بلومبرغ
يواجه العالم تهديدات من الحرب وأزمة الطاقة وخطر حدوث ركود عالمي، لكن تغير المناخ ليس بأي حال من الأحوال قضية غائبة هذا العام. فقد ضربت الظواهر المناخية القاتلة كل ركن من أركان الكوكب تقريباً في الأشهر الأخيرة، لتذكر القادة والشعوب بالحاجة إلى التحرك بسرعة.
ستبرز باكستان ضمن قلة من الدول في اجتماع COP27 بمدينة شرم الشيخ الساحلية في مصر، فتلك الدولة الآسيوية تمثّل عدم المساواة العميقة الكامنة في معضلة مناخية، فاليوم تسهم باكستان بأقل من 1% من انبعاثات الوقود الأحفوري المسببة لارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، لكنها عانت هذا الصيف من أمطار مدمرة تفاقمت بسبب تغير المناخ الذي غمر ثلث أراضيها وتسبب في أضرار تقدر بنحو 30 مليار دولار.
قال منير أكرم، الدبلوماسي الباكستاني الذي يترأس مجموعة الـ77 للدول النامية: "يجب أن يدرك العالم الشمالي أن هذه قضية عالمية تؤثر على الدول النامية في الوقت الحالي بطريقة غير متناسبة، لكن آثارها تتصاعد وتنتشر" وأضاف "إنه الاختبار النهائي للعقلانية البشرية أن تكون قادرة على العمل الجماعي على الرغم من كل الاختلافات السياسية".
ستكون الخلافات حول من يجب أن يدفع ثمن الضرر الناجم عن الظواهر المناخية القاسية في قلب المناقشات في COP27، وهو الأول الذي يعقد في أفريقيا منذ عام 2016. بينما تريد الدول النامية أن ترى تعويضاً عن آثار الاحترار ، التي لم تكن سبباً فيه، فيما تظل الدول الغنية حذرة من فتح باب قد يؤدي إلى مطالبات مالية غير محدودة.
أسفرت بعض اجتماعات مؤتمر الأطراف السابقة عن اتفاقيات تاريخية شكّلت كفاح البشرية ضد تغير المناخ. في عام 1997، حيث اعترف الموقعون على بروتوكول كيوتو أن كوكب الأرض آخذ في الاحترار بسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتزموا بالحد منها. وفي عام 2015، اتفق قادة العالم بموجب اتفاقية باريس على إجراء التخفيضات اللازمة للانبعاثات للحفاظ على درجات الحرارة العالمية أقل من 2 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، ومن الناحية المثالية قد تكون قريبة من 1.5 درجة مئوية.
ولكن من غير المرجح أن يحصل COP27 على صفقة تاريخية بهذه الطريقة، في وقت وصفت فيه الرئاسة المصرية مؤتمر العام الحالي بأنه "تنفيذ" للاتفاقات السابقة، ويهدف إلى تحويل التزامات السابق إلى حقيقة واقعة.
وإليك 10 أشياء تستحق المتابعة والمراقبة في قمة هذا العام
من سيذهب لحضور القمة
سيحضر أكثر من 100 رئيس دولة وحكومة إلى شرم الشيخ لحضور المؤتمر. ومن بين الأسماء الأكثر بروزاً الرئيس الأميركي جو بايدن، والفائز في الانتخابات الرئاسية البرازيلية لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الذي تراجع بعد قرار أولي بعدم الحضور، بعد أن أعلن رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون حضوره للقمة. كما سيكون هناك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إلى جانب زعماء أوروبيين مثل الفرنسي إيمانويل ماكرون والألماني أولاف شولتس.
وسيكون الرؤساء الأفارقة بمن فيهم وليام روتو الكيني، والسنغالي ماكي سال أصواتاً بارزة بين قادة الدول النامية، بينما من المرجح أن تقود وزيرة المناخ الباكستانية شيري رحمان النقاش حول العدالة المناخية.
من المحتمل أن يكون الغياب الأكثر أهمية هو غياب الزعيم الصيني شي جين بينغ، على الرغم من أن قرار الناشطة غريتا ثونبرج بعدم الذهاب قد تصدّر عناوين الصحف أيضاً.
