بلومبرغ
كانت سنة 2021 حافلة بالتغيرات في الصين، ولكن الطريق ما يزال طويلاً أمام تحقيق التحوّل الجذري في العلاقة ما بين الحكومة والشركات والمواطنين.
تضمّنت اندفاعة الرئيس شي جين بينغ نحو "الرخاء المشترك" الرامية إلى تضييق الفجوة في الثروة، خطوات تهدف إلى الحدّ من نفوذ عمالقة التكنولوجيا في الصين، والتصدي للارتفاع المستمر في أسعار المنازل، والتشجيع على الإحسان، وتبنّي الطاقة النظيفة. وقد ترافقت هذه المبادرة مع حملة على قطاع الترفيه استهدفت مشاهير الإنترنت، وممثلين على خلفية التهرب الضريبي، إلى جانب التشدّد في التعامل مع ثقافة المشاهير "غير اللائقة".
اقرأ أيضاً: الصين تتعهد بإجراءات استباقية لاستقرار الاقتصاد في 2022
يبدو أنَّ هذا التغييرات سوف تبقى قائمة. فالقرار التاريخي الذي تم نشره في نوفمبر، وهو ثالث قرار من نوعه في تاريخ الحزب الشيوعي الصيني، يضع "الرخاء المشترك" في صلب الأهداف الحكومية. كما تمهّد هذه العقيدة ليحكم شي الصين مدى الحياة، إذ من المتوقَّع أن يفوز بولاية ثالثة تشكل سابقة تاريخية في الصين خلال مؤتمر الحزب هذا العام.
اقرأ المزيد: الغموض يُحيط بأداء الاقتصاد الصيني بسبب ضغوط العقارات والصادرات
في الوقت الذي يبلغ فيه معدل أعمار أعضاء اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي حوالي 60 عاماً، ويبلغ الرئيس نفسه من العمر 68 عاماً؛ فإنَّ التحولات التي يجري تطبيقها اليوم سيكون لها التأثير الكبير على حياة الشباب الصينيين. من هذا المنطلق، تحدثنا مع بعض الأصوات الصاعدة الناشطة في جوانب أساسية من الاقتصاد الصيني، لنستطلع توقُّعاتهم حيال مستقبل البلاد.
اقرأ أيضاً: خطة الصين لتحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم تضغط على أسعار الحبوب عالمياً
عبّر الأشخاص الذين أجرينا مقابلات معهم عن واقع الحياة في الصين اليوم بأكثر من مجرد الكلمات. ففي ظل قيادة شي، تم تشديد القيود على حرية التعبير. ولذا تفادى بعضهم التطرق إلى مسائل ذات حساسية سياسية. بدت تعليقاتهم متفائلة بشكل عام، على الرغم من أنَّ الكثير من الصينيين أقل حماسة للمستقبل. كذلك، يغلب الذكور على المجموعة التي أجرينا مقابلات معها، وهذا لم يكن متعمداً من طرفنا، إلا أنَّه يذكّر بالسيطرة الواضحة للرجال على هيكليات النفوذ في الصين.
مع ذلك، تقدّم هذه المقابلات لمحة عن وضع البلاد اليوم وتوجهاتها.
رين يي
معلق عبر الإنترنت، يعرف باسم "تشارمن رابيت" (Chairman Rabbit)، ولديه أكثر من مليونيّ متابع على "ويبو" (Weibo)، و"وي تشات" (WeCha)، وهو في أوائل الأربعينيات من العمر؛ بكين.
يرى رين يي أنَّ الرخاء المشترك سوف يمكّن الصين من الاستعداد بشكل أفضل للمستقبل حين تحلّ التكنولوجيا مكان وظائف البشر.
قال رين: "في الحقبة المقبلة، سوف يحتل الذكاء الصناعي والأتمتة مكان الوظائف البشرية، مما يؤدي إلى بطالة ناتجة عن التكنولوجيا. كذلك، وبسبب العولمة؛ فإنَّ بعض الوظائف سوف تؤول إلى السوق الخارجية". وأضاف: "ستنشأ حاجة لأن تتولى الحكومة والمجتمع التوزيع الاجتماعي، حتى يتمكن المزيد من الأشخاص من تحقيق انتقال سلس خلال هذا التحوّل التكنولوجي". يعتبر رين أنَّ القيم الاشتراكية الصينية سوف تمكّن البلاد من التكيف بشكل أفضل مع المستقبل، بالمقارنة مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة التي ستواجه مشكلات ناجمة عن الانقسامات الاجتماعية والعقائدية. فالنظام الصيني الذي يجمع ما بين قيم تقليدية مثل الإيثار وحسّ المجتمع مع عناصر من الاشتراكية واقتصاد السوق؛ سوف يوفر نموذجاً سياسياً يقدم مساهمة كبرى للبشرية.
