بلومبرغ
إذا كان هناك اسم واحد يثير القشعريرة في عالم صناعة التبغ، فسيكون هوارد إنجل، طبيب الأطفال الذي اعتاد تدخين عبوتين من التبغ يومياً.
وكان إنجل المدَّعي الرئيسي في الدعوى القضائية الجماعية الضخمة التي رُفعت ضد كبرى شركات التبغ في عام 1994، وذلك في أوج حروب التبغ، وبعد ستة أعوام، أقرَّت هيئة المحلفين تعويضاتٍ تبلغ 164 مليار دولار لصالح المدَّعين المقدَّر عددهم بـ 500 ألف من المدَّعين.
وفي عام 2006، قرَّرت المحكمة العليا في فلوريدا إلغاء الدعوى الجماعية، وإبطال التعويضات. ومع ذلك، قيل إنَّ المدخِّنين الذين كانوا جزءاً من الدعوى الجماعية المنحلَّة بإمكانهم رفع دعاوى فردية، إذ أصبحت هذه القضايا معروفة باسم "قضايا إنجل" في مرجع للشخص الذي بدأ هذه الموجة.
الدعاوى القضائية
إن كانت الدعوى القضائية الجماعية تشكِّل كابوساً للشركات، فإنَّ التصدي لآلاف القضايا الفردية يشكل "تسونامي" لها.
وكانت المحكمة العليا في فلوريدا قد وافقت على النتائج التي توصَّل إليها إنجل، التي تفيد أنَّ التدخين يسبِّب الإدمان والسرطان، وقد أخفت شركات التبغ الكبرى الحقيقة الكاملة مخاطره، في حين أنَّ المدَّعين لم يحتاجوا سوى إثبات أنَّ التدخين كان السبب في مرضهم، وأنَّ حالاتهم المرضية شُخِّصت قبل 21 نوفمبر عام 1996، وبالتالي لم تكن فكرة رفع أكثر من 9 آلاف قضية أمراً مستغرباً على الإطلاق.
القضية
ومنذ ذلك الحين، شهدت المحكمة العليا في فلوريدا العديد من "قضايا إنجل"، وقد فاز المدَّعون بمعظمها. وبدا الأمر كما لو أنَّ قضية هاريس ضد رينولدز ستنتهي بهذه الطريقة أيضاً، فقد كان جيرالد هاريس مدخِّناً طوال حياته، ومصاباً بأمراض القلب وسرطان الفم، وبعد وفاته في عام 2012، واصلت زوجته باتريشيا الدَّعوى القضائية المرفوعة ضد شركة "أر.جي رينولدز توباغو" (R.J. Reynolds Tobacco)، وأقرَّت هيئة المحلفين بمنحها تعويضاً بقيمة 1.7 مليون دولار، إلا أنَّ قاضي المقاطعة خفَّضه إلى 650 ألف دولار.
النتائج
وعلى الرغم من أنَّ قيمة التعويض كانت صغيرة، أبدت شركة "أر.جي رينولدز توباغو" اعتراضها عليه، وقالت إنَّ هاريس لم يكن مؤهَّلاً أبداً ليكون عضواً في "قضايا إنجل"، ففي الوقت الذي شُخصت فيه إصابته بأمراض القلب قبل نوفمبر 1996، لم يكن هناك أي دليل على أنَّ السجائر كانت السبب في ذلك، إلى جانب أنَّ تشخيص إصابته بسرطان الفم لم يتم إلا بعد الموعد النهائي لقضية إنجل.
وفي 20 نوفمبر، قضت محكمة الاستئناف أنَّ "أر.جي رينولدز توباغو" كانت على حقٍّ، وهو نصر نادر يمكن لأحد شركات التبغ الكبرى تحقيقه في قضية إنجل.
هل ستنتهي قضايا إنجل؟
بالتأكيد لن تنتهي في وقت قريب. فهناك ما يقرب من 50 محاكمة سنوياً في الوقت الحالي، ويتوقَّع مركز قانون الصحة العامة عدم انتهاء تلك القضايا حتى عام 2075.
هل يمكنك أن تصبح ثرياً من الفوز بقضية؟
بالتأكيد، فالتعويضات التي تقرُّها هيئة المحلَّفين عادةً تصل إلى ملايين الدولارات، وقد وصل أحد تلك التعويضات إلى 67 مليون دولار. وفي ظلِّ حصول المحامين عادة على ثلث قيمة التعويضات، فلا عجب بامتلاك جميع شركات المدعين الكبرى مكاتب في فلوريدا في الوقت الحالي.