بلومبرغ
أنتج لقاح كوفيد-19 التجريبي ذو الحقنة الواحدة من شركة "جونسون آند جونسون" استجابةً مناعيةً طويلة الأمد في دراسة مُبكرة أجريت بخصوص السلامة، مما وفَّر لمحة عن كيفية أدائه على أرض الواقع في أنحاء العالم، في الوقت الذي تقترب الشركة من تقديم طلبها للمنظِّمين الأمريكيين بهدف الحصول على ترخيص.
ووفقاً للدراسة، استطاعت أجسام أكثر من 90% من المشاركين تطوير بروتينات مناعية، تسمى الأجسام المُضادة المُعادلة، في غضون 29 يوماً بعد تلقي الحقنة، في حين استطاع جميع المُشاركين تطوير الأجسام المُضادة في غضون 57 يوماً. واستمرت الاستجابة المناعية خلال كامل فترة التجربة التي استغرقت 71 يوماً.
وفي هذا السياق، قال "بول ستوفيلز" وهو كبير المسؤولين العلميين في "جونسون آند جونسون"، في مقابلة يوم الثلاثاء: "بالنظر إلى الأجسام المضادة، هناك أمل جيد، وسبب وجيه للظن أنَّ هذا اللقاح سيعمل". ويُذكر أنَّ الشركة الآن في المرحلة الأخيرة من التجربة السريرية، التي سيُعلن عن نتائجها قريباً.
يولِّد اللقاح ذو الحقنة الواحدة أجساماً مُضادة مُعادلة أكثر من الجرعة الواحدة للقاحات كوفيد-19 السائدة، وكلها أنظمة من جرعتين. ولكن عند مقارنة نظام "جونسون آند جونسون" بالجرعة الواحدة مع أنظمة الجرعتين، كانت الاستجابة مُتساوية تقريباً، بحسب ما ذكر "ستوفيلز".
وتمَّ نشر النتائج المؤقتة من تجربة المرحلة الأولى من اثنتين، التي أجريت على 805 مشاركين تتراوح أعمارهم بين 18 عاماً وأكثر في مجلة "نيو إنغلاند" الطبية. وتوسَّعت هذه البيانات بناء على نتائج كانت أكثر محدودية وصلت إليها شركة "جونسون آند جونسون"، ونُشرت أول مرة في سبتمبر.
وارتفعت أسهم شركة الأدوية الواقعة في "نيو برونزويك" بولاية نيوجيرسي بنسبة 1.3% في تعاملات ما بعد السوق يوم الأربعاء. ومن جهة أخرى، تراجعت أسهم شركة "موديرنا"، التي تصنِّع لقاحاً لكوفيد-19 من جرعتين، ولديها موافقة للاستخدام في حالات الطوارئ، بنسبة 0.6% بعد إغلاق الأسواق الأمريكية.
ويراقب هذا التقدُّم الذي تُحرزه شركة "جونسون آند جونسون"، عن كثب من قبل كبار خبراء الأمراض المعدية، لأنَّ لقاحها لديه القدرة على أن يصبح أوَّل لقاح يمكنه حماية الناس بعد حقنة واحدة فقط، مما يجعل حملات التطعيم الجماعي أسهل بكثير. وتتوقَّع الشركة الحصول على بيانات فعالية نهائية من دراسة المرحلة النهائية مع حلول أوائل الشهر المقبل، مما قد يؤدي إلى الحصول على رخصة تنظيمية بحلول مارس.
طموحات حول الفاعلية
منحت الولايات المتحدة تصاريح استخدام في حالات الطوارئ للقاحين، أحدهما طوَّرته شركة "فايزر"، وشريكتها "بايو إنتك"، والآخر طوَّرته شركة "موديرنا"، ويستخدم كلاهما تقنية تسمى "mRNA" التي لم يسبق أن تمَّ استخدامها من قبل في منتج موافق عليه، وأظهر كل مُنهما أكثر من 90% فعالية ضد أعراض كوفيد-19.
وكانت هذه النتائج أفضل من المتوقَّع، إذ قال مسؤولون بالحكومة الأمريكية في وقت سابق، إنَّ أي لقاح تزيد فاعليته عن 50% سيعدُّ ناجحاً. وبناءً على هذا التوجيه، كانت "جونسون آند جونسون" تهدف إلى تحقيق فعالية بنسبة 60%، فقد أوضح "ستوفيلز": "كنا نأمل وخططنا لـ70%".
وفي غضون أسابيع، ستتعرف "جونسون آند جونسون" على كيفية أداء لقاحها في مرحلة متأخرة من التجربة التي تشمل 45000 متطوع. ويعتقد "ستوفيلز" الآن أنَّ لدى اللقاح قدرة فاعلية تبلغ أكثر من 70%، بناءً على نتائج المرحلة المبكرة، وعوامل أخرى.
