احتجاز الكربون.. مكنسة الهواء التي يحتاج إليها المناخ

time reading iconدقائق القراءة - 7
منشأة تخزين الكربون في بحر الشمال - المصدر: بلومبرغ
منشأة تخزين الكربون في بحر الشمال - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

نجيد نحن البشر إطلاق ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، ولكن هل يمكننا التوصُّل إلى طريقة لسحبه؟

يركّز العلماء والمهندسون والحكومات على التقنيات التي تعمل على احتجاز الكربون لتوفير مزيد من الوقت، في حين يحاول الاقتصاد العالمي التخلُّص من عادة استخدام الوقود الأحفوري. ولكن مع تزايد التنبؤات بمسار المناخ، فإنَّ أكثر الدراسات موثوقية تخلُص إلى أنَّ إزالة الكربون على نطاق واسع -بما يكفي للحدِّ بشكل كبير من مستويات الكربون المطلقة، وليس فقط خفض معدل الزيادة هو أفضل أمل للبشرية لتجنُّب الكارثة، غير أنَّ التقنيات الحالية بعيدة للغاية عن تقديم يد المساعدة.


1- ألا يمكننا زراعة أعداد هائلة من الأشجار وحسب؟

ليس على سبيل المزاح، فالأشجار بالفعل بمثابة أجهزة غسل الكربون الأصلية. فقد كتب مجموعة من العلماء أنَّ تضمين "حلول المناخ الطبيعية" -وبشكل رئيسي إعادة زراعة الغابات أو إعادة التشجير- من بين تدابير أخرى قد تساهم بـ 37% من تخفيضات الانبعاثات المطلوبة بحلول عام 2030 ، لوضع العالَم على المسار الصحيح لتحقيق هدف اتفاقية باريس الدولية لعام 2015، الذي يتمثَّل في الحد من الاحترار ليصل إلى درجتين أعلى من مستويات منتصف القرن التاسع عشر. ومع ذلك، فإنَّ العقبة الوحيدة تتمثل في أن التوسع في زراعة الأشجار قد يتطلَّب مساحة كبيرة من الأراضي عالية الجودة، بحيث تبلغ نحو ثلاثة أضعاف حجم الهند.


2. ما مقدار الكربون الذي ينبغي أن نُخلِّص البيئة منه؟

لقد تسبَّبنا بالفعل في وضع 45% من ثاني أكسيد الكربون في الهواء، بنسبة تفوق ما كانت عليه قبل التحوُّل نحو التصنيع. وتزداد نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء إلى 100 مليون طنّ متريّ يومياً. إنَّ تقليل تلك الانبعاثات إلى الصفر-إذا كان ذلك ممكنًا- لن يكون كافياً لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، فقد ارتفعت درجة الحرارة بالفعل إلى درجة مئوية واحدة تقريباً. ووفقاً لأحد التقديرات، سنحتاج إلى إزالة أكثر من 800 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون من الآن وحتى عام 2100، وهو ما يعادل 20 عاماً من الانبعاثات بالمعدلات الحالية.


3. ماذا تعني إزالة الكربون؟

تأتي عملية إزالة الكربون من الغلاف الجوي في صورتين رئيسيتين، وهما احتجاز الكربون وتخزينه (CCS)، وإزالة ثاني أكسيد الكربون (CDR). وتحظى عمليات الاحتجاز والتخزين بمعظم الاهتمام حتى الآن، ويرجع ذلك بصورة كبيرة إلى ترويج صناعة الفحم لتلك العملية على أنَّها الشيء الذي سيحلُّ مشكلات انبعاثاتها. وهذا يعني جمع ثاني أكسيد الكربون حيث تصدره مولدات الوقود الأحفوري أو المنشآت الصناعية، ثم إرساله للاستخدام في مكان آخر أو للتخزين في أعماق الأرض. وعند سماع مصطلح "الفحم النظيف"، فعادة ما يكون ذلك إشارةً إلى احتجاز الكربون وتخزينه.


4. ما مدى نجاح مشروعات احتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون؟


إنَّها ناجحة بالفعل، ولكنَّها في الغالب لم تتجاوز مرحلة الاختبار، فيوجد أكثر من 20 مشروعًا لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه حول العالم، وكثير من الجهود التي تحدث تكون على نطاق أصغر. ويُعدُّ مصنع الغاز والفحم في ولاية ميسيسبي المجهز لاحتجاز الكربون أكبر مثال على القصور في هذا المجال، إذ استنفد أكثر من ثلاثة أضعاف ميزانيته الأصلية البالغة 2.4 مليار دولار، ولم يعُد يحتجز الكربون. وأشارت شركة "رويال داتش شيل" للنفط، في تقرير حديث، إلى أنَّنا سنحتاج إلى 10 آلاف منشأة كبرى لاحتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2070 لتحقيق هدف الدرجتين المئويتين المنصوص عليه في اتفاقية باريس.

