامل أن يؤدي إلى الوقاية الأكثر فعالية، والتشخيص المبكر، وخطط العلاج الفردية، مما يحسن النتائج الصحية ويعزز مجال الطب الدقيق في المملكة العربية السعودية.

مذكرة التفاهم مع "إلومينا"

وقعت شركة "إلومينا"، المتخصصة بمجال التسلسل الجينومي، مذكرة تفاهم مع مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لإدخال جهاز التسلسل الجيني المبتكر (NovaSeq™ X Plus)، الأول من نوعه في السعودية. ويعد هذا الجهاز بتسريع الاكتشافات الجينية وتحقيق تقدم في صحة الإنسان.

يمثل جهاز (NovaSeq™ X Plus) المعيار الجديد في تكنولوجيا التسلسل الجيني، حيث يسهّل تحقيق اكتشافات يمكن أن تعزز نتائج المرضى بطرق غير مسبوقة، كما يمكنه معالجة كميات كبيرة من البيانات الجينومية بسرعة ودقة، ما يتيح للأطباء والباحثين تحليل الجينوم البشري بشكل أكثر شمولية وتفصيلاً.

 

تقول نائبة الرئيس الأول لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا في "إلومينا" جريتشن ويتمن لـ"الشرق" إن جهاز (NovaSeq™ X Plus) قادر على إنتاج أكثر من 20 ألف جينوم كامل في السنة، وهو ما يعادل 2.5 ضعف إنتاجية أجهزة التسلسل السابقة. وأضافت: "هذه التطورات تسرّع بشكل كبير وتيرة الاكتشافات العلمية المنقذة للحياة، ما يعطينا فهماً أكبر للأمراض، وفي النهاية تغيير حياة المرضى".

وعن إدخال الجهاز الجديد إلى السعودية، قالت ويتمن، إن "لدى مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث رؤية ليصبح مركزاً بحثياً رائداً في المملكة، وأن يُحدث تغييراً"، مضيفة: "تضمين جهاز (NovaSeq™ X Plus) ضمن مجموعة التكنولوجيا لديها سيساعد بشكل كبير مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث على تحقيق رؤيتهما. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لتسلسل الجينوم الكامل (WGS) اكتشاف الطفرات الجينية المحتملة قبل ظهور الأعراض، ما يساعد المتخصصين في الرعاية الصحية على التخطيط وبدء العلاج لمنح المرضى أفضل فرصة للبقاء على قيد الحياة ويمنحهم جودة الحياة. كل هذا يساعد السعوديين على العيش لفترة أطول وأكثر إنتاجية".

وفقا للاتفاق بين الجانبين، سيقدم فريق "إلومينا" تدريباً ميدانياً لموظفي مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، يغطي جميع جوانب تشغيل وصيانة وحل مشكلات جهاز  (NovaSeq™ X Plus). وأضافت ويتمن: "بالإضافة إلى التدريب، نقدم مجموعة واسعة من الموارد عبر الإنترنت المصممة لدعم التعلم المستمر وتطوير المهارات لموظفي شركائنا، ما يسمح لهم بالبقاء على اطلاع بأحدث التطورات في تكنولوجيا التسلسل".

مبادرة "الجمل الصغير"

يمكن أن يكون للفحص الجيني قبل الولادة ولحديثي الولادة تأثير حقيقي على المرضى في المملكة، وتمكين للعائلات في فهم أفضل للحالات النادرة، ووضع خطط رعاية متخصصة، وفي بعض الحالات، اكتشاف علاجات جديدة لم تكن ممكنة في السابق. 

ضمن اتفاق الشراكة بين الجانبين، تأتي مبادرة "الجمل الصغير" التي تركز على 150 مولوداً جديداً يُشتبه في إصابتهم بأمراض وراثية. وبحسب الدكتور أحمد الفارس، فإنه "من خلال دمج تسلسل الجينوم الكامل في رعاية المواليد الجدد، يأمل الفريق في بدء العلاجات المناسبة في أقرب وقت ممكن، ما يحسن النتائج للأطفال المصابين"، حيث يمنح هذا الابتكار أطباء الأطفال حديثي الولادة القدرة على اتخاذ قرارات مدروسة بشكل أفضل، واختيار استراتيجيات العلاج الأكثر ملاءمة بناءً على فهم شامل للاضطراب الجيني، وتقليل تكاليف الرعاية الصحية عن طريق تجنب الفحوصات والعلاجات غير الضرورية.