وفي هذا السياق قال "ستوفلز": "عندما تتمُّ مقارنة استجابة الجسم المضاد لجرعة "جونسون آند جونسون" مع اللقاحات الأخرى التي مرت بتجارب المرحلة النهائية؛ عندها نرى أنَّ هناك سبباً وجيهاً للاعتقاد بأنَّنا نستطيع الوصول إلى مستويات عالية جداً من الفعالية، هل ستفوق 90%؟ لا أدري ولا أعرف، ستخبرنا البيانات".
وفي يوم الأربعاء قال "منصف السلاوي"، وهو كبير المستشارين العلميين لجهود تطوير وتوزيع لقاح في عملية "السرعة القصوى" الأمريكية، إنَّه يتوقَّع أن يظهر لقاح "جونسون آند جونسون" ذو الحقنة الواحدة فعالية بنسبة 80% إلى 85% ضد كوفيد-19. ومن غير المسموح لـ"جونسون آند جونسون" وشركائها الحكوميين الاطلاع على البيانات في الوقت الحالي، وهو مقياس معتاد لمنع التحيز.
ميزة الجرعة الواحدة
قال الخبراء، إنَّ اللقاح أحادي الجرعة يوفِّر مزايا عبر سهولة التوزيع والإدارة، لأنَّ جميع اللقاحات من "موديرنا"، و "آسترازينيكا"، وشراكة "بايو إنتك-فايزر" تحتاج إلى جرعتين، مما يعني تكرار الشحن، وزيارات أكثر إلى العيادات. وفي حين أنَّه يجب تجميد جرعات لقاحات "موديرنا" ،و"بايو إنتك-فايزر"، فإنَّه يمكن تخزين جرعة "جونسون آند جونسون" في درجة حرارة الثلاجة لمدَّة ثلاثة أشهر.
وفي معرض حديثه عن هذه المسألة قال "ستوفيلز": "سيكون اللقاح من جرعة واحدة أكثر فاعلية في العالم، نحن واثقون جداً من نجاحها، ولكن تجربة أخرى لشركة "جونسون آند جونسون" تجريها الشركة على لقاحها، بالإضافة إلى جرعة معززة "ستمنحنا سنداً ".
ووجدت الدراسة التي صدرت يوم الأربعاء أنَّ جرعة ثانية بعد شهرين من حقنة "جونسون آند جونسون"، أدَّت إلى زيادة بلغت ثلاثة أضعاف في الأجسام المضادة المعادلة. وأشار "ستوفيلز" إلى إيجابية هذه الأخبار، لأنَّ شركة الأدوية لا تزال تقيّم المدَّة التي ستستمر فيها المناعة من الجرعة الواحدة، فيما إذا كانت هناك حاجة إلى مستويات أعلى من الأجسام المضادة لمكافحة سلالات جديدة من الفيروس.
وفي شهر نوفمبر بدأت الشركة دراسة منفصلة في مرحلة متأخرة لنظام اللقاح المكوَّن من جرعتين. إذ قال "ستوفلز"، إنَّه من المرجَّح أن تنتهي الشركة من تسجيل 30 ألف مشارك قبل نهاية الربع الأول، على الأرجح في مارس أو أبريل، وتتوقَّع عرض هذه البيانات في الصيف.
المنصة الأساسية
يتمُّ تصنيع لقاح "جونسون آند جونسون" من فيروس بارد يسمى الفيروس الغُدِّي، الذي تمَّ تعديله لعمل نسخ من بروتين "سبايك" لفيروس كورونا، الذي يستخدمه مسبب المرض لدخول الخلايا.
وعلى الرغم من أنَّ الفيروس المعدَّل لا يمكن أن يتكاثر في البشر، إلا أنَّه يستحث استجابة مناعية تهيئ الجسم لعدوى كوفيد-19 الفعلية. ولقد تمَّ تطويره أوَّل مرة مع الباحثين في جامعة "هارفارد" الذين أمضوا سنوات في العمل على النظام الأساسي للفيروسات الغدية، الذي يُستخدم أيضاً في لقاح "إيبولا" من قبل "جونسون آند جونسون"، بالإضافة إلى لقاح "زيكا"، والفيروس المخلوي التنفسي، والساعين للوصول إلى لقاح لفيروس نقص المناعة البشرية.
وأظهر تقرير مجلة "نيو إنغلاند" أنَّه جرى تحمُّل اللقاح بشكل جيد من قبل المشاركين في الدراسة. ولم يكن هناك اختلاف في الاستجابة المناعية لدى المشاركين الأصغر سناً، وكبار السن، وهو أمر مهم؛ نظراً لأنَّ السكان الأكبر سناً هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض. وكانت الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً، تتمثَّل في الحمى، والتعب، والصداع، وآلام العضلات، وآلام في مكان الحقن.