بلومبرغ
زادت صناديق الاستثمار الصينية التي تركز على المناخ من حجم أصولها بما يفوق الضعف خلال السنة الماضية، لتتخطى الولايات المتحدة كثاني أكبر سوق عالمي، ما يدعم حملة بكين لتحقيق أهدافها لخطة صافي صفر انبعاثات.
نمت أصول الصناديق الصينية لتبلغ 47 مليار دولار في سنة 2021، بزيادة قدرها 149% عن السنة السابقة بفضل التدفقات القياسية الداخلة وتفوق أداء قطاع الطاقة النظيفة المحلي، بحسب بيانات من شركة "مورنينغ ستار" (Morningstar Inc). في الولايات المتحدة، صعدت صناديق الاستثمار المرتبطة بالمناخ إلى 31 مليار دولار، بينما تضاعفت استثمارات أوروبا، أكبر سوق بفارق كبير، لتصل إلى 325 مليار دولار.
قالت بويا وانغ، المحللة في "مورنينغ ستار" المختصة بالقطاع المتوافق مع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة: "في دول الغرب، ربما يكون الوعي بحماية المناخ عاملاً أساسياً في تحريك النمو". و"في الصين، يعد المحرك هو السياسة الحكومية بطريقة كبيرة. عقب موافقة الحكومة رسمياً على خطة حياد الكربون وأهداف صافي صفر انبعاثات في سنة 2021، شهدنا موجة ضخمة بكل هذا القدر من صناديق المناخ الجديدة هذه".
رفع المستثمرون في الصين استثمارات الصناديق التي تركز على المناخ بمقدار 11.3 مليار دولار خلال السنة الماضية، أي ما يعادل ضعف مستواها في سنة 2020 تقريباً. ما يمثل مكافأة سخية لهم. صعدت صناديق المناخ الصينية بنسبة 15% في المتوسط في الـ12 شهراً حتى شهر أبريل لسنة 2022، بالمقارنة مع تراجع بنسبة 7.2% للصناديق الأمريكية، بناء على حسابات بلومبرغ بالاعتماد على بيانات شركة "مورنينغ ستار".
تحقيق الأهداف الخضراء
باعتبارها واحدة من أكبر مصادر التلوث على مستوى العالم، ضخت الصين بسرعة الأموال لتمويل طموحاتها الخضراء، والتي تتضمن بلوغ ذروة الانبعاثات بحلول عام 2030 وتحقيق هدف الحياد الكربوني في عام 2060. في غضون بضع سنوات فقط، باتت واحدة من أكبر مُصدري السندات الخضراء والقروض الخضراء والمنتجات المالية الأخرى المصممة لدعم تلك الأهداف للسياسة الحكومية.
حققت هذه الحملة فائدة لأسهم شركات الطاقة النظيفة والصناديق التي تمتلكها. احتاج الأمر ما يقل عن 18 شهراً لصندوقين يركزان على مشروعات الطاقة الشمسية، وهما الصندوق المتداول في البورصة "هواتاي-باين بريدج سي اس آي فوتوفولتيك إندستري" (Huatai-PineBridge CSI Photovoltaic Industry ETF) وصندوق "تيانهونغ سي اس آي فوتوفولتيك إنداستري إندكس لانشيد" (Tianhong CSI Photovoltaic Industry Index Launched Fund)، ليُصنفا بين أكبر صناديق المناخ في الصين. ساعدت شركات على غرار "جيه أيه تكنولوجي" (JA Solar Technology Co) و"ترينا سولار" (Trina Solar Co) على تحقيق مكاسب لصناديق الاستثمار الصينية.
جرى تدشين 53 صندوقاً آخر تركز جميعها على المناخ خلال السنة الماضية وحدها، في ظل تركيز أكثر من نصف المنتجات المالية الحديثة على مشروعات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا.
توجد صعوبة في تحديد مدى مواكبة هذه الصناديق لمعايير البيئة. من بين 106 صناديق مناخية صينية جرى تحليلها من قبل شركة "مورنينغ ستار"، كانت هناك 11 منها فقط تمتلك تصنيفات استدامة "متوسطة" أو أعلى. بقية الصناديق كانت أسوأ تصنيفاً أو غير مصنفة أساساً. من الممكن أن تكشف التصنيفات المنخفضة عن وجود عدد من المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة بما في ذلك الشفافية، التي تعد أقل قوة بصفة عامة في الصين بالمقارنة مع أوروبا أو الولايات المتحدة، وعوامل ذات نفس الشأن أخرى.
تقول وانغ: "فيما يتعلق بما إذا كان رأس المال هذا يُترجم إلى فائدة طويلة المدى بالنسبة للتحول الاقتصادي منخفض الكربون، فيساورني الشك في ذلك الأمر". تحتاج الاستثمارات في التكنولوجيا الخضراء تدفقات رأسمالية مستقرة وطويلة المدى. تحققت مكاسب العام الماضي معززة من قبل المستثمرين الأفراد الذين يشعرون في الأغلب بالخوف إزاء التقلبات قصيرة المدى. ساعدت أسهم شركات الطاقة الشمسية على سبيل المثال على الحد من المكاسب وسط عمليات التراجع الأخيرة في أسواق الأسهم العالمية.
في غضون ذلك، عانت صناديق المناخ الأمريكية من صعوبات، حيث تأثرت بأسهم شركات التكنولوجيا النظيفة. وبينما تقدمت مؤشرات شركات الطاقة النظيفة في الصين على مؤشر "سي اس آي 300" للبلاد، تراجعت نظائرها في الولايات المتحدة أمام مؤشر "ستاندرد آند بورز 500". تعد شركة "صن رن" (Sunrun) واحدة من بين الشركات الأمريكية القابضة الأشد تضرراً، حيث خسرت ما يزيد على نصف قيمتها السوقية خلال سنة 2021، عقب صعودها بمقدار 4 أضعاف في السنة السابقة.
ربما يتلاشى حماس المستثمرين بصفة عامة في الصين جراء عمليات الإغلاق المستمرة المرتبطة بجهود احتواء وباء كوفيد-19. ترى وانغ أن صناديق إدارة الأصول ستؤجل ضخ الاستثمارات وأنهم يعتزمون تدشين صناديق مناخ حديثة حتى يجري تخفيف عمليات الإغلاق في مناطق البلاد.