بلومبرغ
تزدهر أحدث شركات تكرير النفط في الصين لتماشيها مع رؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ وتتوسع، فيما لجمت بكين نشاط منافساتها الأقدم وشركات خاصة أخرى.
تُعرف تلك الشركات حديثة العهد في الصين باسم "أبريق الشاي 2.0"، وتستفيد لأنها متوافقة مع دفع شي نحو صناعات أنظف وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
لا تزال شركات مثل "جيانغسو إيسترن شنغهونغ" (Jiangsu Eastern Shenghong) وشركة "هينغلي للبتروكيماويات" (Hengli Petrochemical) غير معروفة في دوائر التجارة الدولية، لكنها متموضعة، لتغدو أكثر نفوذا في الأسواق العالمية. لقد شيدت مجمعات تكرير ضخمة أكثر مرعاة للبيئة وتركيزا على استخدام النفط الخام لصنع البلاستيك والمواد الكيميائية بدلا من إنتاج وقود أكثر تلويثاً مثل الديزل. لذلك، بدأ بعضها يتلقى مزايا ضريبية أو أذونات لاستيراد كميات أكبر من النفط الخام مباشرة من كبار المنتجين مثل المملكة العربية السعودية.
ركبت شركة "شنغهونغ" في يونيو أكبر برج تكرير في الصين، وكرست منشأة بقيمة 10.5 مليار دولار لإحياء الذكرى المئوية للحزب الشيوعي. ارتفعت أسهم شركة "شنغهونغ"، وهي منتج ألياف اصطناعية سابقاً، بأكثر من أربعة أضعاف منذ بدء المشروع قبل عامين. تضاعفت أسهم شركة "هينغلي" أكثر من ثلاثة أضعاف منذ تأسيس أول مصفاة لها أواخر عام 2018.
أقوى مما يجب
اتخذت إدارة شي إجراءات صارمة ضد شركات خاصة بدا أنها باتت أقوى مما يجب، أو أقل تماشياً مع رؤية الإدارة، مع فرض ضوابط صارمة على شركات التعليم، إضافة للتحقيق في خدمة استدعاء وسائل النقل "ديدي غلوبال" (Didi Global) حول استخدام البيانات. تدعم الحكومة الآن في قطاع الطاقة الشركات المتوافقة مع أهدافها، فيما تحدّ من مصافي التكرير الخاصة من الجيل الأول الأكثر تلويثا التي كانت موجودة منذ عقود وتسمى "أبريق الشاي 1.0".
قال ميشال ميدان، مدير برنامج أبحاث الطاقة في الصين في معهد "أكسفورد إنستيتيوت" لأبحاث الطاقة ومقره في المملكة المتحدة: "لدى شركات (أبريق الشاي 2.0) نموذج مختلف تماماً للأعمال والتشغيل، وهي من الناحية النظرية أكثر ملاءمة لرؤى الصين لقطاع الطاقة الخاص بها: متكاملة وذات كفاءة".
وقال ميدان إن هذه الشركات الجديدة تتمتع "بميزة سياسية لأنها تحقق المعايير المطلوبة فيما يتعلق بتنمية السوق والأولويات المستقبلية في الصين".
ظهرت مصافي التكرير الخاصة في الصين في أوائل التسعينيات، وأصبحت تُعرف باسم "أباريق الشاي" بسبب شكل تصميمها آنذاك. تطورات من أفران طينية صغيرة تعالج النفط من حقول مثل تلك الموجودة في مقاطعة "شاندونغ الشرقية"، والتي أنتجت أكثر مما تحتاجه مصافي الدولة.
اليد العليا للجديدة
فرضت الحكومة قيودا على عديد من مصافي التكرير الأقدم في مقاطعة "شاندونغ" هذا العام عبر إغلاق بعض ثغرات التهرب الضريبي. ازدادت حدة هذا التحرك، الذي تزامن مع مزيد من التدقيق الحكومي، بسبب الانخفاض الشديد في كمية النفط الخام التي سُمح لها باستيرادها وأعطى هذا الشركات الأحدث اليد العليا.
تراجع سهم شركة "نورث هواجين كيميكال إنداستريز" (North Huajin Chemical Industries)، إحدى شركات "أبريق الشاي 1.0" القليلة المدرجة، بنسبة 14% منذ يوليو. لم ترد الشركة على طلب للتعليق.
