بلومبرغ
تزايدت حدة قلق أنصار البيئة خشية خضوع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، في الأيام المقبلة، لضغوط من قبل شركات صناعة السيارات، عبر تبني حدود متواضعة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري الصادرة من السيارات، بدلاً من المعايير الصارمة التي يعتبرونها ضرورية لمكافحة تغير المناخ.
وتعتبر المتطلبات التي سيجري اقتراحها بحلول نهاية الشهر هي الركيزة الأساسية لجهود الإدارة للحدّ من التلوث المسبب لارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض من قطاع النقل، والذي يعدّ الآن المصدر الرئيسي لغازات الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة.
ورغم ذلك، فقد ضغطت شركات السيارات بطريقة مقنعة على إدارة "بايدن" لتبني نهج صديق للقطاع جرى التفاوض عليه مع كاليفورنيا، والذي يتيح ائتماناً إضافياً للمركبات الكهربائية. وحذر دعاة حماية البيئة البيت الأبيض من المضي في ذلك.
وقالت أكثر من عشرين مجموعة بيئية رئيسية في رسالة إلى الرئيس بايدن أمس الخميس: "يجب أن تكون معايير بلادنا قوية، وأن تتمتع بالنزاهة وتضمن خفضاً قوياً للانبعاثات على الطرق على مدار العام". وقالت المجموعات، التي كان من بينها "مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية"، ورابطة الناخبين لحماية الموارد الطبيعية، و"سييرا كلوب": إنه "يجب عدم تقويض المعايير من خلال مخططات الائتمان المعقدة التي تكافئ صانعي السيارات على التخفيضات على الورق التي لا تتطابق مع الأداء على أرض الواقع".
يطلب النشطاء من "بايدن" فرض قيود على الانبعاثات الملوثة للبيئة تكون على الأقل بنفس قوة القيود التي ساعد هو في وضعها من خلال الوساطة كنائب للرئيس في عام 2012، عندما حددت إدارة أوباما تخفيضاً بنسبة 5% سنوياً. ومع ذلك، فإن النموذج المفضل للقطاع هو إيجاد حل وسط تفاوض عليه الجهات التنظيمية في ولاية كاليفورنيا مع خمس شركات سيارات العام الماضي، والتي تتطلب، نظرياً، تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من أساطيلهم للنقل بنسبة 3.7 % فقط سنوياً.
اختبار مبكر
من المنتظر أن يكون قرار الإدارة الأمريكية بمثابة اختبار مبكر لالتزام الرئيس الأمريكي باستخدام لوائح بيئية صارمة لمواجهة تغير المناخ، حتى في مواجهة معارضة القطاع.
تعتبر التخفيضات الفعلية للانبعاثات الحرارية على أرض الواقع وفقاً للحل الوسط من جانب كاليفورنيا أقل من ذلك، حيث تصل إلى 2.7% تقريباً، نظراً لأن الاتفاق تبنى المزيد من المرونة التي يسعى إليها صانعو السيارات، بما في ذلك مضاعفة مبيعات السيارات الكهربائية وتوفير ائتمان إضافي للتقنيات التي تجعل السيارات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود، لكنها لا تظهر بالضرورة في قراءات أنبوب العادم.
وبالرغم من أن معايير إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، التي جرى تطويرها في عام 2012، كانت ستأخذ في النهاية في الحسبان الانبعاثات المرتبطة بالكهرباء المستخدمة لشحن السيارات الكهربائية، فقد ألغى اتفاق كاليفورنيا أي شرط للاعتراف بالتلوث من محطات الفحم ومصادر الطاقة الأخرى.
ولم تعلق وكالة حماية البيئة على الفور على الأمر. لكن المستشارة الوطنية للمناخ في البيت الأبيض، جينا مكارثي قالت، إن الحكومة كانت تسعى لتحقيق التوازن بين العديد من المصالح في أعقاب إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، التي خففت من المعايير، لذلك كانت هناك حاجة إلى تحسينات سنوية بنسبة 1.5% فقط.
وقالت "مكارثي" أمام قمة وكالة "بلومبرغ" للأعمال المستدامة في وقت سابق من هذا الأسبوع: "لقد عملنا مع ولاية كاليفورنيا عن كثب حقاً للنظر في كيفية تعويض الوقت الضائع بوتيرة معقولة، ولكن أيضا بوتيرة ستسمح لنا بتحقيق بعض الأهداف التي وضعها الرئيس بايدن". مضيفة: "سننظر في تطوير قاعدة تلحق بالركب، وتطوير قاعدة تذهب إلى أبعد من ذلك، وسنواصل التحدث إلى شركات السيارات".
