للأسف، ولكن كما كان متوقَّعاً؛ واجه التشريع المتعلِّق بالمناخ والبنية التحتية في الكونغرس صعوبات بشأن كيفية دفع ثمنه.
فلم يعد من المجدي تجنُّب هذا السؤال كلياً، واستخدام تمويل العجز للاستثمارات المناخية.
بدلاً من ذلك، لدينا نقاش جديد حول فرض رسوم أو ضريبة على السائقين، بناءً على أميال السيارة المقطوعة، وهو أمر رفضته إدارة "بايدن".
تباين الآراء
يمكن لرسوم الأميال المقطوعة بالسيارة أن تحقق إيرادات كبيرة خلال العقد القادم، تصل إلى مئات المليارات من الدولارات.
وخارج البيت الأبيض، تتمتَّع هذه الرسوم بدعم متنوع سياسياً، من السيناتور "جون كورنين"، والنائب "غاريت غريفز" من اليمين، إلى النائب "بيتر ديفازيو"، ووزير النقل "بيت بوتجيج" من اليسار.
ومع ذلك؛ فإنَّ ضريبة الأميال المقطوعة بالسيارة أكثر تعقيداً مما تبدو. تتعلَّق إحدى الأسئلة بالتأثير الذي قد يحدثه في اعتماد السيارات والشاحنات الكهربائية.
فعلى عكس ضريبة الغاز الحالية؛ فإنَّ ضريبة الأميال المقطوعة بالسيارة، لا تنطبق فقط على مركبات محرِّك الاحتراق، لهذا السبب تعارضها العديد من المجموعات البيئية.
ضريبة الغاز تتقلص
يساعد تحليل عام 2020 الذي أجراه "لوكاس ديفيس"، و"جيمس سالي" من جامعة كاليفورنيا في بيركلي في توضيح المفاضلات.
هناك مبدآن مختلفان يتمُّ أخذهما بعين الاعتبار. أحدهما؛ يرى أنَّ قيادة السيارة أو الشاحنة على الطرق والجسور تفرض تكلفة من خلال الضرر المترتب عن الاستعمال.
ومع ازدياد شعبية السيارات الكهربائية؛ فإنَّ ضريبة الغاز ستؤدي عملاً سيئاً بشكل متزايد من ناحية كبح الاستخدام المفرط، وتمويل الإصلاحات اللازمة والبناء.
تمَّ بيع أكثر من مليون سيارة كهربائية في الولايات المتحدة، ومن المتوقَّع حدوث نمو سريع، مما يزيد من تآكل قاعدة ضريبة الغاز.
المبدأ التعويضي هو الحاجة إلى كبح انبعاثات الكربون. كما يمكن للضريبة الجديدة التي تنطبق على السيارات الكهربائية أن تبطئ نمو مبيعاتها، مما يجعل الانتقال إلى صافي الانبعاثات الصفرية أكثر صعوبة.
الجمع بين النموذجين
لاحظ كلٌّ من "ديفيس"، و"سالي"، بشكلٍ صحيح أنَّ أفضل نهج لمعالجة كلا المبدأين هو الجمع بين دعم الشراء وضريبة الاستخدام.
على سبيل المثال، يقولون إنَّه: "يمكن الجمع بين ائتمان ضريبة الدخل الفيدرالية الأمريكية بقيمة 7.500 دولار أمريكي للمركبات الكهربائية مع ضريبة الأميال" التي تنطبق على جميع المركبات.
ونظراً لوجود ائتمان الشراء الفيدرالي؛ فإنَّ تعويض التأثير الهامشي لرسوم الأميال المقطوعة بالسيارة سيتطلَّب زيادة ائتمان السيارة الكهربائية.
(في حين ندرس سياسات مثالية، ولكنَّها غير عملية من الناحية السياسية؛ فإنَّ أفضل جمع سيكون عبارة عن ائتمان ضريبي لمرة واحدة لمشتريات السيارات الكهربائية، وضريبة الأميال المقطوعة بالسيارة، وضريبة الكربون).
عدالة التوزيع
سؤال آخر مهم، يتعلَّق بعدالة التوزيع. إذ يخشى بعض الناس من أن تكون رسوم ضريبة الأميال المقطوعة بالسيارة، أكثر عبئاً على الأسر ذات الدخل المنخفض.
ومع ذلك، وجد تحليل لمؤسسة "راند" أنَّ ضريبة الأميال المقطوعة بالسيارة "لن تكون أكثر أو أقل تنازلية من ضرائب الوقود، حالياً أو في المستقبل".
