بلومبرغ
حتى الآن لم تنجح الشركات التي تعلن خططاً للقضاء على انبعاث غاز الاحتباس الحراري، الذي يتسبب في احترار الكوكب، في الوفاء بأبسط المعايير الأساسية لتحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفري بصورة فعالة، وذلك وفق تقرير تحليليّ جديد للأهداف البيئية.
ثلث هذه الخطط فقط هو ما يستوفي ما يعتبره واضعو تقرير "متتبع صافي الانبعاثات الصفري" حداً أدنى من المعايير الأساسية للإعلان عن أهداف تخفيض الانبعاثات، التي تشمل التعهد بأهداف محددة، وبيان خطوات تنفيذها، واتخاذ إجراء فوري، وتقديم تقرير سنوي على الأقل.
فحصت الدراسة ما قدمته 702 شركة في قائمة "فوربس غلوبال 2000" من تعهدات بتحقيق صافي انبعاثات صفري. وأشرف على الدراسة كل من "وحدة استخبارات الطاقة والمناخ "، ومركز "داتا دريفن إنفيرولاب" (Data-Driven EnviroLab)، و"معهد المناخ الجديد"، ومبادرة "أوكسفورد نت زيرو" البحثية.
مستهدف صافي الانبعاثات الصفري يسعى إلى تخفيض انبعاثات غاز الاحتباس الحراري حيثما أمكن ذلك، والتعويض عن الانبعاثات التي لا يمكن القضاء عليها عبر إجراءات تعويضية أو استخدام تقنيات تستطيع احتجاز الكربون. ووفق التصور النموذجي، سوف يؤدي ذلك إلى معادلة مساهمة أي شركة في الانبعاثات العالمية بالصفر.
لحظة فاصلة
قال تاكيشي كوراموتشي، مؤلف التقرير وباحث أول في سياسة المناخ لدى "معهد المناخ الجديد"، في بيان: "نحن الآن في لحظة تحوُّل فاصلة. فالضغط المتبادل بين الأقران بهدف تقديم تعهدات متسرعة بصافي انبعاثات صفري، خصوصاً في قطاع الأعمال، قد ينتج عنه إما طوفان جماعي من عمليات الغسل الأخضر، وإما تحوُّل جوهري باتجاه نزع الكربون".
كشف التقرير أن نحو نصف الشركات التي تعهدت بالقضاء على انبعاثاتها ضمنت تفاصيل حول استراتيجيتها في تقاريرها، وما تبقى منها اقتصر فقط على إعلان المستهدف. وتعتزم نسبة 40% تقريباً من هذه الشركات استخدام طريقة التعويضات في إطار خطتها للقضاء على الانبعاثات، وترتفع تلك النسبة إلى 60% عند الشركات التي تستهدف صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2030 أو أقرب، مما يشير إلى أنها تستهدف تعويض الانبعاثات القائمة بدلاً من القضاء عليها.
سارعت حكومات وشركات ومدن إلى الإعلان عن أهداف صافي انبعاثات صفري على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، وسط ضغوط متزايدة تهدف إلى إبطاء وتيرة تغير المناخ، وفقاً للتقرير.
خطر داهم
غير أن التعهدات وحدها، ومع استمرار القوة الدافعة، لن تحقق التخفيض الضروري المطلوب في زيادة درجة حرارة العالم من أجل منع كارثة الاحترار العالمي. ويقول واضعو التقرير إنّ التركيز يجب أن يتحول إلى جودة الأهداف.
قال توماس هال، أستاذ مشارك لدى "كلية بلافاتنيك لشؤون الحكم" في جامعة أوكسفورد: "نحن بحاجة إلى أن ننتقل من التعهدات التطوعية أو التطلعية إلى خطط تنفيذ ملموسة تتضمن إمكانية حقيقية للمساءلة. فقد استطاعت الشركات الأشد ذكاءً أن تدرك الخطر الداهم، وهي لذلك تتقدم بسرعة، غير أن كثيراً من الشركات ما زال يتصور أن نوعاً ما من العمليات المحاسبية المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة سوف يسمح لها بتجنب نزع الكربون بشكل حقيقي".
الابتكارات.. وسيلة القطاع الصناعي إلى الانبعاثات الصفرية
تنطبق معايير "ممارسة القيادة" على أقل من 5% من عدد الشركات التي أجريت عليها الدراسة، وهي الممارسة التي تتطلب تحديد مستهدفات للانبعاثات في الأجل القصير ضمن مستهدف صافي انبعاثات صفريّ طويل الأجل. وهذه الأهداف ينبغي أيضاً متابعتها بقياس وتقدير الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة.
تعلن الشركات جميعها تقريباً عن انبعاثاتها في النطاقين 1 و2، اللذين يقعان في حدود سيطرة المؤسسة. غير أن 38% منها فقط تضع في حسابها انبعاثات النطاق 3، الذي قد يشمل انبعاثات تصدر عن مورديها أو أي استخدام لمنتجات مبيعة من صناعة الشركة. وهذه الانبعاثات تشكل غالباً الجانب الأكبر من البصمة المناخية لأي شركة.
حتى عندما يعلن عن انبعاثات النطاق 3 فإنها لا تُراجَع ولا تُجاز بالضرورة من قِبل أطراف ثالثة، وربما ما يُعلَن عنه منها يقلّ بكثير عن المستوى الحقيقي، وفقاً للتقرير.