بلومبرغ
يقول كاتب إحدى أكثر خطط المناخ طموحاً في الاتحاد الأوروبي، إنَّ عام 2020 شكَّل نقطة تحوُّل أشعرته بالتفاؤل تجاه مستقبل كوكب الأرض.
وبالرغم من أنَّ هذا العام أظهر حجم الجهود المطلوبة للحدِّ من التغيُّرات المناخية؛
- استمرَّ ارتفاع درجات الحرارة حتى في ظل عمليات الإغلاق العالمية التي أدَّت إلى توقُّف معظم الاقتصادات- فإنَّ وزير المناخ الدنماركي دان جورجنسن، يقول إنَّ هناك أسباباً تدعو إلى التفاؤل، في إشارة منه إلى أحدث اتفاقية مناخ بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي من شأنها إعادة أكبر اقتصاد في العالم إلى اتفاقية باريس للمناخ.
تغيُّرات سلوكية
وفي مقابلة أُجريَت معه في كوبنهاغن قال جورجنسن: "من اللافت للنظر أنَّ إغلاق مجتمعاتنا لم يقُدنا إلى الاقتراب من مستوى الانخفاض الذي نحتاج إليه، وهذا يعني أنَّ التغيُّرات السلوكية وحدها لا تزال غير كافية. وبالرغم من مدى السلبية التي تسود على تحليل الوضع في أغلب الأوقات؛ فإنَّ بعض الأسباب يدعو إلى التفاؤل، بل وإلى الاحتفال".
وأنهى جورجنسن عام 2020 بتعهده أن تتوقَّف بلاده، التي تُعَّدُ أكبر منتج للخام في الاتحاد الأوروبي، عن التنقيب عن النفط، مما دفع منظمة "غرين بيس" إلى قول: "هذا ما تبدو عليه القيادة المناخية".
ويُعدُّ تعهُّد جورجنسن جزءاً من خطة الدنمارك لخفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 70% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 1990، تلك الخطة التي تُعدُّ أكبر طموحاً من نسبة الـ55% التي يستهدفها الاتحاد الأوروبي، إذ تقع الدولة الإسكندنافية في طليعة الجهود التي تبذلها الكتلة لحماية البيئة.
تأثير كورونا على خطط مواجهة التغيُّر المناخي
ولقد أثار وباء كورونا العالمي موجة من الإغاثة المالية التي أتاحت الفرصة أمام بعض من أكثر المبادرات المناخية جرأة حتى الآن، فقد حدَّدت ثمانية من أكبر عشرة اقتصادات في العالم، بما في ذلك الصين واليابان، أهدافاً للوصول بصافي الانبعاثات إلى الصفر في غضون عقود زمنية. في الوقت نفسه يريد الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن أن تكون الولايات المتحدة دولة محايدة للكربون بحلول عام 2050.
وقال جورجنسن: "سوف ننفق مليارات من أجل التعافي الاقتصادي في أوروبا، ويمكننا أيضاً تحقيق أمور جيدة بالفعل، إذا تصرَّفنا بذكاء، واستثمرنا في البنية التحتية الخضراء، وفي كفاءة الطاقة".
الحوافز المالية
ويمكن للدنمارك تحقيق مزيد من الحوافز المالية من خلال المسار الذي تتبعه نحو اقتصادٍ خالٍ من الكربون، فقد بدأت البلاد الاستثمار بكثافة في طاقة الرياح منذ السبعينيات، لتستطيع حالياً توفير أكثر من 40% من احتياجاتها من الطاقة الكهربائية من الرياح.
وتُعدُّ الدنمارك موطناً لأكبر صانع توربينات رياح في العالم، وهو شركة "فيستاس ويند سيستمز" التي تعدُّ أكبر مطوِّر لمجمعات طاقة الرياح البحرية في العالم، إلى جانب شركة "أورستيد" (Orsted A/S) المملوك نصفها للحكومة، التي بدأت كشركة حكومية منتجة للنفط والغاز، لكنَّها طوَّرت نفسها قبل نصف عقد، لترتفع قيمتها منذ ذلك الحين بنحو 430%.
تعهدات أخرى للدنمارك تجاه المناخ
وبعيداً عن القرار الذي اتخذته بشأن التخلص تدريجياً من إنتاجها من نفط بحر الشمال، وإنهائه تماماً مع حلول عام 2050، تعهَّدت الدنمارك بالتزامات أخرى عديدة في عام 2020، من بينها التخطيط لبناء جزيرتين لإيواء البنية التحتية لمزارع الرياح البحرية الجديدة، مما يساعدها على زيادة الاقتراب من هدف توليد احتياجاتها كافةً من الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة.
وعندما يتعلَّق الأمر بالمناخ، لم تَسلَم حكومة جورجنسن الديمقراطية الاشتراكية من الانتقادات، إذ اتُّهمت رئيسة الوزراء ميت فريدريكسن بالامتناع عن استخدام الضرائب لتوجيه المستهلكين والشركات نحو سلوك صديق للبيئة، كما واجهت انتقادات للجهود الرامية إلى ترويج السيارات الكهربائية بسبب افتقارها إلى الطموح. لكنَّ الحكومة تزعم أنَّ الاستثمار في التقنيات الجديدة سيثبت في نهاية المطاف أنَّه الوسيلة الفُضلى لإحداث التغيير.
ويقول جورجنسن، إنَّ صنَّاع السياسة بحاجة إلى إبقاء عامة الناس في صفِّهم، مشيراً إلى فرنسا التي ارتدى فيها المتظاهرون عام 2018 سترات صفراء، وخرجوا إلى الشوارع لعدَّة أشهر بعد أن أثار غضبهم ارتفاع أسعار الوقود.
وأضاف أنَّ التكاليف المرتفعة المترتبة على تحقيق الأهداف المناخية، تعني "أنَّنا بحاجة إلى التفكير بجدِّية في كيفية التعامل مع هذه الأهداف"، معرباً عن أمله في أن تصبح الدنمارك أنموذجاً يَحتذي به الآخرون. وأضاف: "إذا تسبَّبت خطَّتنا في انخفاض الإنتاج أو إغلاق بعض الصناعات، فلن يكون ذلك جيداً".