ما تزال لدى الشركات الجديدة مثل "هينغلي" و" تشجيانغ بيتريليوم أند كميكال" (Zhejiang Petroleum and Chemical) حصصاً كبيرة لاستيراد النفط الخام، بينما تقدمت شركة "شنغهونغ" بطلب للحصول على تصاريح استيراد لمصفاة التكرير الجديدة.
بنت شركات "أبريق الشاي 2.0 " منشآت في الجزر أو شبه الجزر المعزولة والتي يمكن أن ترسو عندها ناقلات نفط، لكنها تظل بعيدة عن المناطق الحضرية المزدحمة حيث يريد الحزب الشيوعي خفض التلوث.
موقع مثالي
قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ خلال جولة في مصفاة "داليان" التابعة لشركة هينغلي في عام 2019: "هذا موقع مثالي لقاعدة بتروكيماويات".
قد تواجه الشركات الجديدة في النهاية ضوابطها الخاصة، مع مزيد من التدقيق في انبعاثات الكربون الخاصة بها. قال سينغيك تي، المحلل في شركة الاستشارات "أس أي أيه إنريجي" (SIA Energy) ومقرها في بكين: "من المحتمل أنهم قد يحتاجون إلى استبدال مشاريع انبعاثات الكربون الأعلى لتكون ذات انبعاثات أقل إذا كانوا يريدون توسيع طاقاتهم التكريرية في المستقبل".
تتمتع العديد من الشركات من طراز "أبريق الشاي 2.0" بمزايا بيئية أخرى لأنها أكثر تقدما في جوانب مثل إدارة النفايات والمياه.
بدأت شركة "هينغلي"، التي نشأت كصانع للألياف الكيماوية في "جيانغسو"، الإنتاج الكامل لأول مشروع "إبريق شاي 2.0" في البلاد منذ عامين. وزادت إيراداتها منذ ذلك الحين ويأتي حوالي 66% من إيراداتها السنوية البالغة 13.5 مليار يوان (2.1 مليار دولار) الآن من التكرير. ما زالت الشركات العملاقة التي تديرها الدولة مثل "سينوبك" وشركة "بتروتشاينا" تشكل نحو ثلثي نشاط تكرير النفط في الصين.
قال ميدان إن الحملة على المصافي الخاصة القديمة لا تعني أنها ستختفي جميعا، لكن شركات "2.0" لها مزايا: "لديهم وفورات الحجم، تلك الموجودة في مناطق التجارة الحرة الصينية تتمتع بمعاملة ضريبية تفضيلية، حيث إنها مصانع متكاملة تمنحها المرونة للتحول من المنتجات النفطية إلى المزيد من منتجات البتروكيماويات".
ديزل أقل ولدائن أكثر
شركات "أبريق الشاي 2.0" جميعها أقل تركيزا على إنتاج الديزل وأكثر تركيزا من ذلك على صناعة مادة الباراكسيلين، وهي بتروكيماويات تستخدم في المستلزمات اليومية بداية من القناني إلى الملابس الرياضية، حيث ارتفع الطلب مصاحباً للازدهار الاقتصادي في الصين. تريد الصين أن تزيد اكتفاءها الذاتي في هذا المجال.
قالت شركة "شنغهونغ" في بيان إن التقنيات الجديدة ستساعد مصنعها على تحويل أكثر من 70% من خام النفط الذي تستخدمه إلى منتجات كيميائية. لذا فإن ثلث إنتاجها من النفط الخام فقط سيستخدم في صناعة الوقود مثل الديزل. على النقيض من ذلك، تعمل مجموعة "سينوبك" وشركة "بتروتشاينا" على تحويل حوالي 60% من لقيم النفط الخام إلى أنواع من وقود الطرق، وتبلغ هذه النسبة حوالي 85% لمصافي التكرير الخاصة الأقدم. ارتفعت أسهم شركة "جيانغسو أيسترن شنغهونغ" بنحو 7% إلى حوالي 25 يوانا في وقت مبكر من الثلاثاء.
لم ترد شركة "هينغلي" وشركة "تشجيانغ بتريليوم" على طلب للتعليق.
أنفقت شركات مثل شركة "هينغلي" في الماضي المليارات على شراء مواد كيميائية مثل الباراكسيلين من الخارج لإنتاجها الضخم من الألياف. يعني هذا إنتاج شركات "أبريق الشاي" مزيداً من المواد الكيميائية في الداخل، ما أضر بالموردين في كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان.
تراجعت واردات الصين من الباراكسيلين من كوريا الجنوبية، أكبر مورديها، في النصف الأول من هذا العام، أقل بنسبة 13% عن الفترة نفسها من 2019.