بلومبرغ
يتوقع تحليل حديث أجرته شركة "إيرفينيتي" (Airfinity) أن تهيمن شركة "فايزر" على سوق عقارات كوفيد البالغة 20 مليار دولار في العام المقبل، مع اندفاع الدول الغنية لشراء إمداداتها، فيما ستنتظر الدول الأقل ثراءً حتى أوائل عام 2023 لتتمكن شركات الأدوية المكافئة من إنتاج كميات كبيرة.
اقرأ أيضاً: "فايزر" تتوقع إنتاج 80 مليون عبوة من حبوب "كورونا"
تفيد التقديرات بأن "فايزر" ستجني 17 مليار دولار تقريباً من مبيعاتها من العقار التجريبي المضاد لكوفيد "باكسلوفيد" (Paxlovid) في عام 2022، إلى جانب الأرباح الهائلة التي تجنيها بالفعل من لقاحها الخاص، وفقًا لـ"إيرفينيتي". وتتوقع شركة تحليل البيانات ومقرها لندن أن يحقق عقار "مولنوبيرافير" (molnupiravir) التابع لشركة "ميرك آند كو" (Merck & Co) إيرادات بنحو 2.5 مليار دولار في العام المقبل.
اقرأ المزيد: دراسة جديدة: "أوميكرون" أكثر قابلية للانتقال من "دلتا" بـ4 مرّات
من المتوقع أن يتجاوز الطلب على العقاقير حجم الإمدادات في ظل انتشار الوباء حول العالم، كما يتساءل العلماء عن مدى فاعلية اللقاحات والعلاجات المعتمدة على الأجسام المضادة في مقاومة سلالة "أوميكرون" والمتحورات الأخرى التي يمكن أن تظهر. في الواقع، أثارت مشتريات الدول الغنية مخاوف من إمكانية تخلُّف الدول الأقل ثراءً عن الركب مرة أخرى بعد الجهود الحثيثة المبذولة للحصول على اللقاحات، ورغم اتفاقيات منح التراخيص الرامية إلى توسعة نطاق توافر العقاقير.
اقرأ أيضاً: فيروس "أوميكرون" يهدد بمزيد من التأخير في محاولة تطعيم العالم
غياب تكافؤ الفرص
يقول جون أموسي، إخصائي الصحة العالمية والأمراض المعدية في مركز "كوماسي للأبحاث التعاونية في طب المناطق الحارة" ومقره غانا: "مسألة عدم تكافؤ الفرص في الحصول على عقاقير كوفيد أمر واضح بالتأكيد". وأضاف: "لا سبب للتفكير بأنها لن تكون مشكلة، بل من الواضح أنها ستكون كذلك. وكلما حدثت ضجة حول الأمر مبكراً كان ذلك أفضل".
اتفقت شركتا "فايزر" و"ميرك" على السماح لمصنّعي الأدوية العامة (أو المكافئة) بإنتاج نسخ رخيصة الثمن من حبوب كوفيد-19 لصالح الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
من جانبه، قال تشارلز غور، المدير التنفيذي لتجمع براءات اختراع العقاقير المدعوم من الأمم المتحدة، الشهر الماضي، إنّ هذه الاتفاقيات من شأنها السماح ببدء وصول الإمدادات إلى تلك الدول في غضون أشهر.
يشير تجمع براءات الاختراع إلى أنه تقدَّم أكثر من 100 طلب لكل عقار، لكن لم يتضح بعدُ عدد مصنّعي الأدوية العامة الذين سيحصلون على التراخيص. لكن بمجرد حصول الشركات على التصريح فإنها لن تحتاج إلى شيء سوى صنع العقار وإجراء دراسات لإثبات فاعليته، بالإضافة إلى النسخة الأصلية والملف للحصول على الموافقة التنظيمية.
عن ذلك قال غيليز ماكولو، ممثل تجمع براءات الاختراع في جنيف: "نأمل أن يحدث هذا سريعاً، لكن الخطوات ستكون جيدة في العام المقبل قبل توافر المنتجات. سنحاول التحرك بأسرع ما يمكن".
تأخر الإمدادات
لا تزال المخاوف مستمرة بشأن المدة التي سيستغرقها وصول الإمدادات إلى عديد من الدول. كذلك دعا المناصرون لقضايا الصحة إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لتوسيع نطاق الوصول للعقاقير عندما تكون أكثر فاعلية. فمثلاً يمكن زيادة الاختبارات في الدول منخفضة الدخل لاكتشاف الإصابات في الأيام الأولى.
قالت المتحدثة باسم "فايزر" شارون كاستيلو، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إنّ هدف "فايزر" هو تقديم عقارها المضاد للفيروسات الذي يؤخذ عبر الفم للمرضى الأكثر احتياجاً في أسرع وقت ممكن وبأسعار معقولة، مع الخضوع للتفويض التنظيمي للبلاد، في حين أن شركة "ميرك" لم تستجِب لطلب التعليق فوراً.