 

وأضاف الفارس أنه "يمكن تطبيق النهج والرؤى التي تم تطويرها من مشروع الجمل الصغير بشكل فعال على المرضى البالغين الذين يُشتبه في إصابتهم بأمراض وراثية، بما في ذلك السرطان، حيث يمكن لتسلسل الجينوم الكامل السريع تقليص الفترة التشخيصية للبالغين بشكل كبير، ما يسمح بالتدخلات العلاجية الدقيقة في الوقت المناسب. على سبيل المثال، يمكن أن يُسهم تحديد التشوهات الجينية التي تجعل الأفراد عرضة لأنواع معينة من السرطان في استراتيجيات الكشف المبكر والوقاية". 

وعن آلية عمل المبادرة، قال الفارس إن "دمج تسلسل الجينوم السريع في سير العمل السريري يتضمن عدة خطوات. في البداية، يجب على أطباء الأطفال حديثي الولادة تحديد المرشحين لتسلسل الجينوم الكامل السريع بناءً على العلامات السريرية وتاريخ العائلة. بعد تسلسل الحمض النووي، سيقوم علماء الجينات بتحليل النتائج وإدراجها في السجل الطبي للمريض. وستوجه هذه المعلومات الجينية القرارات الطبية، ما يسمح بخيارات علاجية أكثر تفصيلاً ودقة".

رفع جودة الرعاية الصحية وخفض التكاليف

من المرجح أن يُحدث إدخال تسلسل الجينوم الكامل تحولاً في الفحص الجيني والبحث السريري، خاصة في سياق الأمراض النادرة، حيث تمكّن البيانات الضخمة التي يوفرها تسلسل الجينوم الكامل من الكشف عن العلاقات بين الجينات والأنماط الظاهرية، ما يفسر الأسس الجينية للعديد من الاضطرابات. 

وبحسب الفارس، يظهر تسلسل الجينوم الكامل كركيزة أساسية في الرعاية الصحية الحديثة بسبب نهجه الشامل. من خلال مسح الجينوم الكامل، يمكن لتسلسل الجينوم الكامل اكتشاف كل من المتغيرات الجينية الشائعة والنادرة التي تساهم في الأمراض. 

وأضاف: "هناك العديد من الحالات التي حسّن فيها تسلسل الجينوم السريع النتائج بشكل كبير للأطفال حديثي الولادة. على سبيل المثال، في حالات الأمراض الأيضية غير المكتشفة، يمكن لتسلسل الجينوم السريع تحديد الطفرة الجينية الدقيقة، ما يسمح بإدخال تغييرات غذائية منقذة للحياة. مثال آخر، هو اكتشاف الطفرات القابلة للعلاج في الجينات المرتبطة بنقص المناعة الشديد، والذي يمكن أن يؤدي إلى علاجات مبكرة وقابلة للشفاء مثل زرع نخاع العظم".

من بين المزايا الأساسية لتسلسل الجينوم السريع، القدرة على إنقاذ الأرواح من خلال تمكين قرارات علاجية دقيقة وتجنب التدخلات الطبية غير الضرورية، والتخفيف من معاناة الأطفال وأسرهم من خلال توفير تشخيصات دقيقة وتوصيات علاجية قابلة للتنفيذ، ما يؤدي إلى علاجات فورية وفعالة. وعلى مستوى أوسع، فإن دمج تسلسل الجينوم الكامل السريع في رعاية الأطفال حديثي الولادة يضع معايير جديدة للطب الدقيق، ويعزز التحول نحو استراتيجيات علاج أكثر تخصيصاً وكفاءة، وبالتالي تحسين استخدام الموارد داخل النظام الصحي، ما يقلل من التكاليف الإجمالية مع تحسين جودة الرعاية، بحسب الفارس.

