بلومبرغ
ستؤدي خطة اليابان الصارمة الجديدة للاهتمام بالطاقة النظيفة إلى إحداث هزة في سوق الغاز الطبيعي المسال التي ساعدت في ريادتها قبل 60 عاماً.
دعت الدولة، أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى المزيد من الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتحل محل الغاز الطبيعي في خطة مُنقحة صدرت الأسبوع الماضي. يهدف هذا التحول إلى خفض توليد الكهرباء التي تعمل بالغاز الطبيعي المسال إلى النصف تقريباً هذا العقد، مما سيخلق اضطراباً في المرافق اليابانية وكذلك الموردين بداية من قطر إلى أستراليا وصولاً إلى الولايات المتحدة.
وبناء على توجيهات الخطة الأكثر صرامة ستنخفض واردات اليابان بمقدار الثلث بحلول نهاية العقد، وفقا للتجار والمحللين. ستجبر الخطة المرافق المحلية على التخلي عن صفقات الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل، والتي كانت بمثابة العمود الفقري لواردات البلاد، مع زيادة الاعتماد على السوق الفوري الأكثر اضطراباً.
آليات التنفيذ
قال سول كافونيك، محلل الطاقة في "كريدي سويس غروب": "ستؤدي هذه الخطوة إلى إضعاف شهية مشتري الغاز الطبيعي المسال اليابانيين لتوقيع صفقات طويلة الأجل تمتد إلى ما بعد عام 2030، مما قد يجعلهم أكثر عرضة للتذبذبات السعرية قصيرة الأجل إذا انتهى الأمر بطلب أعلى من المستهدف".
كانت هذه السياسة بمثابة مفاجأة للموردين في جميع أنحاء العالم. أصبح الغاز الطبيعي غير مفضل لدى بعض الحكومات في ظل تعزيز الجهود لإبطاء تغير المناخ وخفض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة بطريقة كبيرة بعد أن كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه جسر لمستقبل أخضر. حتى وقت قريب، كانت اليابان تروج للوقود شديد البرودة كبديل أنظف للفحم.
ليس من الواضح ما إذا كانت اليابان ستصل إلى أهدافها الجديدة. ستحتاج الدولة، من أجل استبدال خفض الغاز الطبيعي المسال بنسبة 50%، إلى إعادة تشغيل جميع مفاعلاتها النووية تقريباً - وهو أمر صعب بالنظر إلى المعارضة المحلية القوية. بالتالي سُتجبر حالة عدم اليقين اليابان على الغوص في السوق الفورية أو توقيع عقود قصيرة الأجل، والتي تشكل مجتمعة حاليا 30% فقط من إجمالي الواردات. هذا أقل من المتوسط العالمي البالغ 40%.
ساعدت رغبة اليابان في صفقات الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل في بناء القطاع والحفاظ عليه منذ الستينات. تعتبر الصفقات التي تطول لأكثر من 20 عاماً ركائز لمشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال الجديدة، وبدونها يصعب على المطورين الحصول على دعم من البنوك والمستثمرين لمحطات أو توسعات جديدة.
هذه أخبار سيئة لقطر، التي تعزز الإنتاج بقوة، وللمشاريع المقترحة بداية من الولايات المتحدة إلى بابوا غينيا الجديدة التي تتنافس على الاستثمار.
توقع تجار أن تتجه المرافق التي لديها حصص في منشآت تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى زيادة الاستثمارات في محطات الاستيراد ومشاريع الطاقة في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا من أجل زيادة الطلب على وقودها. سيؤدي هذا إلى تحويل اليابان بشكل فعال إلى وسيط للغاز الطبيعي المسال في ظل انخفاض استهلاكها المحلي.
إعادة ضبط المحافظ
كانت الشركات اليابانية تسعى بالفعل للحصول على عقود قصيرة الأجل تقل مدتها عن 10 سنوات، حيث أدى انخفاض عدد السكان في البلاد والتقدم في كفاءة استخدام الطاقة إلى بلوغ طلبها على الغاز الطبيعي المسال ذروته بالفعل في العقد الماضي. لكن تعني الأهداف الجديدة للحكومة أن الطلب سينخفض أكثر من المتوقع، ويتطلب تسريع الجهود المرافق لإعادة توزيع نسب مشتريات محافظ الغاز الطبيعي المسال.
"إذا تم الوفاء بأهداف 2030، قد ينخفض الطلب الياباني على الغاز الطبيعي المسال بنحو 25 مليون طن"، وفقاً لأوليمب ماتي، محلل في شركة "بلومبرغ إن إي إف". استوردت اليابان 74.4 مليون طن في عام 2020، وفقاً للمجموعة الدولية لمستوردي الغاز الطبيعي المسال.
في غضون ذلك، ستفكر الشركات اليابانية مرتين قبل تجديد العقود القديمة. انهارت العام الماضي أقدم اتفاقية للغاز الطبيعي المسال بين اليابان وإندونيسيا، والتي كانت سارية منذ ما يقرب من 50 عاماً، بسبب حالة عدم اليقين التي تفاقمت بسبب فيروس كورونا.