بلومبرغ
أعلنت شركة "تسلا" عن أرباح أقل من المتوقَّع وإيرادات قياسية، وهي نتائج مختلطة أحبطت المستثمرين غير المعتادين على هذا النوع من الحيرة، ولكن بما ينسجم أكثر من الشركات ثقيلة الوزن في "ستاندرد آند بورز 500".
وأعلنت رائدة السوق الكهربائية عن أرباح معدَّلة في الربع الرابع عند 80 سنتاً للسهم، وهو ما يعود بقدر كبير إلى تخفيضات الأسعار، وبذلك تراجعت عن تقديرات إجماع المحللين عند 1.03 دولار، وأقل بكثير من مستوى العام الماضي المذهل عند 2.14 دولاراً، قبل أن يضرب الوباء. ومع ذلك، تسجِّل النتائج سادس ربع مربح على التوالي، وأيضاً هي المرة الأولى التي تفوِّت فيها الشركة توقُّعات "وول ستريت"
منذ يوليو 2019.
وقال دان إيفز، محلل في "ويدبوش سيكيوريتيز" (Wedbush Securities)، الذي يرى أنَّ السهم سيكون أداؤه متماشياً مع التوقُّعات، في مذكرة بحثية: "يواصل المستثمرون التركيز بشدة على صورة الربحية".
وقالت الشركة الواقعة في بالو ألتو بكاليفورنيا، التي انضمَّت لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" المرموق الشهر الماضي، إنَّ الأرباح التشغيلية انكمشت إلى 5.4% في الربع الماضي بانخفاض من 9.2% عن الأشهر الثلاثة السابقة، وألقت باللوم في ذلك على خفض الأسعار العنيف في الصين، وتكاليف سلاسل التوريد، وحزمة الأجور الكبيرة لمديرها التنفيذي، إيلون ماسك، وغيره من المديرين التنفيذيين.
وقالت جين مونستر، من "لوب فينتشرز" (Loup Ventures) في مقابلة، مشيرةً إلى التراجع في هوامش الأرباح الذي صاحبه خفض في الأسعار لكسب حصة سوقية: "إنَّها حزمة متنوعة.. وقد تكون سلبية اليوم، ولكنَّها مفيدة على المدى الطويل بالنظر إلى أنَّ سوق السيارات الكهربائية لا يزال وليداً".
ربع "صاخب"
بالرغم من عدم مقابلتها لبعض تقديرات الدخل، فقد أظهرت النتائج تحقيق "تسلا" أول ربح للعام بأكمله. وتحدَّت الشركة المتشككين من خلال تحقيق نمو مستمر، وتمَّت مكافأتها بسعر سهم قياسي، وقيمة سوقية 819 مليار دولار، وهي قيمة
لا تضاهيها أي شركة سيارات أخرى، وساعد نجاحها على رفع قيمة أسهم الشركات الأخرى -سواء قديمة أو جديدة- ذات الاستراتيجيات الطموحة في مجال السيارات الكهربائية.
وقال ماسك في مكالمة الأرباح الفصلية: "كان 2020 عاماً حاسماً بالنسبة لنا على عدَّة مستويات.. وسلمنا عدداً من سيارات العام الماضي يعادل تقريباً كل ما أنتجناه في تاريخنا، وهو معدَّل نمو مذهل حقاً في عام صعب للغاية".
ولم تعطِ "تسلا" رقماً محدداً لعدد السيارات التي تتوقَّع تسليمها في 2021، ولكن قالت، إنَّها تتوقَّع أن تتجاوز معدَّل نمو العام الماضي البالغ 50%، وهو ما يعني أكثر من 750 ألف وحدة، وسلَّمت الشركة حوالي 500 ألف سيارة عالميا ًفي 2020.
ولكن هذا النمو يأتي بتكلفة. وقالت "تسلا"، إنَّ متوسط سعر بيع سياراتها في الربع الرابع كان أقل بنسبة 11% عن العام الماضي، مقارنة بـ3.1% ارتفاعاً في متوسط أسعار الصفقات لجميع المركبات الجديدة المباعة في الولايات المتحدة العام الماضي برقم قياسي 36.786 دولاراً، وفقاً لشركة الأبحاث "ترو كار" (TrueCar).
وقال ماسك، إنَّه مستعد للتضحية بالربحية مقابل بيع المزيد من السيارات الأرخص، وقد حذَّر المدير التنفيذي الموظفين في بريد إلكتروني داخلي الشهر الماضي من أنَّ أسهم "تسلا" قد "تنهار" ،إذا تشكَّك المستثمرون في قدرة الشركة على تحقيق توقُّعات الأرباح.
