بلومبرغ
تعتزم شركة "سامسونغ إلكترونيكس" استثمار 7 تريليونات وون (5 مليارات دولار) في مبادرات خضراء وتدعو كوريا الجنوبية إلى مواجهة التكاليف العالية للطاقة النظيفة، حيث تطمح شركة الإلكترونيات العملاقة إلى التصدي لتزايد الانبعاثات والتخلص من التلوث المباشر بحلول منتصف القرن الجاري.
تخطط أكبر شركة لتصنيع رقائق الذاكرة في العالم للتخلص من انبعاثات الكربون في النطاقين الأول والثاني، والتي زادت بصمتها المناخية في الأعوام الأخيرة، إذ توسع خطوط التصنيع كثيفة الاستهلاك للطاقة. لم تحدد "سامسونغ" أهدافاً للحد من تلوث النطاق الثالث على غرار بعض أقرانها، رغم أنها تعتزم وضع أهداف في المستقبل.
تحول كامل
تهدف أكبر شركة في كوريا الجنوبية أيضاً إلى تحويل المصانع في الخارج كاملة إلى استخدام الكهرباء من مصادر طاقة متجددة في غضون 5 أعوام، رغم إقرارها بعدم تمكنها الوصول لهدف مشابه لغالبية مصانعها المحلية المتعطشة للطاقة - والتي تشكل معظم الإنتاج - جراء القيود المفروضة على توافر مصادر الطاقة النظيفة في البلدان المعتمدة على الوقود الأحفوري.
منذ زمن بعيد ينتقد المستثمرون والناشطون "سامسونغ" جراء اتباع نهج أبطأ في التصرف إزاء المناخ بالمقارنة مع أقرانها في القطاع على غرار شركة "أبل"، التي أعلنت أكتوبر الماضي أنها قلصت الانبعاثات 40% على مدى 5 أعوام ماضية وتضغط على الموردين لاستخدام مصادر طاقة متجددة فقط.
قالت كيم سوجين، رئيس مجموعة استراتيجية المعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في"سامسونغ"، أثناء مقابلة: "كانت مواجهة المخاطر المناخية صعبة لا سيما في ظل محفظة أنشطتنا التجارية المعقدة، وتعني مكانة الشركة المصنعة لمجموعة كبيرة من الإلكترونيات وسلاسل إمدادها الممتدة أن "عبء الضغوطات البيئية على كاهلنا ثقيلاً لأقصى حد".
استراتيجية حديثة
تشمل الاستراتيجية الحديثة، المعلنة الخميس، الإنفاق على التقاط الكربون وتخزينه، واتخاذ تدابير للحد من استهلاك المياه وإصدار الغازات لدى عملية تصنيع أشباه الموصلات، والعمل على تعزيز كفاءة استخدام الطاقة لمنتجاتها وإجراء تحسينات على صعيد جمع النفايات الإلكترونية لإعادة تدويرها. ذكرت كيم أنه في حين أن تقليص الانبعاثات المباشرة يشكل أولوية، فإن "سامسونغ" ستدرس أيضاً استغلال التعويضات في أسواق الكربون الطوعية.
باعتبارها أكبر مستهلك للكهرباء في كوريا الجنوبية، يبقى التحدي الأساسي الذي تتعرض له "سامسونغ" هو شبكة كهرباء البلاد. استحوذ الوقود الأحفوري على ما يفوق 65% من عمليات توليد الكهرباء في 2021، وتُدرس الخطط لخفض المقترحات الخاصة بتوفير مصادر طاقة متجددة أكثر إذ تروج حكومة الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول لعملية بناء تدريجية محتملة للطاقة النووية طويلة الأجل.
استهلكت العمليات التشغيلية لسامسونغ 32322 غيغاواط -ساعة من الطاقة في 2021، بما فيها 25767 غيغاواط -ساعة من الطاقة الكهربائية، وفقاً لما أفادت به الشركة في أحدث تقاريرها عن الاستدامة. يُضاهى ذلك حجم طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية المولدة في كوريا الجنوبية البالغة 31323 غيغاوات -ساعة في نفس السنة، بحسب بيانات جمعتها "بلومبرغ إن إي أف". ارتفعت انبعاثات الشركة خلال الأعوام الأخيرة كنتيجة مباشرة لتركيب خطوط تصنيع أشباه موصلات جديدة، وفقاً لتقريرها.
منافسة متزايدة
على الأرجح أيضاً سترتفع المنافسة على الكهرباء من مصادر متجددة مع تعهد كافة التكتلات الكبرى في كوريا الجنوبية حالياً بتشغيل عملياتها باستخدام الطاقة النظيفة فقط. ما زال الفحم والغاز أرخص في البلاد من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، بحسب بيانات "بلومبرغ إن إي أف".
ستطلب "سامسونغ" من إدارة "يوون"مساعدة أكثر. قالت كيم: "نخطط للتعبير عن المخاوف على مستوى القطاع إزاء صعود تكلفة الطاقة المتجددة، ونطلب دعم سياسة الحكومة لتطوير مختلف الابتكارات المتصلة بالمناخ".
في ظل استراتيجيتها الحديثة للمناخ، ستلتحق الشركة أيضاً بمشروع "طاقة نظيفة 100%" أو (RE100)، وهي مبادرة عالمية تُلزم الأعضاء بصورة نهائية باستعمال مصادر طاقة متجددة بنسبة 100%.
أهداف ضائعة
أوضح كيران عزيز، رئيس وحدة الاستثمار المسؤول في شركة "كيه إل بي" (KLP)، أكبر صندوق معاشات تقاعد في النرويج، والذي يمتلك حيازات من أسهم "سامسونغ" ويدير أصولاً بحوالي 80 مليار دولار: "ربما يكون انضمام سامسونغ لإعلانات كهذه خطوة على الطريق الصحيح، لكن هدف 2050 الغامض يترك لدى المساهمين أسئلة أكثر من الإجابات، وتعتبر انبعاثات النطاق الثالث أمر بالغ الأهمية وفقدانها وسط النقاط المستهدفة نقطة ضعف واضحة في هذا الإعلان". هبط سعر سهم سامسونغ بما يصل إلى 1.1% في تعاملات الخميس.
أعلنت سامسونغ في بيانها أن المصانع المحلية للإلكترونيات الاستهلاكية ستتحول إلى استخدام مصادر متجددة بنسبة 100% مع حلول 2027. تهدف الشركة إلى تشغيل عمليات تصنيع أشباه الموصلات كاملة باستخدام مصادر نظيفة مع حلول 2050، بحسب كيم.
قال هونغ جونغ هو، أستاذ بكلية الدراسات البيئية بجامعة "سيول ناشيونال": "لا تقدم الحكومة الكورية الكثير من الدعم للشركات، مما يعرض الاقتصاد بالكامل لخطر فقدان قدرته التنافسية الصناعية، ومع التأثير الكبير لـ"سامسونغ، يتعين أن تلعب دوراً في التعبئة لدفع الحكومة لإحداث تغييرات في السياسة".