بلومبرغ
أمرت سلطات هونغ كونغ بإعدام آلاف من حيوانات الهامستر المستوردة من الخارج بعد شكوك بأنها أسهمت بنقل فيروس كوفيد-19 إلى البشر، كما أغلقت المتاجر التي تبيع هذه الثديات الصغيرة، وأرسلت أكثر من مئة من زوار أحد متاجر الحيوانات الأليفة إلى معسكر حجر صحي، في إطار مساعيها المتشددة للقضاء على الفيروس.
يأتي هذا التصعيد بعد اكتشاف إصابة أكثر من عشرة حيوانات هامستر مستوردة من هولندا بيعت في متجر الحيوانات الأليفة المحلي "ليتل بوس" (Little Boss) بمتغير "دلتا" الفتاك، الذي لم يُرصد طيلة أشهر في المدينة قبل تسجيل إصابة إحدى موظفات المتجر. أظهرت عينات من المستودع التابع للمتجر الذي يقع في قسم آخر من المدينة آثاراً للفيروس أيضاً.
أمرت السلطات بإغلاق كافة متاجر الحيوانات الأليفة التي تبيع الهامستر في هونغ كونغ، ويبلغ عددها 34 متجراً، على الفور لإجراء مزيد من الفحوص والتطهير، فيما طُلب من الأشخاص الذين اشتروا حيوانات هامستر أخيراً تسليمها للسلطات لإعدامها. أمّا الأشخاص الذين اشتروا حيوانات هامستر من متجر "ليتل بوس" على التحديد، فيتوجب عليهم التوجه إلى معسكر حجر صحي حكومي.
إعدام الحيوانات الأليفة
سيعدم حوالي ألفيْ حيوان صغير، بينها هامستر وشنشيلة وأرانب، فيما عُلّق استيراد هذه الأنواع من الحيوانات.
يأتي هذا الغضب على حيوانات الهامستر فيما تكافح هونغ كونغ للقضاء على العدوى في المدينة إثر اكتشاف عشرات الإصابات المرتبطة بمتغير "أوميكرون" الأكثر عدوى بعد نحو نصف عام لم تُسجل خلاله أي عدوى محلية. رجح مسؤولون في هونغ كونغ، المركز المالي العالمي، وفي البرّ الرئيسي الصيني، وهما آخر مكانين في العالم يلتزمان بسياسة "صفر كوفيد"، أن تكون الأطعمة المثلجة والطرود البريدية الدولية والحيوانات سبب هذه التفشيات المتفرقة، التي حصلت رغم إجراءاتهم الصارمة وجهود التتبع التي يقومون بها.
قالت صوفيا تشان، وزيرة الغذاء والصحة في حكومة هونغ كونغ للصحافيين الثلاثاء: "على الصعيد الدولي، لم ترد أدلة تشير إلى إمكانية نقل الحيوانات الأليفة لفيروس كوفيد -19 للبشر"، مضيفة قولها: "من باب الحيطة والحذر، سنتخذ إجراءات وقائية ضد كافة سبل العدوى المحتملة التي لا يمكن استبعادها بهدف الحدّ من خطر انتشار كوفيد-19".
عدوى نادرة من الحيوانات
فيما يمكن أن تنتقل العدوى من البشر إلى الحيوانات، لم ترد حتى الآن أدلة واضحة تثبت إمكانية انتقال العدوى بالشكل المعاكس. كما أن معظم الحيوانات المصابة بالعدوى التي دُرست كان الحمل الفيروسي منخفضاً لديها، ما يجعل من الصعب أن تنقل العامل المسبب للمرض، وما تزال الإصابات البشرية بعد التعرض لحيوان أليف مصاب نادرة.
بدأت الأزمة الحالية عقب كشف إصابة موظفة في متجر للحيوانات الأليفة بمتغير "دلتا" هذا الأسبوع. بما أن المرأة المصابة البالغة من العمر 23 عاماً لم تسافر للخارج أخيراً ولم تخالط أي شخص يصنّف على أنه أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، فقد لفّ حال من الغموض إصابتها بالمتغير الذي لم يكن من المعروف انتشاره في المدينة.
كانت إحدى الزبونات اللائي خالطن الموظفة قد أصيبت أيضاً بالفيروس، فيما جاءت نتيجة ابنتها التي اشترت الهامستر سلبية، ونتيجة زوج الزبونة إيجابية بشكل أولي.
يعتبر إعدام حيوانات الهامستر في هونغ كونغ خطوة جديدة في إطار تشديد هونغ كونغ القيود المرتبطة بالوباء بعد إغلاق الحانات والنوادي الرياضية وصالات السينما هذا الشهر للحدّ من تفشي متغير "أوميكرون". كما حظرت السلطات الرحلات الجوية القادمة من ثماني دول، وفرضت حجراً صحياً في الفندق لمدة 21 يوماً يشمل معظم المسافرين القادمين من الخارج.
قالت مجموعات الأعمال إن هذه السياسة المتشددة تهدد موقع المدينة كمركز مالي. إلا أن المسؤولين المحليين يصرّون على أن هذه الخطوات الأخيرة ضرورية من أجل الحدّ من الإصابات والوفيات، بما أن أولويتهم الأولى هي فتح السفر وإعادة العلاقات الاقتصادية مع البرّ الرئيسي الصيني.
مخاطر الحيوانات
رغم أن كثيراً من العلماء يعتقد أن الفيروس جاء من حيوان بري، إما مباشرة أو من خلال مضيف وسيط مثل قطّ الزباد أو كلب الراكون، إلا أنه لم يُربط بين الحيوانات الأليفة أو الحيوانات في حدائق الحيوانات وبين انتقال الفيروس.
كانت الحالة الموثقة الأولى لحيوان أليف مصاب بكوفيد-19 لكلب بوميرانيان يبلغ من العمر 17 عاماً في هونغ كونغ. شُخصت إصابة الكلب بالفيروس بعد إصابة مالكه في فبراير 2020. أظهرت الفحوص أن الكلب "لولو" يحمل معدلات منخفضة من الفيروس، ثمّ أنتج أجساماً مضادة لمحاربته.
استنتج الأطباء أن كلاً من "لولو" وكلب رعي ألماني في هونغ كونغ، اكتُشفت إصابته في الشهر التالي، كانت معدلات الفيروس منخفضة جداً لديهما، وبالتالي لم يشكلا على الأرجح أي خطر لنقل الفيروس.
تأكدت بعد ذلك إصابات لدى عدد من الحيوانات الأخرى بينها أنثى نمر سيبيرية تدعى "نادية" في حديقة حيوانات برونكس في نيويورك. فيما تم رصد إصابة ثلاثة أسود أفريقية وثلاثة نمور سيبيرية أخرى تتشارك الحظائر نفسها، إلا أنها لم تعان من ضيق في التنفس ولم تنقل الفيروس للأشخاص القائمين على رعايتها. تعافت جميع هذه الحيوانات.
يمكن للأشخاص المصابين أن ينقلوا الفيروس إلى حيواناتهم الأليفة تماماً كما ينقلونها إلى البشر من خلال الرذاذ الذي يطلقونه عند العطس أو الكلام أو حتى التنفس. وجد باحثون فرنسيون أن الفيروس قادر على الانتقال أيضاً مباشرة من اليد إلى الفم.