معايير أوباما
لم يكن لدى تحالف ابتكارات السيارات، المجموعة التجارية الرائدة في القطاع، تعليق فوري على ضغوط المجموعات البيئية، لكن رئيس التحالف، جون بوزيلا، قال سابقاً، إن هدف المجموعة هو "العمل بشكل تعاوني مع الإدارة لتحقيق تحسينات بيئية أكبر من المتطلبات الحالية، في وقت أقرب، مع توفير الفوائد للمستهلكين، ولايجاد فرص لخلق الوظائف وتعزيز اقتصاد الأمة".
تستعد قاعدة وكالة حماية البيئة (EPA) القادمة لإعادة كتابة المعايير التي تحكم نموذج السنوات من 2023 إلى 2026.
وقال ديف كوك، كبير محللي المركبات في اتحاد العلماء المعنيين:
نتوقع أنه على الأقل فيما يتعلق بتخفيضات الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، فإنها ستكون أقل بكثير من مستوى معايير فترة حكم أوباما
وأضاف أن ما نحتاجه حقاً هو "إشارة طويلة المدى" حول التزام الإدارة الأمريكية بقواعد انبعاثات حرارية أكثر صرامة والحصول على المزيد من السيارات الكهربائية تتنقل على الطريق.
طلبت المجموعات البيئية من بايدن وضع معايير طويلة الأجل بحلول نهاية العام المقبل "من شأنها أن تضمن تمكين الولايات المتحدة من تحقيق مبيعات سيارات خالية من الانبعاثات بنسبة 100 % بحلول موعد أقصاه عام 2035".
وعلى المدى القريب، حذرت المجموعات من زيادة الائتمان الإضافي لمبيعات السيارات الكهربائية -مع الاستمرار في معاملتها على أنها سيارات خالية من الانبعاثات- مما قد يثني شركات صناعة السيارات عن التحرك بقوة لتعزيز كفاءة المركبات التي تعمل بالغاز التي سيستمرون في بيعها لسنوات قادمة.
وقال "كوك": "نريد أن نرى أن وكالة حماية البيئة لديها معايير مؤثرة في المستقبل، والتي تضعنا في الواقع على مسار قوي للمركبات الكهربائية". وأضاف: "نريد أن نرى شيئاً ليس مجرد أفكار مبتذلة حول مستقبل كهربائي بالكامل، لكن هذا يشير إلى إطار زمني يتحدث عن الأحجام التي يبحثون عنها ويتحدثون عن العمل الذي يؤدونه".
زيادة الائتمان
قد يؤدي توسيع الائتمان الإضافي لمبيعات السيارات الكهربائية -مع الاستمرار في معاملتها على أنها سيارات خالية من الانبعاثات- إلى إثناء صانعي السيارات عن التحرك بقوة لتعزيز كفاءة المركبات التي تعمل بالغاز والتي سيبيعونها لسنوات قادمة. وقال دان بيكر، مدير حملة النقل المناخي الآمن لمركز التنوع البيولوجي: "من المهم تسريع الانتقال إلى المركبات الكهربائية وإدراك أنه ستكون هناك مئات الملايين من المركبات الجديدة التي تعمل بالغاز والتي سيجري تصنيعها قبل بيع آخر محرك احتراق داخلي، كما أن تلك المركبات الجديدة التي تعمل بالغاز تحتاج إلى التحكم في انبعاثاتها بطريقة أفضل مما هم عليه الحال الآن".
وقال لوقا توناشيل، مدير مجموعة السيارات النظيفة في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، إن برنامج انبعاثات السيارات الذي لا يرقى إلى مستوى التخفيضات التي رسمها "أوباما" غير كاف لمواجهة التحدي المناخي. وأوضح "توناشيل": "يجب أن تؤدي المعايير إلى خفض التلوث على أرض الواقع.. صحتنا ومناخنا لا يستطيعان تحمل المعايير التي أضعفت على نحو كبير بسبب الائتمانات الإضافية التي تسمح للقطاع بعمل أقل مما يستطيع وما هو مطلوب".