يقول رين، إنَّه مع الأشخاص المحيطين به، يعيرون اهتماماً متزايداً للإحسان والتبرعات، بما أنَّ الرخاء المشترك يفرض على أعضاء المجتمع أن "يحتضنوا بعضهم بعضاً". فتبني "الرخاء المشترك" يعتبر "الحدث المهم" الذي يبشّر بحدوث تحوّل في العلاقات بين مختلف الفئات والمجموعات الاجتماعية، إذ يتوقَّع رين تناول هذه الفكرة بشكل أكبر خلال المؤتمر الوطني للحزب هذا العام.
"الرخاء المشترك"، ليس مجرد إجراء إداري، بل هو قيمة، بحسب رين، الذي قال، إنَّ الاستهلاك السافر "بالتأكيد لن يُحظر، ولكن لن يتم التشجيع عليه، وسيكون محط ازدراء المجتمع".
سوجي يان
مؤسس شركة ناشئة، رئيس تنفيذي، معارض لدوام العمل 996 (أي من التاسعة إلى التاسعة، ستة أيام في الأسبوع)، ومعارض لساعات العمل الطويلة في قطاع التكنولوجيا في الصين. يبلغ من العمر 25 عاماً، وهو "رحالة رقمي"، يعيش متنقلاً بين أماكن عدّة.
يقول سوجي يان، إنَّ شركات التكنولوجيا العملاقة حول العالم، اكتسبت نفوذاً واسعاً جداً لدرجة أنَّها باتت "تحلّ مكان الدول". ويرى أنَّ تشديد الصين للقيود الناظمة على هذا القطاع؛ يمثل الوسيلة التي اعتمدتها بكين من أجل إعادة فرض السيطرة الحكومية.
يان، المؤمن بـ"العالم الرقمي غير المركزي"، والأنظمة مفتوحة المصدر، يعتبر أنَّ تشديد القواعد الناظمة الحكومية، ودعم شركات التكنولوجيا التي تطمح لكسب نفوذ يتجاوز سلطات الدول، "كلاهما سيئ جداً". وبالتالي؛ هو "يحاول التفكير ببدائل أفضل".
بحسب يان؛ تتوقَّع شركات التكنولوجيا الكبرى أن تتحول جوانب الحياة اليومية كافة لتصبح رقمية أكثر فأكثر، من الاتصالات والعملات إلى التصويت والحوكمة. ويقول إنَّ مبادرة "الرخاء المشترك" الصينية صُممت من أجل "سحب الأموال من جيوب عمالقة التكنولوجيا"، وهو يتوقَّع رؤية حملات مماثلة في الدول الغربية خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.
قال يان، إنَّ النظام القضائي الصيني قوي، ولكن القوانين لا تطبق فعلياً إلا حين يطرح فرد ما أو شركة ما "إشكالية"، فيتم عندها اتهامهم بـ"خرق هذا القانون أو ذلك"، وهو نهج وصفه بـ"المثير جداً للجدل".
كذلك، يخشى يان من خطر أن يصبح العالم أقل تواصلاً خلال السنوات العشر المقبلة، بما أنَّ وباء كورونا يؤثر في قدرتنا على التواصل والتفاعل الجسدي. يعني ذلك أنَّ الدول السيادية ستصبح "انفرادية" أكثر، في ظلّ تراجع التجارة الدولية والتواصل. وأضاف: "نحن بالتأكيد مواطنو دولة معينة"، لكنَّه سأل: "ولكن، هل يمكن أن نكون مواطنين رقميين محليين، ونتشارك حلماً أكبر مع بقية العالم؟"
ليليان لي
كاتبة متخصصة بشؤون التكنولوجيا، مستثمرة سابقة في رأس المال المغامر واستشارية استراتيجية. بين أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من العمر، مقيمة في شانغهاي منذ أغسطس 2020، بعد قضاء عقدين في الولايات المتحدة وأوروبا.
