بلومبرغ
أفاد علماء بأن التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري تسبب في زيادة، بما لا يقل عن 100 مرة، لاحتمال تشكل كتلة الهواء الساخن التي جلبت درجات الحرارة الشديدة إلى المغرب، والجزائر، والبرتغال، وإسبانيا في نهاية أبريل، وكان من المستحيل تقريباً حدوثها في عالم أكثر برودة.
كانت درجات الحرارة في العديد من المناطق المتأثرة أعلى بمقدار 20 درجة مئوية عن المتوسط في هذا الوقت من العام، كُسرت الأرقام القياسية بفارق كبير، وفقاً لتحليل الإسناد السريع من قبل العلماء الذين ينتمون لـ"إسناد الطقس في العالم" (World Weather Attribution)، وهي شبكة من الباحثين الذين يقيسون دور تغير المناخ في الظواهر الجوية المتطرفة.
تستخدم "إسناد الطقس في العالم" بيانات ونماذج المراقبة، وطرقاً يقوم باستعراضها النظراء لتحليل الأحداث، وقد قدّمت في الماضي دراسات الإسناد السريعة يُراجعها الأقران بعد النشر.
قالت فاطمة دريوش، الأستاذة المشاركة في جامعة "محمد السادس للفنون التطبيقية" المغربية، في بيان: "جاءت موجة الحر الشديدة على رأس جفاف سابق امتد لسنوات عدّة، ما فاقم نقص المياه في مناطق غرب البحر الأبيض المتوسط وهدد محصول عام 2023، مع ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، ستصبح هذه الحالات أكثر تكراراً".
وتيرة متسارعة لارتفاع الحرارة في البحر المتوسط
أضاف تحليل "إسناد الطقس في العالم" أن الحدث الذي وقع الشهر الماضي يعني أن درجات الحرارة في المنطقة كانت أعلى بـ3.5 درجة مئوية مما كانت عليه في عالم دون ارتفاع درجات الحرارة. وحلل الباحثون بيانات درجات الحرارة للدول الأربع بين 26 و28 أبريل من خلال سيناريوهات مع أو بدون تغير المناخ.
مثل هذه الموجة الحرارية كانت ستكون على الأقل أبرد بمقدار درجتين مئويتين في عالم لا يوجد به تغير مناخي. وإذا ارتفعت درجة حرارة الكوكب بمقدار درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، فإن حدثاً مشابهاً سيكون أكثر سخونة بمقدار درجة مئوية.
لكن الباحثين قالوا إن هذه الاستنتاجات على الأرجح متحفظة للغاية، لأن درجات الحرارة في حوض البحر الأبيض المتوسط تزداد بوتيرة أسرع مما تنبأت به النماذج المناخية.
قالت فريدريكه أوتو، كبيرة محاضري علوم المناخ بمعهد "غرانثام لتغير المناخ" في المملكة المتحدة والمؤسسة المشاركة في "إسناد الطقس في العالم" إن درجات الحرارة المرتفعة في هذا الوقت من العام والذي يجب أن تمطر فيه السماء، تفاقم الوضع، بدون التوقف السريع عن حرق الوقود الأحفوري، وستستمر الخسائر والأضرار في المنطقة في الارتفاع بشكل كبير".
زيادة الوفيات بسبب موجات الحر
تحدث مثل هذه الأحداث المتطرفة في كوكب ارتفعت درجة حرارته بنحو 1.2 درجة مئوية في المتوسط مقارنةً بعصور ما قبل الثورة الصناعية، وهذا بطريقه إلى زيادة ارتفاع درجة الحرارة نحو 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، وهو مستوى يعتبره العلماء كارثياً على حياة الإنسان والنظم البيئية.
أدى تغير المناخ إلى جعل الموجات الحارة أكثر تواتراً وشدة، لكن أماكن مثل حوض البحر الأبيض المتوسط تزداد سخونة بوتيرة أسرع.
رغم عدم وجود بيانات مؤكدة حتى الآن للوفيات من موجة الحر الأخيرة، فإنه وفقاً لـ"منظمة الصحة العالمية"، ساهمت الحرارة الشديدة في عام 2022 في نحو 4000 حالة وفاة في إسبانيا، وأكثر من 1000 حالة وفاة في البرتغال. وفي الجزائر، يموت 262 شخصاً كل عام بسبب أمراض مرتبطة بالحرارة، و250 في المغرب، و116 في تونس، وفقاً لورقة بحث عملية منفصلة نُشرت في مجلة "ذا لانسيت" (The Lancet) في أبريل.
خلال الأسبوع الأخير من أبريل، سجلت البرتغال أعلى درجة حرارة للشهر بلغت 36.9 درجة مئوية، بينما سجل جنوب إسبانيا 38.8 درجة مئوية.
في المغرب تم تحطيم العديد من أرقام درجات الحرارة القياسية المحلية في أبريل، حيث تجاوزت درجات الحرارة 41 درجة مئوية في مدن منها سيدي سليمان، ومراكش، وتارودانت. وفي الجزائر، سجلت عدة أماكن بما في ذلك مغنية، وغريس في ولاية معسكر درجات حرارة فوق 40 درجة مئوية في 28 أبريل.