"فيتش": شركات النفط والغاز تواجه عصر تخفيض تصنيفها الائتماني

المخاطر المرتبطة بتغير المناخ تعرّض خُمس شركات العالم لخفض التصنيف وشركات النفط والغاز الأكثر تضرراً

time reading iconدقائق القراءة - 7
صهاريج تخزين بمصفاة تكرير شركة \"بي بي\" قرب مدينة بلين، واشنطن - المصدر: بلومبرغ
صهاريج تخزين بمصفاة تكرير شركة "بي بي" قرب مدينة بلين، واشنطن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

قالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني (Fitch Ratings) إن أغلب الشركات العاملة في مجالات الوقود الأحفوري قد تمر بحقبة من خفض تصنيفها الائتماني، إذا اتضح أن قدرتها على التأقلم مع مستقبل يتسم بانخفاض الانبعاثات الكربونية أضعف من اللازم.

تتميز شركات النفط والغاز بأنها مُصدرة السندات الأشد عرضة للخطر وفق تحليل أجرته "فيتش"، سعت فيه إلى قياس قدرة الشركات على التعامل مع المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، مثل قوانين الانبعاثات التي تزداد صرامة يوماً بعد يوم.

أوضحت نماذج "فيتش" أن أكثر من خُمس الشركات العالمية في مختلف المناطق والقطاعات عرضة لخطر جوهري يتمثل في خفض التصنيف الائتماني نتيجة ارتفاع مستوى الخطر المرتبط بتغير المناخ خلال العقود المقبلة. وتعمل نصف المؤسسات المصدرة للسندات في قطاع النفط والغاز، بينما اتضح أن شركات الفحم والمرافق أيضاً عرضة لخطر خفض التصنيف الائتماني بوجه خاص.

تدهور كبير في الطلب على النفط بعد الذروة

فضلاً عن ذلك، أكثر من نصف المؤسسات العالمية المُصدرة للسندات المحتمل تعرضها لخفض التصنيف الائتماني بسبب المخاطر المرتبطة بتغير المناخ مصنفة على الدرجة الاستثمارية في الفترة الحالية، بحسب "فيتش"، التي استند تقريرها إلى عينة مكونة من 715 شركة.

وكالة الطاقة: الانبعاثات الصفرية مرهونة بتطوير شبكات الكهرباء

توقعت وكالة الطاقة الدولية أن يبلغ الطلب العالمي على النفط ذروته في العقد الجاري. لكن باحثين آخرين حذروا من إمكانية أن تنقلب الأوضاع في وقت أقرب كثيراً، فبحسب "إنيفتيبُل بوليسي رسبونس" (Inevitable Policy Response)، وهي مجموعة مختصة بالتوقعات استُخدمت البيانات الصادرة عنها في تحليل "فيتش"، ربما نبلغ ذروة الطلب على النفط في عام 2025، بعدها؛ سيهوي الطلب بأكثر من 60% على مدى العقدين ونصف التاليين.

قالت صوفي كوتو، مديرة الحوكمة البيئية والمجتمعية والمؤسسية للتصنيف الائتماني للشركات في وكالة "فيتش"، في حوار: "إن حجم التدهور المستقبلي في الطلب هائل.. والسؤال المهم حالياً هو ما إذا كانت الشركات المنتجة ستتمكن من التأقلم أم لا".

تراجع أرباح الوقود الأحفوري

تأتي التحذيرات فيما تتجه أغلب شركات قطاع النفط إلى تعزيز نشاطها الرئيسي، بعد أن أفضت الحرب في أوكرانيا إلى أزمة طاقة دفعت أسعارها إلى الارتفاع. واستخدمت شركات النفط الكبرى التدفقات النقدية، التي تضخمت نتيجة الزيادة المؤقتة في الأسعار، لإثراء المساهمين عبر إعادة شراء الأسهم، والتوسع في القطاعات التي تعمل بها عبر الاستحواذات.

النفط يرتفع مع تركيز الأسواق على الطلب

لكن أرباح الوقود الأحفوري الاستثنائية بدأت تظهر دلائل على التراجع. ففي هذا الأسبوع، هبط سعر سهم "بي بي" بعد إعلان نتائج أعمال أقل من توقعات المحللين، نتيجة لانخفاض أرباح الغاز. وأصبح وصول سعر النفط إلى 100 دولار للبرميل، ما تكهن به بعض المحللين قبل شهور قليلة، أمراً مستبعداً في الفترة الحالية.

