بلومبرغ
أنفق صندوق بارز أطلقته الإمارات قبل عام، جزءاً صغيراً فقط من أمواله، إذ يواجه صعوبة في العثور على صفقات تتناسب مع التزامه بالاستثمار في تحول الطاقة.
أعلنت الإمارات في ديسمبر الماضي عن خطط لضخ 30 مليار دولار في الصندوق الجديد،"ألتيرا"، بهدف جمع 250 مليار دولار بحلول نهاية العقد. حتى الآن، التزم "ألتيرا" بـ6.5 مليار دولار في 7 استراتيجيات تُدار بواسطة شركات "بلاك روك"، و"بروكفيلد"، و"تي بي جي". مع ذلك، فإن الأموال التي تم إنفاقها فعلياً أقل بكثير من ذلك، وفقاً لما قاله الرئيس التنفيذي.
يحاول "ألتيرا" إنشاء "حلول مستدامة وقابلة للتوسع"، كما أوضح الرئيس التنفيذي ماجد السويدي في مقابلة في أذربيجان. وأضاف: "هذه هي الطريقة الوحيدة لنمو هذه الاقتصادات بشكل حقيقي".
شح المشاريع
لكن حالياً، تواجه السوق نقصاً في الصفقات القابلة للاستثمار في مجال تحول الطاقة، خاصةً في الدول النامية والأسواق الناشئة، بحسب السويدي. ورفض الرئيس التنفيذي الكشف عن المبلغ الذي تم إنفاقه حتى الآن.
نقص المشاريع المناخية ذات الجاذبية المصرفية ظهر كموضوع بارز في قطاع التمويل الخاص، ما يهدد بتباطؤ الاستثمار. وفي الوقت ذاته، يسعى ممثلو نحو 200 دولة في قمة "كوب 29" في أذربيجان للتوصل إلى اتفاق يهدف إلى تحقيق تعهدات مالية مناخية تصل إلى تريليون دولار سنوياً.
بينما تتفاوض الدول حول الهدف، حذر المصرفيون من أنه حتى إذا تم جمع تريليونات الدولارات، فقد لا يكون من الممكن إنفاقها.
"في كثير من الأحيان، قد يكون هناك مشروع، وربما يكون التمويل جاهزاً، ولكن القدرة الفعلية في بلد ما، وخاصة في الأسواق الناشئة، غائبة" وفق تصريحات ماريسا درو، كبير مسؤولي الاستدامة في "ستاندرد تشارترد بنك" الأسبوع الماضي في باكو.
أفاد جاي كولينز، نائب رئيس قطاع البنوك والقطاع العام في "سيتي غروب"، بأن شركته ترى نمطاً مشابهاً. وأضاف في مؤتمر "كوب 29": "ليس هناك ما يكفي من المشاريع. البيئة الملائمة لتمكين قيام هذه المشاريع ليست جاهزة بعد".
نموذج "التمويل المختلط"
بعض الصناديق التي استثمرت فيها "ألتيرا" بدأت حديثاً، كما أنها في مراحلها الأولى لجمع الأموال. وعادةً ما ينتظر مديرو الأصول إغلاق جولة التمويل الأولى قبل ضخ رأس المال.
أُطلق "ألتيرا" في قمة المناخ "كوب 28" في دبي العام الماضي كنموذج لما يُسمى بـ"التمويل المختلط"، وهو هيكل يفترض استخدام أوعية عامة لجذب رأس المال من القطاع الخاص. وعند إطلاقه، وصف ملياردير صناديق التحوط راي داليو "ألتيرا" بأنه "نموذج رائع" للآخرين لاتباعه.
الصندوق، الذي يُعد أكبر وسيلة استثمار خاصة في مجال المناخ على مستوى العالم، مُقسم إلى وحدتين، الأولى هي "ألتيرا أكسيليريشن" التي تمتلك 25 مليار دولار لاستخدامها كمستثمر رئيسي في استراتيجيات المناخ عالمياً، والثانية هي "ألتيرا ترانسفورميشن" التي تخطط لتخصيص نحو 5 مليارات دولار للأسواق الناشئة والنامية.
جدوى الاستثمارات
وافقت الإمارات على تحديد سقف لأرباحها من "ألتيرا ترانسفورميشن" لجذب المستثمرين الخارجيين، الذين يُمكن أن يحصلوا على عوائد إضافية بما يصل إلى 5 نقاط مئوية نتيجة لذلك. وتخطط "ألتيرا" للمزيد من الاستثمارات المشتركة والاستثمارات المباشرة في المستقبل.
جيم كولتر، الرئيس التنفيذي لشركة "تي بي جي"، وصف هيكل التمويل الخاص بـ"ألتيرا" بـ"الثوري للغاية" عندما تم إطلاقه العام الماضي.
رأى السويدي أن القطاع العام "يواجه تحديات اقتصادية، ما يجعل تعبئة رأس المال صعبة". أما في القطاع الخاص، فإن البنوك والمستثمرين "عادةً ما يكونون غير قادرين على تحمل مخاطر أكبر. هنا تأتي الحاجة لابتكار حلول مدمجة".
مع ذلك، تواجه سوق التمويل المختلط حتى الآن صعوبة في تحقيق نطاق واسع ذي أهمية. على الصعيد العالمي، بلغت قيمة صفقات التمويل المختلط الموجهة نحو المناخ ذروتها العام الماضي عند 18.3 مليار دولار فقط، وفقاً لـ"كونفيرجينس"، وهي شبكة تضم 165 مؤسسة مالية.
تحفيز الاستثمارات
"التمويل المختلط معقد"، حسبما وصفه يورغ آيغندورف، رئيس قسم الاستدامة في "دويتشه بنك" في مقابلة في باكو. وأضاف أن استخدام الأموال العامة لتقليل المخاطر على رأس المال من القطاع الخاص هو في النهاية حل "موقت" قصير الأجل فقط.
في المملكة المتحدة، تراجع الحكومة طرقاً لتحفيز الاستثمار في تحول الطاقة، مع التركيز بشكل خاص على ضمان حصول الأصول عالية الانبعاثات على رأس المال اللازم لتقليل تأثيرها الكربوني. وذكر أندريه أبادي، المدير الإداري في مركز التحول الكربوني في "جيه بي مورغان تشيس آند كو"، أن الخطط الانتقالية والتصنيفات والشهادات التي تُمنح للمنتجات هي "أدوات مفيدة".
وأكد أبادي، الذي ساهم في مراجعة المملكة المتحدة، أنه "ما لم يكن لدى عملائنا أصول قابلة للاستثمار وتتمتع بجدوى اقتصادية، فلن يتدفق رأس المال".
"إنشاء سلسلة من المشاريع المستقبلية يُعد تحدياً صعباً"، بحسب تاريي جباديغيسن، الرئيسة التنفيذية لـ"كلايميت إنفستمنت فاند"، وهو صندوق مناخ متعدد الأطراف قيمته 12 مليار دولار ومقره البنك الدولي. وأوضحت: "لدينا التمويل الجاهز والدعم المطلوب، ولكن التركيز الآن ينصب على كيفية تنفيذ هذه المشاريع".