قبل انعقاد قمة الأرض.. هل يستطيع بايدن تحقيق "العدالة المناخية" في العالم؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
أمريكا تحشد العالم لمعركة المناخ - المصدر: بلومبرغ
أمريكا تحشد العالم لمعركة المناخ - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يبذل الرئيس الأمريكي جو بايدن جهوداً حثيثة من أجل تحقيق العدالة المناخية داخل بلاده، لكنَّ مقدار التزامه تجاه المسرح الدولي لم يتضح بعد.

و دعا الرئيس بايدن 40 من قادة العالم، بما في ذلك نظيره الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين، إلى البيت الأبيض في وقت لاحق من شهر أبريل من أجل مناقشة كيفية التعاون سوياً لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري. وذكرت "بلومبرغ" أنَّ إدارة بايدن قد تضاعف التزامها تجاه اتفاقية باريس للمناخ قبل الاجتماع.

وتتجاوز المساهمة الأمريكية في أجندة المناخ العالمي أهدافها المحلية، إلى درجة أنَّها تتجاوز أيضاً الوعود الجديدة التي قد تقدِّمها الدول الأخرى التي يصدر عنها انبعاثات هائلة. كما أنَّ تأثيرها على المسرح العالمي يمنحها قدرة لا مثيل لها على إدارة المناقشات.

التزم بايدن بتحقيق العدالة البيئية في الولايات المتحدة وخارجها من خلال إصدار أمر تنفيذي في يناير الماضي، إذ يتضمَّن مخططه للوظائف والبنية التحتية منحاً وأنشطة تهدف إلى مساعدة المجتمعات المثقلة بشكل غير متناسب بالتلوُّث. كما تواصلت الولايات المتحدة أيضاً مع دول أخرى لجعل ضرائب الشركات أكثر عدلاً.

إغاثة فورية

وعلى المنوال نفسه، يتعين على إدارة بايدن اتخاذ تدابير منهجية ضخمة لمساعدة الدول الفقيرة على رفع طموحاتها المناخية. وهذا يعني دعم الدول النامية عبر تقديم إغاثة اقتصادية فورية من تداعيات الوباء، وتحسين دعم التنمية المستدامة، وجعل الهيكل المالي أكثر إنصافاً للدول المدينة.

و هناك مؤشرات واعدة بإحراز تقدُّم في الجولة الأولى، فقد أعربت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين عن دعمها لتخصيص جديد لحقوق السحب الخاصة، وهي وحدة العملة في صندوق النقد الدولي. وهذا من شأنه أن يعزز بشكل مباشر الميزانيات العمومية للعديد من الدول النامية التي تضرَّرت بشدَّة من تفشي الوباء، لكنَّها لا تستطيع الحصول على تمويل مماثل للدول الغنية.

ومنذ ذلك الحين، انضمَّت دول مجموعة السبع الأخرى إلى يلين في الاقتراح الذي يفيد قيام الدول الغنية بإعادة تخصيص حقوق السحب الخاصة بها إلى الدول الناشئة.

وقالت كريستالينا جورجيفا، رئيسة صندوق النقد الدولي، في اجتماعات الربيع التي عقدت مؤخراً، إنَّ حقوق السحب يمكن توجيهها للدول الأكثر فقراً، فضلاً عن الدول متوسطة الدخل المستبعدة من الإغاثة الطارئة.

وكثيراً ما كان الدعم المالي المقدَّم من الدول المتقدِّمة بالغ الأهمية في مكافحة تغيُّر المناخ على كوكب الأرض، وبالنسبة لبعض منهم، لن تكون حقوق السحب الخاصة كافية. كما أنَّ الدول الأكثر فقراً تعدُّ الأقل مساهمة في الاحتباس الحراري، لكنَّها تميل إلى أن تكون الأكثر عرضة لتأثيراته.

وعود لم تنفذ

وفي عام 2010، وعدت الدول الغنية بضخِّ 100 مليار دولار سنوياً في التمويلات المتعلِّقة بالمناخ بحلول عام 2020، لكنَّهم تخلَّفوا عن الموعد النهائي. وأصبحت هذه الأموال أكثر أهمية من أيِّ وقت مضى في وقت تحاول فيه العديد من الدول الفقيرة التصدي للصدمات الاقتصادية الناجمة عن الوباء.

وأعربت "غرينادا"، وهي دولة في الكاريبي تعتمد على السياحة، في تعهدها بشأن المناخ في نوفمبر، عن حاجتها إلى "منح وتمويلات ميسرة أخرى" لتنفيذ السياسات.

وفي الوقت نفسه، يعمل الأمر التنفيذي الذي أصدره بايدن في يناير على توجيه الوكالات الأمريكية، وكبار المسؤولين لتقديم "خطة تمويل المناخ".

وكتب جو ثويتس، من معهد الموارد العالمية، أنَّ هذا يجب أن يشمل استئناف ومضاعفة مساهمة الولايات المتحدة في صندوق المناخ الأخضر، وبدء تمويل مبادرات جديدة متعددة الأطراف، مثل صندوق التكيف (Adaptation Fund)، والصندوق الاستئماني لأقل الدول نمواً (Least Developed Countries Fund).

ومن المقرَّر أن يكون إنهاء الدعم المقدَّم لمشاريع الوقود الأحفوري عبر وكالات ائتمانات التصدير خطوة قوية أيضاً، إضافة إلى التزامات المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وزيادة الضغط على عدد قليل من المموِّلين الرئيسيين الآخرين، مثل اليابان، لتحذو حذوها.

وتعدُّ التوقُّعات قاتمة بالنسبة لعشرات الدول التي وقعت في ضائقة ديون منذ تفشي الوباء. وقال وزراء مالية مجموعة العشرين في اجتماعهم الأخير، إنَّ برنامج تعليق سداد بعض الديون سينتهي هذا العام، برغم مطالبة الدول النامية بتمديده حتى عام 2022. كما رُفِضَ طلب مقدَّم لإدراج الدول متوسطة الدخل​​، موطن عشرات الملايين من الأشخاص الذين سقطوا من الطبقة المتوسطة، والأشخاص تحت خط الفقر، ضمن المبادرة.

تحرُّك جماعي

ولا يمكن للولايات المتحدة وضع سياسات بمفردها في الاجتماعات متعددة الأطراف. ومع ذلك، هناك منطقتان محدَّدتان من شأنهما إحداث الفرق، إلى جانب القوى الغربية الكبرى الأخرى، مثل المملكة المتحدة. وكان كلاهما من بين حفنة من الدول التي عارضت اعتماد مبادئ إعادة هيكلة الديون السيادية في عام 2015.

ومع ذلك، يعدُّ الوباء دليلاً مثالياً على ضرورة وجود مثل هذا النظام، فهو يعدُّ كارثة غير متوقَّعة قضت بدورها على قدرة دول عديدة على سداد ديونها دون التأثير على ميزانيات الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية.

والمسألة الثانية، تتعلَّق بجلب الدائنين من القطاع الخاص إلى طاولة المفاوضات حول تخفيف أعباء الديون. وتعدُّ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة موطناً لمعظم أكبر مديري ديون الأسواق الناشئة في العالم والمحاكم التي يتمُّ فيها التقاضي بشأن معظم عقود السندات السيادية، وذلك يكون في الغالب على حساب الدول المدينة. ويمكن أن يكون لدى البلدين سلطة ما في وضع شروط أكثر ملاءمة.

ولا تعدُّ هذه الإصلاحات جذرية، لكنَّها مدعومة من قبل مسؤولين في صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وأكاديميين، والدول النامية نفسها. وقد تتطلَّب هذه التدابير إثارة غضب بعض الدوائر المحلية، لكن إذا عاد أكبر اقتصاد في العالم إلى اللعبة حقاً، فإنَّ أزمة المناخ ستتطلَّب اتخاذ تدابير أكثر جرأة.

تصنيفات

قصص قد تهمك