هل على البريطانيين الاحتفاء بأسماك القرش أم الخوف منها؟

ارتفاع درجة حرارة البحار يعيد توزيع أنواع الكائنات البحرية والصيد الجائر هو الخطر الأكبر على أسماك القرش

time reading iconدقائق القراءة - 10
سمكة من نوع القرش الأبيض العملاق - المصدر: غيتي إيمجز
سمكة من نوع القرش الأبيض العملاق - المصدر: غيتي إيمجز
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

عندما شعرت أن السباحة في البحر عادت آمنة، ظهر فيض من التقارير الإخبارية أثارت مخاوف من بدء ظهور القرش الأبيض العملاق قبالة سواحل كورنوول في المملكة المتحدة؛ إذ أفضى تغير المناخ إلى ارتفاع درجة حرارة المحيط. أشعر بقلق أكبر على أسماك القرش التي لدينا.

في مشهد نادر الحدوث، بدأت أسماك القرش الأبيض العملاق التجمع بأعداد كبيرة في شمال المحيط الأطلسي، وشرعت في الصيد في المياه الضحلة على امتداد شواطئ منطقة نيو إنغلند في الولايات المتحدة. أحد التفسيرات المحتملة للزيادة هو أن عدد الفقمات الرمادية -الوجبة المفضلة لدى القرش الأبيض العملاق- في ارتفاع، نتيجة لقانون حماية الثدييات البحرية لعام 1972 الذي منع الصيادين من قتلها.

فبعد أن كادت مستعمرات تربية جراء الفقمات تختفي تماماً من شبه جزيرة كيب كود في مطلع الستينيات، أُعيد تأسيسها بالمنطقة خلال التسعينيات، وعاد عدد الفقمات إلى الارتفاع متجاوزاً 30 ألف فقمة في 2017. الكائنات البحرية المفترسة نفسها تستفيد أيضاً من قوانين الحماية التي سُنَّت في الأعوام السابقة، والحفاظ عليها مسيرة نجاح يجدر الاحتفاء بها.

تنوع بالبحار البريطانية

إذا كانت أسماك القرش الأبيض العملاق تظهر بشمال الأطلسي في جهة الولايات المتحدة من المحيط، لمَ لا تظهر في هذه الجهة؟ فالفقمات موجودة بوفرة على امتداد الساحل البريطاني، ودرجة حرارة المياه ملائمة. لذا، فغيابها المستمر يمثل لغزاً، وفقاً لخبراء أسماك القرش.

قال لي بول كوكس، الرئيس التنفيذي لجمعية "شارك ترست" (Shark Trust) الخيرية: "ظهورها هنا ليس مستحيلاً. لكن المحزن أنه وقتما يدعي شخص رؤيتها، لا يكون هاتفه في المتناول لتصويرها".

أخطر ما قد تواجهه في البحار البريطانية هي مياه الصرف. والأهم من البحث عن أسماك القرش الأبيض العملاق هو كشف كيفية تأثير تغير المناخ على أسماك القرش التي اتخذت من البحار البريطانية مسكناً لها.

يوجد أكثر من 40 نوعاً في البحار البريطانية، منها 21 نوعاً تعيش هناك طوال العام. وما بين القرش الملاك مسطح الجسد وقرش البربيغل إلى قرش الكلب الأرقط والقرش المتشمس العملاق -اللطيف الذي يتغذى على العوالق والذي يبدو القرش الأبيض العملاق قزماً بجواره- فهناك تنوع مذهل. بل لدينا قرش غرينلاند، صاحب أطول عمر مسجل لأي من الفقاريات. فحددت دراسة استخدمت الكربون المشع لتحديد عمر عيني أسماك قرش غرينلاند، وكانت أضخمها أنثى بلغ طولها 5 أمتار (16.4 قدماً)، أن عمرها تراوح ما بين 272 و512 عاماً. للأسف، أكثر من 50% من أسماك القرش الموجودة في بريطانيا مهددة بالانقراض.

التحدي الرئيسي التي تواجهه أسماك القرش في أنحاء العالم هو الصيد الجائر، حيث تتدهور الأعداد إلى درجة تعجز القدرة على التكاثر عن تعويضها. فأسماك القرش معرضة إلى الصيد المستهدف، إلى جانب الصيد العرضي، حيث تعلق في الشباك التي تسعى لجمع أنواع أخرى من الأسماك. يمثل تغير المناخ خطراً جديداً، يؤثر على قدرة الكائنات البحرية على التكيف والتي أنهكتها أنشطة الصيد.

الهجرة أو الانقراض

في أرجاء المملكة المتحدة، توجد أدلة على أن ارتفاع درجة حرارة البحار تفضي إلى إعادة توزيع الكائنات البحرية. فالحيوانات التي تعجز عن الهجرة بسهولة، مثل العوالق أو الطحالب البنية أو البطلينوس، توقفت قدرتها على التكاثر أو تنقرض تدريجياً في المياه الدافئة، ويحل محلها أنواع تفضل درجات الحرارة المرتفعة. أما الأسماك القادرة على الحركة، فتتجه إلى مسافة أكبر في الشمال إما لتجد مياهاً تناسب درجة حرارتها المفضلة أو العثور على فرائس.

في جنوب بحر الشمال، المنطقة التي ارتفعت درجة حرارتها سريعاً، كشفت دراسة تبحث في بيانات ممتدة لعقود عن تغير كبير؛ إذ اختفت الأنواع الكبيرة وحلت الكائنات الأصغر حجماً محلها. فيما يمكن الربط بين معظم الانخفاض والصيد، تفضل سمكة شيطان البحر النجمي، أحد أفراد عائلة أسماك القرش، المياه الباردة، لذا ربما أبعدها ارتفاع درجة الحرارة في الآونة الأخيرة من المنطقة. في غضون ذلك، تأتي أنواع أخرى مع التونة والأنشوفة والجندوري وتظهر بشكل أكبر في البحار البريطانية.

ترجح الدراسة أن تصبح بحار شمال غرب أوروبا أنسب لأنواع مثل القاروص والسردين وسمك موسى الأوروبي، لكن أقل ملاءمة لأسماك الهلبوت والقد الأطلسي والحدوق، بين أنواع أخرى. وذلك له تبعات على قطاع الصيد، واحتمال أن يتسبب في بعض الخلافات الدبلوماسية.

محميات بحرية مناسبة للمناخ

سيعيق تغير المناخ محاولاتنا لحماية أسماك القرش والأنواع الأخرى المهددة بالانقراض، نتيجة للتغييرات غير المسبوقة التي يؤثر بها على البحار. قال مات فروست، مدير المكتب الدولي لمنظمة "مختبر بلايموث البحري" (Plymouth Marine Laboratory) للبحوث: "تعاملنا دوماً مع المحيط باعتباره جامداً لا يتغير". لم يعد ذلك نهجاً عملياً. فعلى سبيل المثال، إذا أُنشئت محمية بحرية -منطقة تقيد الأنشطة البشرية لغرض حماية أنواع أو بيئات نادرة أو مهددة بالانقراض- لحماية نوع محدد من السمك، لكن تلك الأسماك اتجهت إلى شمال تلك الموقع، فما فائدة المحمية؟ أشاد فروست وزملاؤه بالمحميات المناسبة للمناخ، وفيها يُعاد النظر في حدود المحمية للتجاوب مع التغيرات بفاعلية.

ربما ستستقر أسماك القرش الأبيض العملاق في نهاية المطاف قبالة سواحل مدينة سانت إيفز. لكن علينا التعاطف مع الأنواع الغامضة التي تعيش هنا والتي قد نفقدها قريباً.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

لندن

5 دقائق

19°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى 18°/20°
16.7 كم/س
60%