كما قال تريفور مونديل، رئيس قسم الصحة العالمية في مؤسسة "بيل وميليندا غيتس"، في مقابلة أجريت في أكتوبر، إنّ بعض مصنّعي الأدوية العامة أشاروا إلى قدرتهم على إنتاج ما يصل إلى 10 ملايين دورة من عقار كوفيد شهرياً، لكن يلزم حل العقبات التنظيمية والتحديات الأخرى لفعل ذلك.
تبدّل السوق
من المتوقع أن تحل عقاقير "فايزر" و"ميرك" محل العقاقير الأكثر تكلفة القائمة على الأجسام المضادة من "ريجينيرون فارماسوتيكلز" (Regeneron Pharmaceuticals) و"إيلي ليلي آند كو" (Eli Lilly & Co) لمعالجة المرضى المعرضين لمخاطر عالية مبكراً، إذ تستهدف الأجسام المضادة سمات محددة في بروتين سبايك لفيروس كورونا الذي قد يتغير مع تطور المتحولات. كما أن "ريجينيرون" قالت يوم الخميس إنّ عقارها يفقد فاعليته ضد "أوميكرون".
من المحتمل أن يصبح عقار "فايزر" علاجاً معتاداً لمرضى كوفيد المعرضين لخطر الإصابة بأعراض شديدة، إذ أظهرت الدراسات فاعليته الشديدة في إبقاء المرضى خارج المستشفى، لكنه أقل فاعلية في القضاء على الأعراض الأخف حدة المرتبطة غالباً بالعدوى الخارقة.
يُعَدّ عقار "باكسلوفيد" امتداداً لسلسلة "كوفيد" الناجحة الصادرة عن "فايزر". كما يعتبر لقاح شركة الأدوية الأمريكية، المطور بالشراكة مع "بيونتيك" (BioNTech)، المنتج الدوائي الأكثر مبيعاً على الإطلاق في عام بعينه، ويتوقع أن يحقق مبيعات تزيد على 36 مليار دولار في عام 2021، و29 مليار دولار أخرى على الأقل في عام 2022.
نظام تسعير متدرّج
خلال فترة تفشي الوباء، قالت "فايزر" إنها تخطط لاستخدام نظام التسعير المتدرّج، وبالتالي ستدفع الدول الغنية مبالغ أكثر من الدول الفقيرة، فضلاً عن أنها تعتزم استثمار ما يصل إلى مليار دولار لدعم التصنيع والتوزيع.
تراجعت أسهم "ميرك" الشهر الماضي بعد أن أظهرت البيانات أن عقارها -المطور بالتعاون مع "ريدجباك بايوثيربيوتكس" (Ridgeback Biotherapeutics)- كان أقل فاعلية مما أُعلن عنه سابقاً، وبعد أن أثارت الجهات التنظيمية الأمريكية مخاوف بشأن السلامة والفاعلية على المدى الطويل. وأشار الموظفون أيضاً إلى خطر مقاومة العقار، الذي يحدث عندما تتطور الفيروسات والبكتيريا لتخفف أو تهزم آلية الهجوم التي يتبعها العقار.
تتوقع "إيرفينيتي" أن تكون الولايات المتحدة أكبر مشترٍ للعقارين، مستحوذة على أكثر من نصف إيرادات عام 2022، فيما ستنفق الدول الأوروبية والمملكة المتحدة على الأرجح نحو 5 مليارات دولار. ويتوقع أيضاً أن تصل المبيعات المسجلة في أكثر من 50 دولة أخرى إلى 3.7 مليار دولار، مع استثناء أكثر من 100 دولة مشمولة في اتفاقيات تجمع براءات الاختراع.
تحرّك سريع
مما لا شك فيه أن بعض الدول يتحرك سريعاً لمواجهة متحور "أوميكرون"، فقد بدأت المملكة المتحدة، أول دولة في العالم توافق على عقار شركة "ميرك"، في توفير الإمدادات لسكانها من خلال دراسة وطنية شملت 10 آلاف شخص تقريباً. كما اشترت الدول مرتفعة الدخل عقارات بشكل أكثر مما ستحتاج إليه على الأرجح، وسط المخاطر الناتجة عن السلالات الوبائية والتساؤلات بشأن فاعلية اللقاحات، حسب "إيرفينيتي".
قالت "فايزر" إنّ الاختبارات المعملية تشير إلى أن عقار "باكسلوفيد" سيحتفظ بفاعليته ضد متحور أوميكرون، فهو يستهدف بروتيناً داخلياً يُسمى "البروتياز" الذي يُعتقد بأنه لم يتغير كثيراً مع تطور الفيروس. وبشكل عام، تستهدف اللقاحات "بروتين سبايك" الذي يتحور بشكل كبير في "أوميكرون"، ويمكن أن يخضع لمزيد من التغييرات عند ظهور المتحورات الوبائية المستقبلية.
ختاماً، يعتقد أرسلان آزاد، المحلل في "إيرفينيتي"، أن "إنتاج وتوزيع العقاقير المضادة للفيروسات سيكونان أسهل، ومستوى التردد في تناولها سيكون أقل من اللقاحات". وأشار إلى أنه "من المحتمل أن نشهد سباقاً آخر لتأمين إمدادات محدودة في عام 2022".