الشرق
قالت وكالة "فيتش" إن الأهداف الطموحة لحكومة سلطنة عمان لتوسيع إنتاج الهيدروجين الأخضر محلياً، يمكن أن تدعم المؤشرات الرئيسية، مثل الناتج المحلي الإجمالي والإيرادات المالية وميزان المدفوعات، على المدى الطويل.
فعلى عكس الغاز الطبيعي، يمكن حرق الهيدروجين دون ضخ انبعاثات كربونية في الهواء، كما يمكن إدارته من خلال خلايا الوقود اللازمة لتوليد الكهرباء، ولن يتسبب في إهدار شيء سوى الماء. ويُنتَج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام محطات الطاقة الشمسية أو مزارع الرياح، ومن ثم يصبح وسيلة لتخزين كميات هائلة من الطاقة المتجددة بشكل أكثر مما تستطيع البطاريات الاحتفاظ به.
تهدف حكومة السلطنة إلى زيادة إنتاج الهيدروجين إلى ما لا يقل عن مليون طن متري سنوياً بحلول عام 2030، ويرتفع إلى 3.25 مليون طن متري على الأقل بحلول عام 2040، و7.5 مليون طن متري بحلول عام 2050، وفق "فيتش".
كما وقعت شركة هيدروجين عمان (هيدروم) المملوكة للدولة، ست اتفاقيات استثمارية تزيد قيمتها عن 38 مليار دولار مع شركاء في عام 2023. تركز معظم المشاريع على إنتاج الهيدروجين وتصديره في شكل الأمونيا أو الفولاذ.
وأشارت الوكالة في تقرير حديث إلى أن عدم اليقين بشأن النتائج المحتملة لتلك المشاريع لا يزال مرتفعاً في هذه المرحلة المبكرة من تبلور القطاع.
3 مشروعات للهيدروجين الأخضر في عُمان باستثمارات تتجاوز 20 مليار دولار
رجحت "فيتش" أن يكون التأثير الرئيسي لخطة تطوير الهيدروجين الأخضر خلال المدى القريب على الاستثمار والمؤشرات الخارجية والتوظيف. فمن شأن التدفقات الكبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر أن تعزز الناتج المحلي الإجمالي، ولكن هذه الزيادة سوف يقابلها ارتفاع الواردات اللازمة لإنجاز المشاريع. توقع البنك الدولي في تقريره الصادر خلال أكتوبر أن تدعم قطاعات البناء، والاستثمارات في الطاقة المتجددة، والسياحة، نمو الاقتصاد غير النفطي العُماني، مرجحاً تسجيل الأخير معدل نمو 2%، ليسجل اقتصاد السلطنة بأكمله نمواً نسبته 1.4% خلال 2023.
تحسين التصنيف الائتماني في عمان
تدعم صادرات مشاريع الهيدروجين الأخضر رصيد الحساب الجاري لسلطنة عمان، ولكن سيتم توجيه ذلك جزئياً إلى سداد الديون الخارجية ودفع أرباح الشركات الأم. كما ستوفر نسبة كبيرة من احتياجات التوظيف من الخارج، لكن المنتجين سيخضعون أيضاً لأهداف توظيف المواطنين العمانيين، حسبما جاء في تقرير الوكالة العالمية للتصنيف.
ويتعين على المنشآت الصناعية العمانية في 14 منطقة اقتصادية وصناعية التحول إلى استخدام الهيدروجين الأخضرخلال خمس سنوات كجزء من رؤية 2040، حسبما صرّح علي السنيدي، رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة العمانية لـ "الشرق" منتصف ديسمبر الجاري.
عُمان تُمهل 14 منطقة صناعية 5 سنوات لاستخدام الهيدروجين الأخضر
أوضحت "فيتش" في سبتمبر 2023، عندما رفعت تصنيف عمان إلى "BB+" من "BB" مع نظرة مستقبلية مستقرة، أن نمو الاقتصاد غير النفطي يؤدي بشكل ملحوظ إلى تحسين الإيرادات المالية غير النفطية وتقليل ضغوط الإنفاق الاجتماعي على الحكومة، الأمر الذي أدى لتحسين التصنيف الائتماني.
تطوير الهيدروجين الأخضر في عمان
على المدى الطويل، فإن نجاح عمان في تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر من شأنه أن يساعد إلى حد ما على تقليل اعتمادها الكبير على الوقود الأحفوري وتعرضها لحدوث التحول في قطاع الطاقة عالمياً، وفق "فيتش". وقد تظل الإيرادات المالية وعائدات التصدير من الهيدروجين الأخضر عرضة لتقلبات أسعار الطاقة العالمية، ولكن إذا كانت عمان قادرة على تطوير قاعدة تصدير للصلب الأخضر، فقد يؤدي ذلك إلى تنويع صادراتها، حسب "فيتش".
تعتقد الوكالة أن عمان لديها القدرة على المنافسة في إنتاج الهيدروجين الأخضر، بفضل انخفاض تكاليف الطاقة المتجددة، والبنية التحتية المتاحة للتصدير من خلال "هيدروم" وميناء "الدقم" غير المستغل، وإطار ضريبي واضح ومنخفض نسبياً.
"الهيدروجين الأخضر".. هل يقود العالم نحو مستقبل بلا كربون؟
مع ذلك، فإن جدوى القطاع على المدى الطويل ستعتمد على عدد من العوامل، بما في ذلك سرعة وحجم الاعتماد العالمي للهيدروجين الأخضر، وأسعار الكربون (خاصة في أوروبا) وظهور المنافسين.
ختاماً، تتخذ سلطنة عمان خطواتها وتبذل جهودها، في ظل مساعٍ من جانب دول عدة في المنطقة، إلى الدفع قدماً بمشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك مصر والإمارات والسعودية.