تقول ليليان لي، إنَّه في غضون 10 سنوات ستكون هذه "العلاقة الأكثر تكافلية بين شركات التكنولوجيا والحكومة" التي انطلقت بفضل الجهود الرامية لتحقيق "الرخاء المشترك" ما تزال متجليةً.
وهي ترى أنَّ "الرخاء المشترك" مصطلح واسع لوصف ما تعتقد بأنَّه مفهوم شائع جداً، يدعو كي يكون مستوى الحياة نفسه في متناول الجميع. و"بالتالي؛ الأمر لا يختلف عمّا هو شائع في أوروبا"، بحسب قولها.
مع ذلك، تقول لي إنَّه "حين تنشأ مشكلة اجتماعية في أوروبا أو الولايات المتحدة، أعتقد أنَّ رد الفعل الأولي يكون مناشدة قوى السوق لتصحيحها". لكن في الصين، "الوضع السائد هو أنَّ الناس يريدون من الحكومة التدخل".
في رأي لي، يشكل نموّ الطبقة الوسطى في الصين "بشرى سارة" للشركات الدولية. وأضافت: "حين تنظر إلى التقارير؛ فإنَّ السوق الأكبر للسلع الفاخرة في العالم حالياً هي مدن الفئة الثالثة والرابعة في الصين"، مشيرة إلى أنَّها "المستفيدة الصاعدة من الرخاء المشترك".
ترى لي أنَّه تتم معاملة المستثمرين الأجانب على قدم المساواة مع المستثمرين الصينيين، كما يتمتعون بالأفضلية في بعض الأوقات.
صحيح أنَّ شركات صناعة البرامج الإلكترونية المرتبطة بالأمن القومي "لن تأخذ الأموال من مستثمرين أجانب، وذلك من أجل المحافظة على المصلحة الوطنية. لكن لنكن صادقين، الوضع نفسه ينطبق على أي شركة أميركية أو أوروبية أيضاً. ولكن في كلّ القطاعات الأخرى تقريباً، لن يجلس المؤسس يتساءل: هل هذا مستثمر أجنبي؟ هل هذا مستثمر محلي؟ من أين يأتي المال؟".
أضافت لي: "أثبتت الصين نفسها على أنَّها منفتحة وراغبة في الانخراط. قد لا تلتزم بذلك طوال الوقت، لكنني أعتقد أنَّك حين تنظر إلى السياسات، هذا بالفعل ما يعتزمون القيام به".
كما أشارت إلى أنَّه - على الأرض في الصين "من المنعش جداً التعامل مع أشخاص لديهم الحس التفاؤلي الحقيقي حيال المستقبل".
لي شيو
استشاري سياسة دولية كبير في "غرينبيس" شرق آسيا، يبلغ من العمر 34 عاماً؛ بكين
يقول لي شيو، إنَّ تحول الصين نحو الطاقة الخضراء سيجلب فوائد متفاوتة في أرجاء البلاد، وسيطرح انعدام المساواة "تحدياً كبيراً جداً" للحكومة في إطار سعيها لتحقيق "الرخاء المشترك".
أشار لي إلى أنَّه "من المحتم أن تواجه بعض المجموعات آفاقاً اقتصادية محفوفة بالتحديات أكثر من غيرها". مثلاً، مدينة شينزن التي تعدّ معقل صناعة المركبات الكهربائية، ستستفيد بشكل كبير، بالمقارنة مع المناطق التي تعتمد على الصناعات التقليدية، مثل إقليم شانشي الواقع في منطقة حزام الفحم، والذي سيحتاج للخضوع إلى إعادة هيكلة اقتصادية.
خلال السنوات العشر المقبلة، يتوقَّع لي أن تسهم نماذج الأعمال الناشئة في تحسين جودة حياة السكان، وأن تساعد الصين على تحقيق هدفها ببلوغ الحياد الكربوني بحلول عام 2060، مشيراً إلى قطاع تشارك الدراجات كمثال جديد نسبياً على ذلك.
العديد من الشباب الصينيين لديهم اليوم الأقارب الذين عملوا في قطاع الصناعة الثقيلة، لكنَّ شيو يتوقَّع ألا يعود مثل هذا الأمر شائعاً خلال العقد المقبل. وأوضح أنَّ "نسبة هذه الصناعات في الاقتصاد الصيني ستتقلّص بدون شكٍّ".