الخسارة والضرر
هناك القليل من الوقت للخداع حيث من المتوقع أن تهيمن على اليوم الأول معركة جدول الأعمال حول جزء أساسي من المصطلحات المناخية: الخسائر والأضرار. هذا هو المصطلح المستخدم لوصف الدمار الاقتصادي والثقافي الناجم عن قرون من الاستخدام غير الخاضع للرقابة للوقود الأحفوري من قبل الدول الصناعية.
في حين أنه من المرجح بشكل متزايد أن يكون هناك مثل هذا البند بجدول الأعمال، فإن السؤال الرئيسي هو: ما الذي سيغطيه؟. حيث تريد البلدان النامية والدول الجزرية الصغيرة إشارة واضحة إلى مصادر التمويل الجديدة التي ستساعد في تغطية الخسائر والأضرار التي تسببها الأحداث المناخية القاسية بشكل متزايد، لكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يرغبان في أن يكونا على المحك فيما يرون أنه تعويض غير محدود. ونتيجة هذه المعركة لديها القدرة على نجاح القمة أو كسرها منذ البداية.
قال آني داسغوبتا، الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد الموارد العالمية، وهي منظمة بحثية غير ربحية: "لا ينبغي أن نستبعد أهمية مجرد إدراج هذا على جدول الأعمال". وإذا لم يحدث ذلك، "فهناك خطر كبير يتمثل في ابتعاد الدول الضعيفة".
تمويل المناخ
فشلت الدول الغنية مراراً وتكراراً في الوفاء بالتعهد بتقديم 100 مليار دولار لتمويل المناخ سنوياً- وهو هدف يُنظر إليه بالفعل على أنه غير كافٍ بشكل مؤسف لتغطية احتياجات البلدان الفقيرة التي احترقت بنيران تغير المناح، وسيكون أحد المقاييس الرئيسية لنجاح قمة هذا العام هو تحقيق هذا الهدف، ولكن أيضاً العمل على هدف تمويل المناخ لما بعد عام 2025 والذي يمكن أن يكون بتريليونات الدولارات. بالإضافة إلى ذلك، دعت نتائج العام الماضي إلى مضاعفة التمويل لمساعدة العالم الجنوبي على التكيف ومواحهة تفاقم التأثيرات المناخية.
لن يكون حشد تريليونات الدولارات ممكناً بدون دعم القطاع الخاص، ولكن لا تزال هناك شكوك كبيرة حول التزامه بالمناخ وما إذا كان بإمكانه منع "الغسل الأخضر"، خاصة وأن أزمة المناخ قد عززت مرة أخرى جاذبية استثمارات الوقود. وستكون بنوك التنمية متعددة الأطراف -مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي- أيضاً في دائرة الضوء لجمع المزيد من السيولة.
الفحم والشراكات الانتقالية للطاقة
تميل قمم المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة إلى التركيز على المسؤوليات التي يدين بها الأغنى للأفقر، وغالباً ما تتجاهل واحدة من الديموغرافية الرئيسية التي ستكون حاسمة في التحول وهي البلدان المتوسطة الدخل المعتمدة على الفحم. فقد تمّ الإعلان عن حزمة بقيمة 8.5 مليار دولار لجنوب أفريقيا العام الماضي في محاولة لإصلاح ذلك، وهناك خطط قيد التنفيذ للمزيد.
كذلك يمكن لإندونيسيا أن تعلن عن شراكة انتقال الطاقة العادلة الخاصة بالتعاون مع المانحين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في اجتماع مجموعة العشرين في بالي، والذي يستمر خلال الأسبوع الثاني من COP27. وهناك صفقات مماثلة مع فيتنام والسنغال قيد الإعداد قبل نهاية العام، بينما من المقرر عقد صفقة مع الهند في عام 2023. وسنرى أيضاً ما إذا كانت الدول المانحة الغنية وجنوب أفريقيا تتفق أخيراً على كيفية إنفاق الأموال.
