شركة طاقة متجددة تسابق الزمن لزيادة الإنتاج قبل طرح أسهمها

بدلاً من التركيز على خطة الإدراج بقيمة 2.5 مليار دولار تهتم الشركة الرومانية بالقدرة الإنتاجية وسط تدهور المناخ وحدّة المنافسة محلياً

time reading iconدقائق القراءة - 8
خطوط نقل الكهرباء عبر برج نقل بالقرب من محطة توليد الكهرباء أجيوس ديميتريوس في كوزاني، اليونان. - المصدر: بلومبرغ
خطوط نقل الكهرباء عبر برج نقل بالقرب من محطة توليد الكهرباء أجيوس ديميتريوس في كوزاني، اليونان. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في أوقات أكثر هدوءاً، كان تركيز أكبر شركة في رومانيا لإنتاج الطاقة الخضراء سينصبّ كاملاً على طرحها الأولي العام المرتقب ضمن خطة بيع طموحة تقدر بنحو 2.3 مليار يورو (2.5 مليار دولار)، وقد تكون الأكبر على الإطلاق في شرق أوروبا. لكن مع استمرار حالات الجفاف في جميع أنحاء أوروبا، تستعدّ شركة "هيدرو إليكتريكا" (Hidroelectrica SA) لمواجهة تحدٍّ آخر: زيادة قدرات الإنتاج من طاقتي الرياح والشمس وتوسيع محفظتها الحالية من الطاقة المائية.

لن يكون ذلك سهلاً، فإذا نجحت الشركة، التي تحقق دخلاً صافياً يناهز مليار دولار سنوياً، في إضافة نحو 4000 ميغاواط عبر مشاريع طاقة رياح وشمس برية وبحرية جديدة، فإنها ستضاعف تقريباً قدرتها الإنتاجية الحالية على المدى المتوسط.

ماسك: العالم يحتاج إلى 10 تريليونات دولار للتحول الكامل إلى الطاقة النظيفة

الوقت ضيق، فمع استمرار تدهور الظروف المناخية في أوروبا، تندفع الشركات والمستثمرون نحو الأصول الخضراء، وتخصص الحكومات المليارات لتسريع التحول عن الوقود الأحفوري وتحقيق أهداف الحياد الكربوني. وبينما يساهم ذلك في خلق الفرص، فإنه يكثف المنافسة ويُصعب على الشركات تحقيق الأهداف التي اقترب موعدها.

طفرة الطاقة الخضراء

كانت "هيدرو إليكتريكا" شركة منتجة للطاقة منذ عقود، ولم تقرر الشركة المملوكة للدولة دخول سوق الطاقة الذي يتعامل مباشرة مع المستهلك في رومانيا سوى في عام 2022، لتصبح رابع أكبر مورد للبلاد خلال ما يزيد قليلاً على عام. والآن، تسيطر شركة المرافق على حصة سوقية تزيد على 8%، ولديها أكثر من نصف مليون عميل، وتمثل نحو ثلث إجمالي إنتاج الطاقة في رومانيا.

مع ذلك، واجهت عقبات في أثناء رحلة توسعها، فبعد شراء أول مزرعة رياح من شركة "شتيغ" (Steag) الألمانية في صفقة حظيت بترحيب في 2021 باعتبارها تاريخية بالنسبة إلى شركة حكومية، توقفت "هيدرو إليكتريكا" عن السعي وراء مشروعات جديدة. في نهاية ذلك العام، قدمت عروض شراء غير ملزمة لثلاث مزارع رياح ومحطة كهروضوئية بسعة إجمالية تبلغ 2 غيغاواط في استثمار محتمل بقيمة 2.3 مليار يورو، وفق أحدث تقرير سنوي لها. لكن لم يستكمل أي اتفاق، ولم يُكشف عن أي تفاصيل منذ ذلك الحين.

زيادة الطلب تدفع لإنتاج توربينات رياح عملاقة أكبر حجماً

في العام التالي، تسبب الجفاف الحاد في انخفاض مناسيب الأنهار الأوروبية من نهر الدانوب إلى نهر الراين وقلص إنتاج الشركة، ما فرض تهديداً خطيراً على أعمال شركة المرافق، ثم ساعد ارتفاع أسعار الطاقة الناجم عن الحرب الروسية في أوكرانيا الشركة على زيادة صافي دخلها إلى 4 مليارات ليو (885 مليون دولار)، وفق بيانات صادرة عن مساهم أقلية بها. لكن أوصلت الظاهرة رسالة حول أهمية التنويع.

منافسة شديدة

في مسعى توسيع قدراتها من طاقات الرياح والشمس والماء، تنافس "هيدرو إليكتريكا" عشرات شركات الطاقة الكبيرة في رومانيا. شركات مثل "إينيل" (Enel)، و"إي. أون" (E.ON)، و"أو إم في بيتروم" (OMV Petrom)، و"إنجي" (Engie)، ووحدة سابقة في "سي إي زد" (CEZ) التشيكية والمملوكة الآن لشركة "ماكواري غروب" (Macquarie Group) لإدارة الأصول، تخطط جميعاً لتوسعات في قطاع الطاقة الخضراء، مع التركيز على فرص التمويل المستقبلية. يُتوقع أن تتلقى رومانيا أكثر من 80 مليار يورو من أموال الاتحاد الأوروبي في السنوات الأربع المقبلة، وجزء كبير منها مخصص لإنتاج الطاقة المتجددة.