علاوةً على ذلك - كما لاحظ "ديفيس" و"سالي" - فإنَّ عائدات ضريبة الغاز المفقودة بسبب عدم تغطية السيارات الكهربائية "مركَّزة للغاية في عدد قليل من الولايات، وهي تنازلية للغاية، لأنَّ معظم السيارات الكهربائية تقودها أسر مرتفعة الدخل".
يمكن أيضاً معالجة المخاوف التوزيعية من خلال السماح لضريبة الأميال المقطوعة بالسيارة بالتنوع اعتماداً على خصائص السيارة، إذ يتمُّ فرض معدل أعلى على المركبات الفاخرة.
صعوبات الامتثال
ينطوي التحدي الآخر على الامتثال، خاصة إذا كانت رسوم ضريبة الأميال المقطوعة بالسيارة تختلف حسب الموقع والوقت (أو ترف السيارة).
أشار "جوزيف كيل" من مكتب الميزانية بالكونغرس مؤخراً إلى التالي:
يتطلَّب مثل هذا الإطار استخدام جهاز إلكتروني حصل عليه دافعو الضرائب، أو مدمج في المركبات من قبل الشركات المصنِّعة لتتبع الأميال.
علاوةً على ذلك، يجب نقل المعلومات التي يتمُّ تسجيلها بواسطة هذا الجهاز بشكل آمن ودقيق إلى دائرة الضرائب الداخلية، فإذا لم يكن لدى مصلحة الضرائب الأمريكية طريقة فعَّالة وآلية للتحقق من أنَّ الأميال التي تمَّ الإبلاغ عنها دقيقة، فقد يقوم بعض دافعي الضرائب بالإبلاغ عن الأميال المقطوعة بشكل أقل أو يتخلَّفون عن الإبلاغ عن أيِّ أميال على الإطلاق.
إذا لم يتم تنفيذ المطابقة الإلكترونية الفعَّالة للبيانات، فلن يتمَّ اكتشاف التناقضات إلا عن طريق التدقيق، الأمر الذي يتطلَّب موارد كبيرة.
تشعر العديد من مجموعات المدافعة عن الخصوصية بقلق يمكن تفهمه بشأن الآثار المترتبة على توفُّر معلومات التتبُّع هذه لدى الحكومة.
الشاحنات التجارية
كل هذه التحديات مجتمعة تجعل الطريق إلى الأمام نحو فرض ضريبة واسعة النطاق على الأميال المقطوعة بالسيارة أمراً صعباً.
لكنَّ المفاضلات قد تنجح، وسيكون التنفيذ أسهل إذا اقتصرت الضريبة على الشاحنات التجارية.
قدَّرت اللجنة المشتركة للضرائب مؤخراً أنَّ ضريبة 30 سنتاً لكلِّ ميل على الشاحنات الثقيلة ستجمع أكثر من 300 مليار دولار على مدى عقد من الزمن.
العديد من الدول الأخرى، بما في ذلك ألمانيا، وسويسرا، ونيوزيلندا، إلى جانب العديد من الولايات الأمريكية، تطبِّق حالياً مثل هذه الضريبة على الشاحنات، مما يؤكِّد التطبيق العملي لها.
يوثِّق تقرير مكتب الميزانية بالكونغرس لعام 2019 كيفية عمل هذه الأنظمة، ويقيِّم الطرق التي يمكن من خلالها فرض ضريبة فيدرالية.
اعتراض السائقين
من جهتها، وصفت رابطة السائقين المستقلين عن المالك والمشغل، وجمعية النقل بالشاحنات الأمريكية ضريبة الأميال المقطوعة بالسيارة المخصصة للشاحنات أنَّها "شنيعة".
صحيح أنَّ فرض ضريبة جديدة على النقل بالشاحنات في الوقت الحالي سيكون خطأً، نظراً للاختناقات الحالية في نظام اللوجستيات في البلاد. ولكن إذا أصر صانعو السياسات على الدفع مقابل الاستثمارات التي تهدف إلى حماية العالم من مخاطر المناخ الكارثية (بدلاً من الاعتماد على تمويل العجز)، وافتراض أنَّ ضريبة الكربون
ما تزال مستحيلة؛ فإنَّ ضريبة الأميال المقطوعة بالسيارة على النقل بالشاحنات التي تمَّ سنّها حالياً ستصبح سارية المفعول بعد عامين في المستقبل تقع في فئة "الأقل سوءاً".