اعتماداً على الأشجار.. شركة يابانية تسعى لتطوير تقنية تنافس بطاريات الليثيوم

time reading iconدقائق القراءة - 6
تورو نوزاوا، الرئيس التنفيذي لشركة \"نيبون بيبر\"، في مقر الشركة في طوكيو - المصدر: بلومبرغ
تورو نوزاوا، الرئيس التنفيذي لشركة "نيبون بيبر"، في مقر الشركة في طوكيو - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تبدو خطط إحدى شركات إنتاج الورق اليابانية بالنسبة لمعظم العلماء، قفزة تكنولوجية مشكوكا فيها. ورغم ذلك، يبدو أن شركة الورق هذه مصممة على العمل لاستخدام الأشجار كمادة أولية لتطوير بطارية تكون خليفة لبطاريات الليثيوم أيون للسيارات الكهربائية.

تستهدف شركة "نيبون بيبر" (Nippon Paper) للصناعات الورقية، الاكتشافات الجديدة في مجال استخدام ألياف السليلوز النانوية، بهدف إنشاء مكثفات فائقة يمكنها تخزين الطاقة وإطلاقها بأداء محسّن وتأثير أقل على البيئة من البطاريات الحالية.

تلك الألياف عبارة عن مواد يتم إنتاجها عن طريق تكرير لب الخشب، بحجم جزء من مئة من الميكرون أو أصغر. وهي مواد تستخدم حالياً في منتجات مثل الحفاظات أو المضافات الغذائية.

قال تورو نوزاوا، الرئيس التنفيذي لشركة "نيبون بيبر"، في مقابلة: "يجب أن نتحرك بشكل أسرع في عملنا مع الشركات الأخرى لإيجاد استخدامات عملية". يمكن استخدام المكثفات الفائقة من السليلوز النانوي "في الأجهزة التي تُستخدم فيها بطاريات الليثيوم أيون مثل السيارات والهواتف الذكية". وتهدف الشركة إلى بناء نظام تجريبي لتخزين الطاقة على أن يعرض في إكسبو أوساكا عام 2025. وتهدف الشركة لتسويق التكنولوجيا بالكامل بعد عقد من الزمان.

مثالية للبيئة

تحتوي المكثفات الفائقة على إلكترونات عديمة الكتلة ضمن مجال كهربائي. في حين أن البطاريات تخزن الطاقة في صورة كيميائية. وتعني هذه الاختلافات أن المكثفات الفائقة مثالية لانبعاث دفعات طاقة قصيرة ومكثفة، تشبه سرعة انطلاق فلاش الكاميرا، إلا أنها لا تمتلك سوى جزء صغير من سعة التخزين مقارنة ببطارية الليثيوم أيون.

يعني هذا أن المكثفات الفائقة لعبت على مدى عقود دوراً في التطبيقات المتخصصة، وتم استخدامها في أنظمة الذاكرة الاحتياطية في أجهزة الكمبيوتر المحمول، والتحكم في درجة الصوت لمحركات توربينات الرياح، وفي نظام الكبح التجددي في بعض المركبات الهجينة والسيارات التي تحتاج للوصل بمقبس كهربائي. وتوجد مساع لم تتحقق بعد لاستخدامها أيضاً في تشكيل نظام تخزين للطاقة يمتاز بأوقات إعادة شحن أقصر بشكل كبير، ومخاطر أقل. كما تتيح هذه المكثفات إمكانية الاستغناء بشكل مطلق عن المعادن باهظة الثمن مثل الكوبالت أو النيكل.

قال سام يافي، المدير الإداري في شركة "كايرن إنيرجي ريسيرش أدفايزرز"، في مدينة بولدر في ولاية كولورادو: "هناك الكثير من الفرص لمواصلة نمو المكثفات الفائقة كنوع من أنواع التكنولوجيا، إلا أنها قطاع تكنولوجي مختلف تماماً عن البطاريات. ليست المكثفات الفائقة، ولن تكون أبداً، منافساً لبطاريات الليثيوم أيون".

بالنسبة لبطاريات الليثيوم أيون الحالية، فقد واجهت عمليات تحسينها تحديات كثيرة. فهي على الرغم من أنها توفر بشكل روتيني سعة تخزين طاقة جيدة، تبين أن عملية إعادة شحنها بطيئة. ولكن اليوم، توفر بعض تقنيات البطاريات أوقات شحن تصل إلى 30 دقيقة، وهو ما تهدف عدة شركات مثل شركة "فولكس واغن" إلى تقليصه إلى نحو 12 دقيقة، كما قال جيمس فريث، المحلل في "بلومبرغ NEF".

يصر أنصار ومؤيدو المكثفات الفائقة على وجود قيمة لمثابرتهم. حيث يقول ميكيو فوكوهارا، الزميل الباحث في "جامعة توهوكو" والذي تعاون مع شركة "نيبون بيبر"، إن كثافة الطاقة الناتجة تتحسن بالفعل، ويمكن أن تتقدم هذه التقنية بشكل كبير إذا ما استخدمت ألياف السليلوز النانوية.

ثورة صناعية جديدة

كان فريق من العلماء، بمن فيهم فوكوهارا، نشروا ورقة بحثية في شهر مارس بمجلة "نيتشر" البحثية. قدموا فيها دليلاً على أن المكثفات الفائقة التي تستخدم ألياف السليلوز النانوية يمكن استخدامها لتخزين كميات كبيرة من الكهرباء، ويمكن أن تكون ملاءمة للإلكترونيات المحمولة باليد وفي النقل، وفي عمليات تخزين الطاقة المتجددة.

قال فوكوهارا في مقابلة عبر الهاتف، إن حالات استخدامات الألياف المبكرة ستكون في الأجهزة التي تستخدم جهداً منخفضاً، مثل الهواتف الذكية أو الساعات الذكية. إلا أن استخدام المكثفات الفائقة في السيارات الكهربائية يمثل "التطبيق الأفضل الذي ليس له مثيل"، لكنه سيتطلب المزيد من التطوير. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن السيارات تستخدم جهداً عالياً. وقال: "أنا واثق من أنها ستحل محل بطاريات الليثيوم أيون في المستقبل، وتصبح عاملاً حاسماً في الجهود المبذولة لإنقاذ البيئة. بل ستشكل ثورة صناعية أخرى".

تشعر الشركات المنافسة والتي تعمل على مشاريع أخرى لتطوير مكثفات فائقة أفضل، بالثقة تجاه هذه التكنولوجيا. إذ قال يو سونغ جوون، الأستاذ في مختبر الكيمياء الكهربائية العضوية ومواد الطاقة في "معهد غوانجو للعلوم والتكنولوجيا" في كوريا الجنوبية: "بمجرد اكتمال عملية التطوير، سوف يتم استخدام التكنولوجيا في تعزيز قدرة المركبات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة وعمرها".

كذلك تسعى شركة "نيبون بيبر" للحصول على فرص لزيادة توريد المواد لمصنعي البطاريات الحاليين، بينما تواصل تطوير التكنولوجيا المنافسة. وأضافت الشركة مُنتِجاً رائداً واحداً على الأقل كعميل لها، وهي تدرس أيضاً خططاً لإنشاء مراكز إمداد في الأسواق النامية مثل أوروبا، حسبما قال نوزاوا في مقابلة مؤخراً.

وتابع: "ليس هناك شك في أن التحول إلى السيارات الكهربائية سوف يتسارع، وعلينا الاستفادة من هذا الزخم".

تصنيفات

قصص قد تهمك