بلومبرغ
سيؤدي التغير المناخي إلى إعادة تشكيل العالم، سواء نجحنا في التصدي له أم لا. لم يعُد ذلك إقرارا نابعاً فقط من العلماء، بل يأتي من قطاع التأمين أيضاً.
يسعى أكاديميون في جامعة كامبريدج وخبراء سوق التأمين "لويدز أوف لندن" (Lloyd’s of London) عبر تقرير بعنوان "القوى المتحولة" لتخيل كيف سيبدو هذا العالم المعاد تشكيله. عوضاً عن تخيل أي مناطق العالم ستواجه الفيضانات على نحو متكرر وأيها ستندلع فيها النيران في أحيان كثيرة، فإنهم يتخيلون التأثير الذي سيقع على الجغرافيا السياسية.
ما الاستنتاج؟ في إمكان العالم أن يسير في واحد ثلاثة مسارات:
- العولمة الخضراء
إذ تعمل القوى الكبرى على التنسيق بطريقة وثيقة من أجل تطبيق حلول، وهو ما يضع العالم على الطريق الصحيح من أجل تلبية الأهداف المناخية.
- فوضى المناخ
إذ تأخذ المصالح الذاتية شكل النزعة الحمائية والنزعة التجارية، وهو ما يدفع العالم للذهاب في الاتجاه الخاطئ في ما يخص الانبعاثات.
- الحرب الباردة الخضراء
إذ ينقسم العالم إلى معسكرين أو ثلاثة معسكرات متنافسة تنشئ حواجز تجارية على النطاق الإقليمي، ما ينجم عنه انبعاثات تأتي في مكان وسيط بين نقيضَي أول احتمالين.
أداة للتعامل مع الواقع
أصبح هذا النوع من تحليل الاحتمالات الأداة التي تعتمد عليها الشركات الكبرى والحكومات في سعيها للتعامل مع عالم مضطرب تماماً. تُعتبر الاستنتاجات بمثابة مستقبل متخيل ناجم عن وضع بعض من الافتراضات الأساسية، وعمل مقابلات مع خبراء في عديد من المجالات المتنوعة، بجانب استخدام نماذج الحاسوب عنصراً مساعداً.
تُعتبر الفرضية الأساسية للتحليل الحديث مثلاً لعدم حدوث اختراقات تقنية خلال عقد، لكن التقنية المتوفرة حالياً تشهد تطوراً بالمعدلات الموجودة حالياً، لذلك تنخفض تكلفة الاعتماد على الطاقة الشمسية، ولن يصبح الانصهار النووي حقيقة واقعة.
رغم أن تلك التحليلات ليست رخيصة، فإن الاعتماد عليها شهد نمواً سريعاً. قال أحد مؤلفي التقرير، ماتيو إيلاردو، الذي يعمل باحث مخاطر لدى مركز دراسات المخاطر بجامعة كامبريدج: "توجد مخاطر تفوق ذلك بكثير... تهتم الحكومات ومجالس إدارة الشركات للغاية بمساعي الحد من المخاطر، وكذلك باقتناص الفرص".
تشابهت النتائج
تُعتبر نتائج دراسة "القوى المتحولة" قريبةً تماماً من دراسة أخرى نُشرت في نوفمبر 2019 وقادها مورغان بازيليان من معهد "باين إنستيتيوت" في ولاية كولورادو. طرحت هذه الدراسة أربعة سيناريوهات:
- التوصل إلى اتفاق أخضر واسع، يتوقع وضع سياسات حازمة ومنسقة بين الحكومات لدفع الأسواق المالية لتحريك رأس المال سريعاً تجاه مصادر طاقة خالية من الانبعاثات الكربونية.
- سيناريو القومية القذرة، يتوقع أن يؤدي إلى تبني سياسات انعزالية واكتفاء ذاتي، ما يؤدي إلى فشل اتفاق باريس.
- سيناريو خليط الطاقة، وهو ما يعبر عنه وضع العالم حالياً بطريقة جوهرية، في وقت تتنامى فيه حصة مصادر الطاقة المتجددة في خليط الطاقة، فيما يسير الانتقال ببطء للغاية على صعيد الحد من التغير المناخي.
- سيناريو التقدم التكنولوجي، وقد يعني ذلك أن تكون تكلفة إضافة وحدات تخزين إلى الشبكات الكهربائية أو التقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء رخيصة فجأة. قد يسفر ذلك عن تنافس جيوسياسي (مثل سيناريو الحرب الباردة الخضراء).
تُعَدّ تلك السيناريوهات قطعاً تقديرات تقريبية تماماً لما قد يبدو عليه العالم. يقول إيلاردو إنّ الحرب الباردة الخضراء هي المكان الذي يبدو أن العالم يتجه نحوه، لكن لا يزال هناك وقت قبل أن يلتزم العالم ذاك السبيل. لذلك إن كانت تحذيرات العلماء المتعلقة بالمخاطر الملموسة للتغير المناخي لا تحرك الجماهير، فقد تجعل التوقعات المستقبلية المحافظة لشركة التأمين المرتبطة بالجغرافيا السياسية ظاهرة الاحترار العالمي موضع اهتمام الناس.