تحديثات تعهد الميثان
منذ الكشف عنه العام الماضي، حصل التعهد العالمي بشأن الميثان -وهو التزام بخفض انبعاثات أحد أقوى غازات الدفيئة بنسبة 30% بحلول نهاية العقد- على أكثر من 120 توقيعاً. وغابت دول مثل الصين والهند عنه، ولكن هناك أمل في أن الأولى قد تعلن عن خطتها الخاصة لخفض غاز الميثان خلال COP27. كذلك يجري العمل للحصول على انضمامات لتعهدات غاز الميثان لدول مثل الجزائر وأذربيجان وتركمانستان.
الشيء الرئيسي الآن هو إظهار أن البلدان تبذل جهوداً للوفاء بالفعل بهذا الالتزام، خاصة وأن الانبعاثات لا تزال في ارتفاع.
من المرتقب اجتماع وزاري بشأن الميثان يضم جميع الموقعين، بالإضافة إلى إعلان مشترك من مستوردي ومنتجي الوقود الأحفوري حول كيفية خططهم للتنظيف من الميثان. ستقدم البلدان أيضاً تقارير الحالة الخاصة بها، والتي من المحتمل أن تظهر أن خفض الانبعاثات لا يزال يمثل صراعاً شاقاً. على سبيل المثال، يحرز الاتحاد الأوروبي تقدماً كبيراً في خفض الميثان الصادر من قطاعي الطاقة والنفايات، لكن فعل الشيء نفسه بالنسبة للزراعة لا يزال شبه مستحيل.
أسواق الكربون
بعد أن وافقت الوفود على القواعد أو سوق الكربون العالمي بموجب اتفاقية باريس، سيحتاج المفاوضون في COP27 إلى وضع مبادئ توجيهية صارمة لضمان أن الأرصدة المستخدمة في سوق الكربون العالمية تمثل تخفيضات حقيقية للانبعاثات. حيث تسمح الاتفاقية الحالية بتداول أرصدة الكربون القديمة التي لا تقلل بالضرورة من الانبعاثات.
مفاجآت الطموح المناخي
يمكن للبلدان تحديث التزاماتها المناخية في أي وقت بموجب اتفاقية باريس ، وقد التزم العديد بالقيام بذلك في COP26 في غلاسكو. تمّ الوفاء بعدد قليل جداً من هذه الالتزامات، لكن نراقب الإعلانات المفاجئة في اجتماع شرم الشيخ. ففي العام الماضي، حددت الهند بشكل غير متوقع صافي انبعاثات صفرية مستهدفة بحلول عام 2070.
التحقق من واقع التغير
ستكون المفاوضات في COP27 تقنية للغاية ، حيث من المحتمل أن يقضي المندوبون ساعات في التناحر حول الفواصل والصياغة. لكن يتعين على الدبلوماسيين أن يضعوا في اعتبارهم أنه على الرغم من التقدم الأخير، لا يزال العالم على المسار السريع للاحترار فوق الهدف 2 درجة مئوية الذي حددته اتفاقية باريس. وتشير أحدث الأبحاث إلى ارتفاع درجات الحرارة بين 2.1 درجة مئوية و2.9 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، ويحذّر العلماء من أن نافذة التحرك تنغلق بسرعة.
شخصيات ثانوية
حدث هذا العام يضم أكثر من 45000 شخص معتمدين لمؤتمر COP27 منهم دبلوماسيون في مجال المناخ، بالإضافة إلى بعض أشهر الشخصيات في العالم. ففي العام الماضي ، حضر الممثل والناشط المائي ليوناردو دي كابريو، إلى جانب الممثلة إيما واتسون والرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. حيث يضفي الممثلون والمغنون الحيوية على الحالة المزاجية، وسط جمع حشود من المتحمسين.
الجانب الجاد
تقليدياً، أدت الاحتجاجات الجماهيرية من قبل نشطاء المناخ إلى توجيه بوصلة المواطنين حول العالم إلى تجمّع ممل ومنعزل. قد تكون هذه المرة مختلفة، حيث أبلغ النشطاء عن صعوبات غير مسبوقة وتكاليف باهظة للوصول إلى شرم الشيخ. ولا يزال في أذهان الجميع الناشط المصري البريطاني البارز علاء عبد الفتاح، المسجون حالياً والذي بدأ إضراباً عن الطعام في أبريل الماضي. وتعهد عبد الفتاح بوقف شرب الماء في اليوم الأول من الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف.