بلومبرغ
اتخذت الصين أولى خطواتها الرئيسية في رحلتها نحو الحياد الكربوني مؤخراً، حين أعلنت البلاد عن هدفها إبطاء نمو الانبعاثات الكربونية في الأعوام الخمسة المقبلة.
وتخطّط الصين لخفض الانبعاثات الكربونية لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 18% حتى عام 2025، وخفض استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 13.5%، حسبما قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، خلال افتتاح المؤتمر الشعبي الوطني.
وتخطّط البلاد أيضاً لرفع نسبة استخدام الوقود غير الأحفوري في الطاقة إلى 20% بحلول ذلك الوقت، كما أنها ستخصص خطة عمل عام 2021 لإيضاح الطريقة التي تستهدف من خلالها بلوغ ذروة الانبعاثات بحلول عام 2030.
زيادة الإنتاج المحلي من الفحم والنفط
في الوقت نفسه تخطط الصين لمواصلة زيادة الإنتاج المحلي من الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط، لتحسين أمن الطاقة لديها، وهو الأمر الذي يشكّل مصدر قلق رئيسيّاً لأكبر مستورد للمواد الخام في العالم، كما أنها تخطط لمواصلة تطوير منشآتها للطاقة النووية بعد فشلها في تحقيق أهدافها في القطاع خلال الأعوام الخمسة الماضية.
ويمثل خطاب لي والخطة الخمسية الرابعة عشرة للبلاد، التي تغطي الفترة بين عامَي 2021 و2025، أول مخطط استراتيجي لبكين منذ سبتمبر الماضي، عندما وضع الرئيس الصيني شي جين بينغ هدفاً للوصول إلى الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2060.
وإليك كيفية تأثير هذا الخطاب في بعض قطاعات الطاقة والمناخ الرئيسية:
كفاءة الطاقة
بدأت الصين توجيه اقتصادها نحو التصنيع بعد أكثر من قرن من تحول دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وبالتالي فإن استهلاكها للطاقة يستمر في النمو بقوة، في وقت وصل فيه استهلاك دول أخرى إلى ذروته أو استقر.
ولم تكن بكين راغبة في إبطاء نموها من خلال وضع حد لاستخدام الطاقة، لذا فإنها ركزت بدلاً من ذلك على استهلاكها بكفاءة أكبر.
ويعتبر الهدف الجديد الذي يتمثل في خفض استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 13.5% أقل قليلاً من هدف 15% الذي حدّدته الدولة في خطتها الخمسية الأخيرة، لكن الصين تفوقت على هذا الهدف، إذ خفضت كثافة الطاقة بنحو 18% بين عامي 2016 و2020.
وأشارت مؤسسة الشبكة الحكومية الصينية، عملاق المرافق في البلاد، مؤخراً، إلى زيادة مستوى التركيز على كفاءة الطاقة والإصلاحات في جهة الطلب، وذلك على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، في خطوات تشكل حلّاً أرخص من إضافة إمدادات طاقة جديدة.
انبعاثات الكربون
على غرار نهج الصين في استهلاك الطاقة، كان نهج البلاد تجاه الانبعاثات يتلخص في خفض الكثافة الكربونية، بدلاً من تحديد هدف أكثر شمولاً.
وبشكل عامّ، كان هدف خفض الانبعاثات بنسبة 18% خلال الأعوام الخمسة المقبلة مماثلاً للمستوى الذي استهدفته البلاد ونجحت في بلوغه في الخطة السابقة.
ومع استمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي، استمرت الانبعاثات في النمو أيضاً، إذ وصلت انبعاثات الصين إلى 9.8 مليار طن من الكربون في عام 2019، أي ما يقرب من 29% من إجمالي الانبعاثات العالمية، وفقًا لبيانات شركة "بي بي" البريطانية.
ويقول خبراء المناخ إن الصين بحاجة إلى تحديد حدّ أقصى مطلق، إذ قال "مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف" إنها بحاجة إلى 8.75 مليار طن بحلول عام 2025 لتلبية المسار الخطي إلى هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
الفحم
تعدّن الصين وتحرق نصف إمدادات العالم من الفحم، الذي يعد أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثاً للبيئة.
ونجحت بكين في الأعوام الأخيرة في خفض حصة الفحم من مزيجها الخاص بالطاقة، لكن تزامن ذلك مع ارتفاع الاستهلاك الكلي للطاقة، بما يعني أن كمية الفحم المحترق لم تتغير كثيراً منذ أوائل عقد 2010.
ويمكن أن يستمر هذا التوجه على الأرجح في الخطة الخمسية المقبلة، فقد قال رئيس مجلس الدولة إن بلاده ستواصل تعزيز الاستخدام النظيف والفعال للوقود مع تعزيز الخطوات المتخذة لتطوير مصادر الطاقة الجديدة، كما ستواصل بناء أنظمة إنتاج للفحم والنفط والغاز.
وأعلنت مجموعة صناعة الفحم في البلاد مؤخراً أنها تخطّط لزيادة الإنتاج بحلول عام 2025، وأن الاستهلاك الإجمالي سيكون أعلى قليلاً في نهاية تلك الفترة مقارنة بما كان عليه في عام 2020.
الطاقة النظيفة
يُعتبر هدف الصين المتمثل في تلبية 20% من احتياجاتها من الطاقة عبر مصادر الوقود غير الأحفوري بحلول عام 2025، أسرع من الهدف السابق للوصول إلى هذا الحد بحلول عام 2030، بما يوضح النجاح الهائل الذي حققته الدولة في تعزيز منشآت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح خلال الأعوام الأخيرة.
وستواصل الصين تطوير هذه المصادر بكفاءة. بالإضافة إلى تعزيز الهيدروجين والطاقة الكهرومائية التي تُضخّ وتُخزن على مدى الأعوام الخمسة المقبلة.
وأكد لي أيضاً دعم الصين الطاقة النووية، بعد أن أخفقت في تحقيق هدف خطتها الخمسية الأخيرة المتمثل في امتلاك محطات بقدرة 58 غيغاوات بحلول عام 2020، لينتهي الأمر بمستوى أقلّ من 50 غيغاوات.
وعلى مدى الأعوام الخمسة المقبلة، تخطط البلاد لتعزيز قدرة طاقة انقسام الذرّة بنسبة 40%، لتصل إلى 70 غيغاوات.
الطاقة الكهربائية
أحد المبادئ الرئيسية للحركة الخضراء في الصين، هو "كهربة كل شيء"، وذلك من أجل ربط مزيد من القطاعات بالمصادر الأسرع نمواً للطاقة الخالية من الكربون وطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
تلخّص هذه النقاط ما تفعله الصين، وقد قال لي إن بلاده تحدّد هدفاً يتمثل في زيادة مصادر الكهرباء خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية أن الكهرباء شكلت نحو 25% من إجمالي استهلاك الطاقة في عام 2018 في الصين، أي أكثر من ضعف النسبة المسجلة في عام 2000.
وتقول شركة المرافق الرئيسية في البلاد إن هذه النسبة سترتفع إلى 30% بحلول عام 2025، وإلى 35% بحلول عام 2030، مع توسُّع الدولة في أسطول المركبات العاملة بالبطاريات الرائدة على مستوى العالم.