ووصف المدير المالي، زكاري كيركورن، الربع الرابع بأنَّه ربع "صاخب" - سبَّب حزمة مكافآت المديرين التنفيذيين الأعلى المرتبطة بالارتفاع في أسهم "تسلا"- وقال، إنَّه ربع استثنائي، ولا يمثِّل الوضع الطبيعي الجديد، وقال في مكالمة الأرباح: "سيواصل هامش الربح التشغيلي النمو، ويظل رائداً في القطاع".
إيرادات مدعومة برصيد انبعاثات الكربون
وصلت إيرادات "تسلا" إلى 10.74 مليار دولار في الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر، متفوقة على تقديرات المحللين عند 10.38 مليار دولار، وعلى إيرادات الربع الأخير من 2019 عند 7.38 مليار دولار.
وتجني الشركة أموالاً من خلال بيع أرصدة الكربون التنظيمية لشركات السيارات التي تحتاجها للتماشي مع معايير انبعاثات الكربون في كاليفورنيا، وأوروبا وغيرهم. ويرى المستثمرون هذه الإيرادات أنَّها سلاح ذو حدين؛ لأنَّهم يريدون أن يعرفوا أنَّ "تسلا" تستطيع أن تكون مربحة من أعمالها الرئيسية، وهي صناعة وبيع السيارات. ووصلت مبيعات الأرصدة التنظيمية إلى 401 مليون دولار، بارتفاع من 397 مليون دولار في الربع الثالث.
ولم تحدد "تسلا" مشكلات تكاليف سلسلة التوريد، ولكن كيركورن قال، إنَّ الشركة تعمل "بجهد شديد" لتخفيف تأثير نقص أشباه الموصلات الذي أجبر شركات السيارات على تقليص إنتاج بعض الطرازات.
وسمح الارتفاع في القيمة السوقية مؤخراً للشركة بجمع نقدية مراراً في الأشهر الماضية، وتجميع ما أطلق عليه ماسك "صندوق حرب" للاستثمار في المصانع الجديدة، وتكنولوجيا البطاريات، وتبني شركة صناعة السيارات مصنعين للتجميع في ألمانيا، وأوستن بتكساس، مما سيزيد بقدر كبير من قدرة الشركة على توريد المركبات.
وقال كيركورن، إنَّ "تسلا" تستطيع الآن زيادة القدرة الإنتاجية لمقابلة الطلب المتوقَّع بطريقة لم تكن قادرة عليها من قبل، وأوضح: "هذه نقطة مهمة بشأن كفاءة رأس المال، التي لم يكن لدينا رفاهية القيام بها سابقاً"
عقبات توريد البطاريات
قالت الشركة، إنَّها تحدِّث مصنعها في فيرمونت بكاليفورنيا لإطلاق نسخ محدَّثة من طرازاتها "إس"، و"أكس" بمحركات جديدة، وتصميم داخلي جديد كلياً، وأظهرت صورة في خطاب للمساهمين شاشة صغيرة للركاب في المقعد الخلفي، وبدأت أول تسليمات لسيارات طراز "إس" في 2012، وانتشرت منذ أشهر تكهُّنات بشأن تجديدها المتأخر
علماً أنَّ سيارات “تسلا” طراز “بلايد إس” ستشحن الشهر المقبل.
وبالرغم من أنَّ ماسك تعهَّد بإطلاق طراز بقيمة 25 ألف دولار بحلول 2023، فلن يتخلى عن السيارات الفارهة مرتفعة الهامش. وإلى جانب تحديث طرازات "اس" و"اكس"، قالت "تسلا"، إنَّ نسخة "بلايد" من السيارة "السيدان" الشهيرة "اس" ستكون متاحة للبيع الشهر المقبل، وموديل "اكس" المحدث في أبريل، وتزعم الشركة أنَّ النسخة عالية الأداء من سيارة "اس"، ستجعلها أسرع سيارة في العالم، وتهزم "بورش 918 سبايدر"، و"بوغاتي تشيرون".
ومن المقرَّر الكشف عن شاحنات النصف نقل "سايبر تراك" في وقت لاحق العام الجاري، وقد قال ماسك، إنَّ الإنتاج بأحجام كبيرة لن يبدأ حتى 2022، كما ذكر أنَّ "تسلا" تخطط للانضمام لسباق بناء سيارة نقل "فان" كهربائية، ولكنَّه أشار إلى أنَّ القيود على إمدادات البطاريات أجبرته على إبطاء وتيرة طرح مركبات جديدة.
وقال في إشارة إلى المورِّدين الرائدين، مثل "باناسونيك كورب"، و"إل جي تشيم" ، و"كونتمبوراري أمبيريكس تكنولوجي" (Contemporary Amperex Technology Co Ltd): "سنأخذ أكبر قدر ممكن من البطاريات التي ينتجونها، ونحثُّهم على زيادة الإنتاج، وسنشتري أكبر قدر يستطيعون إرساله لنا".