قال الرئيس التنفيذي المؤقت لـ"بي بي"، موراي أوكينكلوس، يوم الثلاثاء، إن الشركة تتوقع "ارتفاع الأرباح خلال هذا العقد"، وإن الطاقة المتجددة، لا "النفط والغاز"، يجب أن تكون مصدراً لأغلب هذا الارتفاع في الفترة الحالية.

نقاش مستمر داخل وكالات التصنيف

يأمل عدد من أكبر شركات النفط والغاز في العالم أن تتمكن من خفض الانبعاثات في المستقبل عبر استخدام تكنولوجيا احتجاز الكربون التي لم تُطوّر بشكل كامل بعد. مع ذلك؛ تحذّر "فيتش" من أن فرصة بعض شركات القطاع في رسم خطط قابلة للتطبيق لخفض الانبعاثات قد تضيع.

"أرامكو" السعودية تخطط لإنتاج وقود اصطناعي بحلول 2025

وقالت صوفي كوتو إن بعض المؤسسات المُصدرة للسندات المصنفة من الدرجة الاستثمارية "بدأت الاستثمار في المجالات منخفضة الانبعاثات"، لكن "يجب تسريع وتيرة هذا الاستثمار".

عانى قطاع التصنيف الائتماني حتى الآن لاكتشاف أفضل طريقة لإدراج المخاطر المرتبطة بتغير المناخ في نماذجه، تاركاً المستثمرين في السندات ثابتة العائد -في معظم الأحيان- يستكشفون طريقهم في المشهد الجديد. لكن بحسب "معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي" (IEEFA)، هناك نقاش مستمر داخل أكبر وكالات التصنيف الائتماني.

في حوار حديث، قالت هيزل إيلانغو، محللة تمويل الطاقة المتخصصة في أسواق السندات بالمعهد: "إن ناقوس الخطر يدق منذ شهور".

تأثير مخاطر تغير المناخ على التصنيف الائتماني

وسط الانتقادات المتعلقة بإخفاق وكالات التصنيف الائتماني المتوقع، هناك دلائل على أن المخاطر المرتبطة بتغير المناخ تؤثر على الجدارة الائتمانية.

"أستراليا" تعاني لتحقيق أهدافها الزراعية وسط فوضى مناخية

اكتشف باحثون في البنك المركزي الأوروبي أنه منذ اتفاقية باريس، عانت الشركات الأكثر عرضة لخطر التأقلم مع تغير المناخ تدهوراً أكبر في تصنيفها الائتماني، مقارنة بنظيراتها التي تتأقلم بوتيرة أسرع. وكان التأثير على التصنيف الائتماني في أوروبا أكبر مما حدث في الولايات المتحدة؛ إذ يواصل الاتحاد الأوروبي مساره بقوانين مناخية أشد صرامة.

وأظهر تقرير نشره بنك كندا المركزي في يوليو الماضي أن المستثمرين يدفعون علاوة كبيرة للتحوط ضد العجز عن السداد من جانب الشركات التي تواجه مخاطر عالية قد تسهم في خفض تصنيفها الائتماني (خلال سعيها للتحول في مجال الطاقة). تتراوح العلاوة بين 12 و20 نقطة أساس، كما يدفعون مبالغ تأمين أكبر على السندات طويلة الأجل.

كتب معدو دراسة بنك كندا: "إن الشركات الأفضل استعداداً للتحول إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات تنخفض لديها تكلفة رأس المال، ومحمية من آثار إجراءات التحول بدرجة أكبر".

وكالات التصنيف الائتماني الأخرى تدرج المخاطر المرتبطة بتغير المناخ بشكل متزايد في نماذجها. فقد قالت "إس أند بي ريتينغز" إنها تعد المخاطر التنظيمية والإجرائية العنصر الأكثر أهمية في جدارة الشركة الائتمانية، وإن التبعات المادية للأحوال الجوية المتطرفة سببت خفضاً للتصنيف الائتماني.

تحالفات دولية جديدة

في غضون ذلك، تتكون تحالفات دولية للمطالبة بخفض كبير في إنتاج الوقود الأحفوري، ويُنتظر أن يصبح الموضوع محوراً أساسياً للنقاش خلال قمة المناخ "كوب 28" في دبي.

ويُعد "تحالف الطموح العالي" (High Ambition Coalition)، المُكون من جزر مارشال والنمسا وفرنسا وأعضاء آخرين، هو أحدث موجهي تلك الدعوات باسم مكافحة تغير المناخ.

وقال التحالف في بيان: "إن الوقود الأحفوري هو أصل هذه الأزمة. لا بد أن نتخلى تدريجياً عن مصادر التمويل العام العالمية لتطوير الوقود الأحفوري وتوليد الكهرباء باستخدامه".

تصنيفات

قصص قد تهمك