بلومبرغ
انهارت المحادثات بشأن خطة قدمتها الدول الغنية لتقليص عشرات مليارات الدولارات من الدعم العام لمشروعات النفط والغاز دون التوصل إلى اتفاق، وذلك قبل أسابيع من تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهام منصبه.
سعي الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى إلى التوصل إلى اتفاق يهدف للحد من تمويل وكالات إئتمان التصدير، (مؤسسات تقدم ضمانات لدعم صادرات السلع والخدمات)، إلى مشاريع الوقود الأحفوري العالمية تحت مظلة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي مجموعة من الدول تعتمد على نظام الاقتصاد الحر.
في حين يظل تحسين الشفافية في تمويل الصادرات هدفاً، فإن احتمال التوصل إلى اتفاق أوسع للحد من الدعم المقدم لمشاريع الوقود الأحفوري أصبح بعيداً أو ضعيفاً الآن، حسب مسؤولين أميركيين كبار طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم كون المناقشات خاصة.
يمثل عدم التوصل إلى اتفاق ضربة بالنسبة لنشطاء المناخ الذين رأوا في القيود المقترحة على التمويل وسيلة ذات أهمية كبيرة لتوفير التمويل لمشاريع الطاقة الخالية من الانبعاثات في جميع أنحاء العالم.
مخاوف من عودة ترمب
في حين أن الولايات المتحدة تحت قيادة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن دعمت فرض قيود إضافية، فإنه من غير المرجح أن تحظى هذه القيود بدعم خلال عهد ترمب، الذي بنى حملته الانتخابية على وعود بإطلاق العنان لتطوير مشروعات النفط والغاز في الولايات المتحدة، ودفع الدول الحلفاء لشراء المزيد من الطاقة الأميركية.
قال آدم ماكجيبون، المسؤول عن وضع الاستراتيجيات في مجموعة "أويل تشينج إنترناشيونال" المعنية بالدفاع عن البيئة: "إجراءات الشفافية ليست كافية. ولا يمكننا تحمل دفع أي مبالغ إضافية لزيادة الاستثمارات الموجهة إلى الوقود الأحفوري إذا أردنا الحفاظ على كوكب صالح للحياة".
على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي طرح خطة العام الماضي، بدأت المحادثات بجدية فقط خلال نوفمبر بشأن نهج تسوية جديد اقترحته الولايات المتحدة عقب فوز ترمب في الانتخابات الرئاسية.
كانت المفاوضات قد تعثرت في السابق لعدة أشهر بسبب مخاوف من جانب بنك الاستيراد والتصدير الأميركي، وهو مصرف مستقل يحظر ميثاقه رفض تمويل أي صناعة أو قطاع أو نشاط تجاري معين.
خلال اجتماع في باريس في شهر نوفمبر، اقترحت الولايات المتحدة تحديد سقف الانبعاثات المسموح بها من المشاريع للحصول على التمويل، والذي كان يُنظر إليه على أنه متوافق مع الميثاق الذي وضعه بنك الاستيراد والتصدير الأميركي.
قال أحد المسؤولين إن تقديم حلول جديدة أو تغييرات في السياسات سمح للولايات المتحدة بدعم الاقتراح الأوروبي مع الحفاظ على التزامها بالقيود القانونية التي تحد من قدرة بنك الاستيراد والتصدير الأميركي على اتخاذ قرارات تمويل معينة.
تعثر محادثات منظمة التعاون الاقتصادي
لم تكن الجهود المبذولة كافية في الوصول إلى اتفاق. ولم تتمكن المفاوضات المكثفة والسريعة خلال أسابيع -بما في ذلك عقد جلسة في باريس واجتماعات افتراضية لاحقة- من التغلب على المخاوف المتعلقة بمسائل تخص الأمن القومي والمنافسة وحساب الانبعاثات التي طرحتها كوريا الجنوبية وتركيا.
واجهت الدول صعوبة أو تحدياً في التعامل مع مسائل فنية بشأن الأساليب المناسبة لحساب انبعاثات الكربون من مشاريع الطاقة المختلفة، وهو أمر ضروري لضمان الشفافية والامتثال على المستوى الوطني، حسبما قال أحد المسؤولين.
تسمح اتفاقية مستمرة بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فعلياً باستخدام وكالات الائتمان التصديرية لإعطاء الأفضلية للشركات المحلية في الصفقات الدولية دون مخالفة قواعد منظمة التجارة العالمية.
وتحرص ثمان وثلاثون دولة الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على الالتزام بسياستها التي تحكم هذه الممارسة (تقديم الدعم المالي لمشاريع الطاقة من قبل وكالات الائتمان التصديرية) لأنها تساعد في ضمان توفير بيئة تنافسية عادلة. ومنذ سنوات، حظرت المنظمة تقديم الدعم المالي لمشاريع الفحم التي لا تتضمن تقنيات للتقليل من الانبعاثات، وكان الجهد الأخير يهدف إلى حظر الدعم المالي لمشاريع النفط والغاز أيضاً.
تمويل مشروعات النفط والغاز
وفرت وكالات الائتمان التصديرية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تمويلاً بقيمة 41 مليار دولار في المتوسط سنوياً لمشاريع النفط والغاز، حسب البيانات التي جمعتها جماعات الدفاع عن البيئة.
حتى في الولايات المتحدة، استمر هذا التمويل في التدفق، على الرغم من تعهدات بايدن بوقفه. فبعد سبعة أيام من توليه مهام الرئاسة، أصدر أوامر للوكالات الحكومية الأميركية بهدف "تعزيز إنهاء التمويل الدولي لمشروعات الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري وتسبب انبعاثات كبيرة من الكربون".
في ديسمبر 2021، وقعت الولايات المتحدة على إعلان دولي يلتزم "بوقف تقديم الدعم العام المباشر الجديد إلى القطاع العالمي للطاقة الأحفورية الذي لا يتضمن تقنيات للتقليل من الانبعاثات الكربونية"، باستثناء بعض الظروف المحدودة جداً.
خلال الأسبوع الحالي، من المقرر أن يصوت بنك التصدير والاستيراد الأميركي للموافقة على قرض بقيمة 527 مليون دولار لمساعدة غيانا في تطوير مشروع للغاز الطبيعي. وتشمل المؤسسات المستفيدة التي حددها البنك شركة الطاقة "ليندسيكا" (Lindsayca) وشركة الهندسة "سي إتش فور سيستمز" (CH4 Systems) وشركة النفط الكبرى " إكسون موبيل".
يريد المدافعون عن البيئة الاستمرار في محاولة التوصل إلى اتفاق بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول القضايا البيئية. وقال أحد المسؤولين إن المفاوضين يعتزمون استمرار التواصل عبر الرسائل أو الاجتماعات، حتى مطلع يناير على الأقل.
من جانبها، قالت كيت دي أنجيليس، مديرة برنامج التمويل الدولي لدى مجموعة "أصدقاء الأرض" البيئية: "يجب على إدارة بايدن استخدام الأسابيع القليلة الأخيرة لزيادة الضغط على كوريا وتركيا -آخر الدول المعترضة- ولن ينته الأمر حتى يتولى ترمب السلطة رسمياً". وسيكون التوقف عن بذل الجهود والتفاوض للتوصل إلى اتفاق بمثابة خسارة هائلة لإرث بايدن والمناخ.