تعاون واسع وفرص كبرى

الشراكة بين "إلومينا" ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، تفتح الباب أمام التعاون في مجالات عدة، من بينها الاضطرابات الجينية النادرة، حيث يمتلك مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث سجلاً قوياً في دراسة وعلاج الأمراض النادرة، كما تؤكد جريتشن ويتمن. 

التعاون بين الطرفين أيضا يمتد إلى الأورام الدقيقة، فمن خلال جهاز (NovaSeq™ X Plus)، يمكن إجراء تحليل جينومي شامل لمرضى السرطان في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وتحديد التغيرات الجينية الرئيسية التي تحفز نمو الأورام. ويمكن لهذه المعلومات أن توجه استراتيجيات العلاج الشخصية، ما يحسن النتائج للمرضى ويعزز فهمنا لبيولوجيا السرطان.

 

بالإضافة إلى ذلك، يعمل مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث على تنفيذ مشروع سريري لفحص حديثي الولادة لتقييم قيمة تسلسل الجينوم الكامل في الأطفال حديثي الولادة بوحدة العناية المركزة لحديثي الولادة (NICU) بين مستشفيات السعودية.

وبحسب ويتمن، فإن "هناك فرصاً للتعاون في مجال علم الجينوم، حيث "تمتلك السعودية تبايناً جينياً فريداً، ومن خلال الشراكة مع مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، يمكننا استكشاف التنوع الجيني لدى السعوديين، وتحديد العوامل الجينية التي تسهم في الصحة والمرض. ويمكن أن توجه هذه المعرفة استراتيجيات الصحة العامة وتطوير تدخلات مستهدفة للمرضى".

تحديات مستقبل تسلسل الجينوم الكامل

رغم الآفق الواعدة التي يطرحها مشروع تسلسل الجينوم الكامل، فإن هناك تحديات عدة لا تزال تواجهه، أولها تكلفة تسلسل الجينوم الكامل، التي لا تزال استثماراً كبيراً لأنظمة الرعاية الصحية. في المقابل، تقول "إلومينا" إنها تعمل باستمرار على خفض تكلفة التسلسل، وإن جهاز (NovaSeq™ X Plus)، الذي يمكنه إنتاج المزيد من البيانات بتكلفة أقل لكل جينوم، يمثل دليلاً على الالتزام بجعل تسلسل الجينوم الكامل أكثر توفراً. 

ومن بين التحديات أيضاً، تفسير وتطبيق البيانات الناتجة عن تسلسل الجينوم الكامل، حيث إن الجينوم البشري معقّد، وتفسير الكمية الهائلة من البيانات التي ينتجها تسلسل الجينوم الكامل يتطلب خبرة متخصصة وأدوات معلوماتية حيوية متقدمة. وتنوّه "إلومينا" بأنها تسعى لمواجهة هذا التحدي عبر تطوير حلول برمجية متطورة، مثل منصة (DRAGEN™ Bio-IT)، التي تبسط تحليل وتفسير البيانات.

مستقبل الرعاية الصحية في المملكة

بحسب "إلومينا" ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، فإن الشراكة بينهما لا تساهم فقط في تحسين الرعاية الصحية في المملكة، بل أيضاً في تعزيز قدرات البحث العلمي والتطوير في مجال علم الجينوم. ومن المتوقع أن يسهم هذا التعاون في تدريب الكوادر الطبية المحلية على استخدام أحدث التقنيات في هذا المجال، ما يعزز مكانة المملكة كمركز رائد في الأبحاث الجينية على مستوى المنطقة والعالم.

ضمن "رؤية السعودية 2030"، تتوقع المملكة حقبة جديدة للرعاية الصحية توفر رعاية شاملة وفعالة تعتمد على صحة الفرد. تقول ويتمن: إن "الطب الدقيق، المدعوم بالطب الجينومي، أساسي لتحقيق هذه الرؤية والتطلعات الأوسع لرؤية السعودية 2030"، مضيفة: "المملكة مهدت الطريق للجينوميات في العيادات مع المستشفيات الرائدة مثل مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث التي تستخدم أحدث تكنولوجيا التسلسل من (Illumina) لتمكين الطب الدقيق في مجالات مثل الأورام والأمراض النادرة والمعدية".

تصنيفات

قصص قد تهمك