العودة إلى الفحم كبدت العالم ثمناً فادحاً في أزمة المناخ

قال الرئيس التنفيذي لشركة "هيدرو إليكتريكا" بوغدان باديا لـ"بلومبرغ" عن قدرة شركته على المنافسة في سوق مزدحمة: "نحن نصنع فرص نموّنا بأنفسنا"، موضحاً أنه لتجنب تعثر الشركة في الإجراءات الروتينية التي قد تصاحب مشاريع الطاقة، تقدم شركة المرافق عروض شراء فقط لـ"المشاريع الجاهزة على الأقل لمرحلة البناء التي أبرمت بالفعل عقود الهندسة والمشتريات".

وأشار إلى أن الشركة مستعدة للعمل في عديد من مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية بمجرد الموافقة على عروض الشراء.

لتمويل هذه الخطط، ستعتمد "هيدرو إليكتريكا" على مصادر التمويل الخاصة بها وربما الاقتراض، وفق باديا، الأمر الذي قد يصبح أسهل بمجرد إدراج الشركة في البورصة.

من المتوقع طرح الشركة للاكتتاب العام في بورصة بوخارست بحلول يونيو، على أن يبيع أسهمها الصندوق المغلق "فوندل بروبريتاتيا" (Fondul Proprietatea)، وهو مساهم الأقلية الوحيد في الشركة المنتجة. يخطط الصندوق، الذي تديره شركة "فرانكلين تمبلتون"، بيع ما يصل إلى 20%، وهو ما يمثل كامل حيازته في "هيدرو إليكتريكا" التي تقدر قيمتها حالياً بنحو 12 مليار دولار.

انهيار "سيليكون فالي" يهدد بتأخر مشروعات الطاقة الشمسية الصغيرة

رغم أن "هيدرو إليكتريكا" لن تحصل على أي أموال من الطرح الأولي العام، فإن الإدراج الناجح سيزيد شهرتها ويساعدها على الوصول إلى مجموعة أوسع من المستثمرين.

دعم الحكومة للقطاع

يستفيد قطاع الطاقة المتجددة في رومانيا مما تشهده البلاد من طفرة في الاستثمار الأخضر، فالدولة بالفعل موطن أكبر مزرعة رياح برية في أوروبا. وفي الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري حصلت مشاريع طاقة رياح وطاقة شمسية تزيد قيمتها على 1.5 مليار يورو على تصاريح للاتصال بالشبكة، وفقاً لصحيفة "زيارول فاينانسيار" (Ziarul Financiar) المحلية. علاوة على ذلك، مع تكثيف إنشاء مشاريع الطاقة الشمسية محلياً، قد تستضيف البلاد قريباً بعضاً من أكبر مزارع الطاقة الشمسية في القارة.

تبرز "هيدرو إليكتريكا"، بالأخص، للاستفادة من هذه التطورات.

خطر سياسات حماية مصانع الألواح الشمسية يهدد هدف "صفر انبعاثات"

قال سورين إليزي، العضو المنتدب المسؤول عن قطاع الطاقة في شركة "ديلويت": "نظراً إلى وضعها المالي القوى وقدرتها على الجمع بين مصادر إنتاج طاقة متعددة، يبدو أن (هيدرو إليكتريكا) في وضع مثالي لتصبح بطلاً وطنياً في مجال مصادر الطاقة المتجددة". لكنه أضاف محذراً أنها باعتبارها شركة مملوكة للدولة تأخذ الحكومة الرومانية نحو 90% من أرباحها للمساعدة في تغطية العجز الكبير في الموازنة.

قال إليزي: "صحيح أن عديداً من الشركات المملوكة للحكومة تبدأ العام بخطط استثمار كبيرة، لكنها لا تنجح في استكمال سوى 40% إلى 60% منها".

تبنى جورج سيرغيو نكيوليسكيو، نائب وزير الطاقة الروماني، نظرة أكثر تفاؤلاً، مؤكداً أن الحكومة تدعم خطط استثمار الشركة وتريد مساعدتها على تحقيقها.

صرح نكيوليسكيو لـ"بلومبرغ": "نرى طلباً متزايداً على الطاقة محلياً وإقليمياً".

مزايا أخرى

لن يكون الاكتتاب الناجح مفيداً لشركة "هيدرو إليكتريكا" فحسب، بل قد يساعد أيضاً بورصة بوخارست على ضمان ترقية طال انتظارها إلى وضع السوق الناشئة من قبل شركة مؤشرات أسواق المال "إم إس سي آي" (MSCI)، كما سيمكن حكومة رومانيا من تحقيق أحد المعالم في خطتها للتعافي والمرونة، التي تعهدت بموجبها ببيع حصة أقلية في شركة منتجة للطاقة الكهرومائية متداولة في البورصة من أجل تحرير 29 مليار يورو من تمويل مرتقب من الاتحاد الأوروبي.

استثمار أوروبا في طاقة الرياح يتراجع عندما تشتد الحاجة إليه

بينما أثار الاكتشاف الأحدث لاحتياطيات غاز في البحر الأسود جدلاً حول ما إذا كانت رومانيا ستصبح من أكبر مصدّري الطاقة في المنطقة في السنوات المقبلة أم لا، فإن مصادر الطاقة المتجددة هي المجال الذي يتوقع قطاع الطاقة فرصاً به.

في إطار مواصلة التحول إلى الطاقة الخضراء، تربط "هيدرو إليكتريكا" والشركات المنافسة نموها بمليارات التمويل من الاتحاد الأوروبي واهتمام المستثمرين في المستقبل. في الوقت ذاته، تنتهز رومانيا فرصة فريدة لتحديث قطاع الطاقة لديها الذي عفا عليه الزمن، والاستثمار في مشاريع البنية التحتية الرئيسية، وربما حتى تغيير هيكل اقتصادها القائم على الاستهلاك.

تصنيفات

قصص قد تهمك