5. هل تستطيع تقنية احتجاز الكربون وتخزينه إنقاذ صناعة الفحم؟

قد لا تستطيع فعل ذلك حتى مع زيادة الإعفاءات الضريبية لعزل ثاني أكسيد الكربون التي أُقِرَّت في فبراير، كما يُعَدُّ الغاز الطبيعي رخيصاً للغاية بحيث يجعل من الصعب على الفحم منافسته، حتى من دون التكاليف الإضافية "الضخمة" اللازمة لتركيبه. وكان المستفيد الأكبر من تقنية احتجاز وتخزين الكربون هو صناعة النفط، التي حصلت على أكثر من مليار دولار من الاعتمادات من خلال شراء ثاني أكسيد الكربون المركَّز وحقنه في حقول النفط القديمة، إذ يساعد الغاز الآبار المنخفضة على زيادة الإنتاج.


6. إذاً ما آفاق تقنية إزالة ثاني أكسيد الكربون؟

تسحب تقنية إزالة ثاني أكسيد الكربون الغاز من الهواء المحيط، وهذا أكثر صعوبة من احتجازه عندما يتركَّز في مداخن العادم. ومع ذلك، تعمل مختبرات الأبحاث والشركات الناشئة على تطوير طرق منافسة لما يعرف بالتفاعلات العكسية، التي يُذاب من خلالها ثاني أكسيد الكربون في المواد الكيميائية ثم يُطلَق.

وعلى سبيل المثال، تبني شركة "كلايمووركس"، ومقرُّها زيورخ، بنوكاً كبيرة من الفلاتر التي تمتص الهواء، وتدمج ثاني أكسيد الكربون مع مواد كيميائية تسمى الأمينات، ثم تُطلِق الهواء النقي من الجانب الآخر. ويُجمَّع ثاني أكسيد الكربون ويُركَّز للاستخدام الصناعي، مثل صناعة البلاستيك أو الأسمنت. كما تستخدم شركة "غلوبال ثيرموستات"، في نيويورك، الموادّ الكيميائية القائمة على النيتروجين لتجميع ثاني أكسيد الكربون وتركيزه، بينما تحتجز شركة "كاربون إنجينيرينغ"، في مقاطعة كولومبيا البريطانية، ثاني أكسيد الكربون في كربونات الكالسيوم قبل فصله مرة أخرى.


7. ما مدى فاعلية تقنية إزالة الكربون؟

لا يزال معظمها في مرحلة العرض، إذ إنَّ أول مصنع تجاري لشركة "كلايمووركس" يمكنه إزالة 900 طن من ثاني أكسيد الكربون من الهواء كل عام، ولكن سنكون بحاجة إلى أكثر من 400 ألف من المصانع المماثلة لسحب واحد في المئة من الانبعاثات الحالية، ومثل ذلك الرقم يجعل العلماء يأملون في تحقيق نوع آخر من التقدُّم الجذري.


8. هل مِن طرق أخرى؟

نعم. وتعدُّ التقنية المعروفة باسم الطاقة الحيوية من خلال احتجاز الكربون وتخزينه. ومن خلالها تُزرَع أولاً النباتات التي تمتصُّ ثاني أكسيد الكربون، ثم تُحرق تلك الكتلة الحيوية لتوليد الطاقة، وبعد ذلك تُحتجَز هذه الانبعاثات وتُدفَن، مما يعوِّض عن نظام منتج للطاقة السلبية للكربون. ومرّة أخرى، تبلغ مساحة الأراضي اللازمة لزراعة ما يكفي من الكتلة الحيوية حجماً أكبر بكثير من حجم الهند. وتُعَدُّ إحدى السمات التي تشترك فيها تقنية الطاقة الحيوية مع احتجاز الكربون وتخزينه، مع طرق إعادة زراعة الغابات، واحتجاز الكربون وتخزينه، وإزالة الكربون، هي أنها جميعاً ستبدو أكثر جدوى إذا أدَّى الاعتماد الواسع النطاق لضرائب الكربون إلى ميل الحوافز الاقتصادية بعيداً عن الأنشطة التي تنتج الغازات الدفيئة وتوجيهها نحو تلك التي تمتصُّها.

تصنيفات