قال لي، إنَّ تصفير الانبعاثات الكربونية خلال بضعة عقود أشبه بـ"الخيال العلمي" بالنسبة إلى العديد من الدول المتطورة. لكن إذا كانت هناك دولة قادرة على تحقيق ذلك؛ فإنَّ "التاريخ يقول لنا، إنَّها الصين"، مشيراً إلى النمو الاقتصادي السريع الذي حققته البلاد في العقود الماضية. وأردف أنَّ التحسن على الصعيد البيئي في البلاد سيكون مدفوعاً بالقوى الداخلية، مع تضاؤل الالتزامات الخارجية في ظل التوترات مع الغرب.
فينغ تشوشونغ
محلل لدى شركة "بلينيوم" (Plenum) البحثية المستقلة، يبلغ من العمر 29 عاماً؛ بيكين
يرى فينغ أنَّه خلال عقد من الزمن، ستتميز الصين عن الاقتصادات المتطورة الأخرى من جوانب عدّة، من بينها إقامتها لعلاقة أكثر توازناً بين القطاع العام والخاص، بدل الاعتماد على قطاع خاص يسيطر بشكل كبير، كما هي الحال في الكثير من الدول الغربية.
تنظر الصين إلى القطاع المملوك من الدولة على أنَّه قادر على إنشاء حاجز حماية اقتصادية بطريقة تعجز عنها المؤسسات الخاصة، لا سيما في زمن الأزمات. ففي ظروف مثل الوباء، يمكن للصين أن تحشد القطاع العام، في وقت يركز القطاع الخاص فقط على خفض أعداد الموظفين وعلى التفاعل مع الربح؛ بحسب فينغ.
يتوقَّع فينغ أيضاً أن تصبح العلاقة بين المناطق الحضرية والريفية في الصين أكثر توازناً، لدرجة أنَّه سيكون من الصعب التمييز بين المنطقتين. إذ يوضح أنَّ تنشيط الريف يشكل أولوية قصوى للحزب. وقال: "تدرك الصين أنَّه من أجل المحافظة على وتيرة النموّ الحالية؛ لا بدّ أن تستفيد من سكان الريف الذين لم يشكلوا قوة استهلاكية كبيرة من قبل".
يرى فينغ أنَّ الشباب الصينيين أكثر ثقة بأنفسهم، بما أنَّهم ترعرعوا في وقت تسابق فيه الصين لتصبح أكبر اقتصاد في العالم، في ظل تراجع الولايات المتحدة.
قال فينغ: "الكثير من أبناء جيل الشباب في الصين سيتطلعون أكثر نحو الداخل من أجل فهم الثقافة الصينية وتنشيط الثقافة الصينية، بدل عبادة الثقافة الأمريكية، والثقافات الغربية المستوردة". وأضاف أنَّه سيكون من "الرهيب" ألا يتمكن الناس خلال 10 سنوات من الحصول على فرص لتحسين مصادر رزقهم حتى لو عملوا بجهد. وأشار إلى أنَّه بالنسبة إلى جيل الشباب في الصين؛ بات اليوم من الأصعب تحقيق الثراء، فأولئك الذين حققوا الثروة أغلقوا الطريق خلفهم، وهم يستخدمون أموالهم من أجل ضمان مستقبل جيد لأولادهم.
يرى فينغ أيضاً أنَّ على الصين أن تحدث توازناً بين "القيم الاشتراكية الجوهرية" ورغبة الناس الطبيعية في الحصول على السلع المادية. وهو يعتقد أنَّ الدولة ستشجع على الأرجح الأشخاص أكثر على التركيز على تطوير عقولهم بدل أن يؤخذوا بالإعجاب السطحي الفارغ، وهذا ما أثبتته الحملة الأخيرة ضد ثقافة المشاهير.
شين يوزهي
ناشط في البث المباشر على الإنترنت، يشتهر باسم "سيمبا"، ولديه أكثر من 95 مليون متابع على تطبيق خدمة استضافة الفيديو من "كوايشو تكنولوجي (Kuaishou Technology)، وهو مؤسس شركة التجارة الإلكترونية "شينشوان غروب" (Xinxuan Group)، ويبلغ من العمر 31 عاماً؛ غوانزو.
يتوقَّع شين أن يشهد الابتكار التكنولوجي في مجال الاستهلاك تطوراً سريعاً في الصين خلال السنوات العشر المقبلة، بالإضافة إلى نشوء أفكار جديدة- مثل البث الحي- يمكن للدول المتطورة التعلّم منها.
