بلومبرغ
طالبت شركة "نيبون ستيل"، عملاقة صناعة الصلب في اليابان، الحكومة بتقديم ما لا يقل عن تريليوني ين (17.3 مليار دولار) كإعانة على مدار ثلاثة عقود تقريباً لتحقيق أهدافها للوصول إلى الحياد الكربوني، إذ تسعى الشركة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية ضد الصين وغيرها من المنافسين العالميين الآخرين.
قاله هيديو سوزوكي، المدير التنفيذي المشرف على مبادرة الحياد الكربوني في الشركة، إنَّ "نيبون ستيل" تحتاج إلى المال للمنافسة على "قدم المساواة". وتتوقَّع الشركة أن تبني مرافق بتكلفة تصل إلى 5 تريليونات ين (43.4 مليار دولار) لتتمكّن من إزالة الكربون بحلول عام 2050.
أضاف سوزوكي أنَّه بدون الدعم المالي؛ فإنَّ المنافسين الصينيين، الذين ينتجون بالفعل أكثر من نصف الصلب في العالم؛ سيشكلون تهديداً أكبر للمنتجين اليابانيين، إذ سيكونون قادرين على الاستفادة من التمويل الهائل من حكومتهم المركزية.
صرّح سوزوكي، في مقابلة أجراها في وقت سابق من هذا الأسبوع: "تتمتع الصين بقيادة قوية وسلطة وأموال وفيرة. إنَّهم أصحاب بأس كمنافسين".
يعد ما تطلبه شركة "نيبون ستيل" من الحكومة اليابانية علامة على ما تواجهه الحكومات في جميع أنحاء العالم عندما تلتزم صناعاتها بأهداف الحياد الكربوني الصارمة للغاية. وتشير تقديرات "بلومبرغ إن إي إف" إلى أنَّ ذلك سيتطلب من صناعة الصلب وحدها تخصيص ما بين 215 مليار دولار إلى 278 مليار دولار من الاستثمارات الرأسمالية بحلول عام 2050.
تزايد الضغط
يتزايد الضغط وسط السباق العالمي لتطوير صناعة الصلب الأخضر، فقد تعهد المورّدون الرئيسيون، بما في ذلك شركة "تشاينا باوو ستيل" (China Baowu Steel Group)، والعملاقة الأوروبية "أرسيلور ميتال" (ArcelorMittal)، أن يصبحوا محايدين كربونياً بحلول منتصف هذا القرن.
وفقاً لسوزوكي؛ ستطلب شركة "نيبون ستيل" من الحكومة المزيد من الأموال، بالنظر إلى أنَّها ستحتاج إلى تريليون ين للبحث والتطوير فقط خلال هذه الفترة. وأشار إلى أنَّ تمويل بكين لأكبر منتج لها، "تشاينا باوو"، يمثل أكثر من أربعة أضعاف ما تتلقاه صناعة الصلب اليابانية بأكملها من الدعم الحكومي.
حتى الآن، لم تخصص اليابان سوى جزء بسيط مما تسعى إليه "نيبون". وقال سوزوكي، إنَّ الدولة خصصت 193.5 مليار ين على مدى 10 سنوات من صندوقها الأخضر الذي يبلغ تريليوني ين للبحث والتطوير فيما يتعلق بـالحياد الكربوني.
قال تاكيشي هاشيموري، نائب مدير قسم الصناعات المعدنية بوزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية: "سيكلف تحقيق الحياد الكربوني الكثير من المال. وإذا كانت هناك حاجة للبحث والتطوير والاستثمار في المرافق؛ فإنَّ الحكومة تعتزم إجراء دراسة متأنية، وتقديم الدعم اللازم".
يعتمد إنتاج الصلب حالياً بشكل كبير على الأفران التي تعمل بالفحم، مما يضغط على المورّدين العالميين لتطوير التكنولوجيا، بما في ذلك استخدام الهيدروجين كبديل للمواد الأولية والوقود. فصناعة الصلب مسؤولة عن حوالي 15% من انبعاثات الكربون في كل من اليابان والصين، و7% من غازات الاحتباس الحراري في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك، تستبعد "نيبون ستيل" التعاون مع المنتجين الصينيين لتطوير تقنية جديدة لإزالة الكربون بشكل مشترك، لأنَّها ما تزال أكثر تقدماً من الشركات الأخرى، وفقاً لِـ"سوزوكي".
هل يبدو منطقياً؟
لم تكن الدعوة إلى التمويل مقنعة لبعض الخبراء على الأقل. يقول المحلل ثانه ها فام، الذي يعمل في شركة "جيفريز" (Jefferies Japan Ltd) بأنَّه لا يحق استخدام مبالغ ضخمة من أموال دافعي الضرائب لمواصلة إنتاج الكثير من الصلب في اليابان، والذي يتم تصدير الكثير منه.
قال ثانه ها: "هل يعقل أن تفعل ذلك باستخدام الهيدروجين المكلف للغاية؟ ستكون صناعة الصلب القائمة على الهيدروجين أكثر ملاءمةً لأماكن أخرى خارج اليابان"، في إشارة إلى أماكن أخرى مثل: أستراليا وأفريقيا، حيث يمكن إنتاج الهيدروجين بسهولة أكبر باستخدام طاقة متجددة منخفضة التكلفة.
تقوم شركة "نيبون ستيل" منذ أكثر من قرن بتصنيع الصلب من الحديد والفحم في أفران الصهر. وذكرت الشركة العام الماضي أنَّ ابتكارات إزالة الكربون ستتطلب تكلفة تتراوح بين 4 تريليونات ين، و5 تريليونات ين في بناء منشآت جديدة، وهو ما يمكن أن يضاعف على الأقل تكلفة الصلب على مدار الثلاثين عاماً القادمة.
كما وضعت الشركة خطة لخفض 30% من انبعاثاتها بحلول عام 2030، قبل أن تصل إلى الحياد الكربوني بعد عقدين من الزمن. بالإضافة إلى بناء مصانع تعتمد على الهيدروجين بنسبة 100%؛ فإنَّ الشركة تريد زيادة استخدام الهيدروجين في الأفران الموجودة، وكذلك إنتاج المزيد من المعادن عبر الأفران الكهربائية التي تعيد صهر خردة الصلب.