قال شين، إنَّ البثّ المباشر غيَّر حياته بعد نشأته الفقيرة في الريف كابن مزارع. وبرأيه؛ فإنَّ "الرخاء المشترك" يعني انفتاح المؤثرين على الأشخاص الذين لديهم الأفكار الجيدة، ومساعدتهم على الانضمام إلى موجة التجارة الإلكترونية. وأضاف: "أتمنى أن يدخل المزيد من الأشخاص إلى هذا القطاع".
يستثمر شين حالياً في فريق من 50 أستاذاً، ويعمل على إنشاء مدرسة بث مباشر تضم نحو 50 ألفاً إلى 100 ألف طالب في السنة، على الأرجح في مدينة داليان شمالي البلاد. وقال: "سوف أقيّم حجم الإقبال من المجتمع، وإذا كان الإقبال كبيراً سأعمل بجهد أكبر لتحقيق هذا الهدف".
يسعى شين إلى تمكين المزيد من الأشخاص، بما يشمل المزارعين، من تعزيز تجارتهم عبر الإنترنت. وقال إنَّه تمكّن من مساعدة المزارعين على بيع الملايين من بيض البط من خلال برامج البثِّ المباشر التي يعرضها، من دون أن يجني شخصياً إلا القليل جداً من المال من وراء ذلك. وأضاف شارحاً: "لا يعرف المزارعون الكثير عن التغليف والتسويق واللوجستيات، لذا علّمتهم ذلك بشكل مضنٍ، مرة بعد مرة، ولكنني لم أستطع أن أعلّم الكثير من الناس بنفسي". وأضاف: "ثمّ في النصف الأول من عام 2020، قررت أن أفتح مدرسة من أجل تشارك أفكارنا، ومنحهم المزيد من الفرص".
إلا أنَّ الجانب السلبي للبثّ المباشر هو أنَّه "جعل الكثير من الأشخاص من فاحشي الثراء لا يفكرون كيف يجعلون الآخرين أغنياء أيضاً، أو كيف يتشاركون مع الآخرين". وكان بعض مشاهير البث الحي عبر الإنترنت، بينهم "فيا"، قد واجهوا غرامات بملايين الدولارات بتهمة التهرب من الضرائب.
قال شين، إنَّ قطاع البث الحي "يفترض أن يمكّن عدداً أكبر من الفقراء من اكتساب الثروة". ومن الآن وصاعداً، يتوقَّع أن تتشدد الحكومة في تنظيم التجارة الإلكترونية المباشرة التي تفتقر حالياً إلى القواعد الواضحة.
وانع ييوي
دبلوماسي صيني سابق، ومدير معهد الشؤون الدولية في جامعة رينمين، يبلغ من العمر 50 عاماً؛ بكين.
يقول وانغ ييوي، إنَّ "الرخاء المشترك حلم صيني قديم"، مضيفاً أنَّ "العدالة الاجتماعية والوئام العظيم، يمثلان الثقافة الصينية التقليدية". فإذا وُجد أشخاص من فاحشي الثراء، ومن الأشخاص المعدمين؛ "فهناك ثورة. هكذا علّمنا التاريخ الصيني"، مذكّراً بقول كونفوشيوس بأنَّ الناس لا يجب أن يخشوا من الشحّ، ولكن من التفاوت في التوزيع.
مع ذلك، لا يعتبر وانغ أنَّ السعي إلى تحقيق "الرخاء المشترك" أمر تتفرد به الصين، أو يمثِّل بديلاً عن النماذج الغربية. ففي رأيه هذا الأمر ظاهرة عالمية أيضاً.
قال إنَّ "الرخاء المشترك" هو اندفاعة نحو "النظافة والرشاقة والبيئة". فاليوم بعد أن أصبحت الصين سوق العالم بدل أن تكون مصنعه؛ سيأتي المزيد من النمو من الابتكار، والتصميم، والعمل القائم على المعرفة أكثر من المشاريع القائمة على رأس المال الكبير.
في رأي وانغ، تغيّر تعريف الناس لـ"التقدم"، وبات الإجراء الصحيح يتمحور حول ما إذا كان الأمر مناسباً. وأعطى مثالاً "الديمقراطية الشعبية بعمليتها الكاملة"، وهو مفهوم مثير للجدل.
قال وانغ: "لن ننسخ أي نموذج عن الاتحاد السوفياتي أو الولايات المتحدة؛ فإذا قمت بالنسخ فحسب؛ لن يحقق أي أحد النجاح".