بلومبرغ
في نهاية كل عام، أرغب في إلقاء نظرة على ما قمت به من أعمال وأشاهد أي الموضوعات والنتائج مازالت مذهلة حالياً تماماً كما كانت تبدو عليه قبل عدة أشهر.
واخترت 10 أفكار - و10 رسوم بيانية مناسبة لها - أظن أنها ستوضح ما وصلنا إليه حالياً في الجهود المبذولة لإزالة الكربون من الاقتصاد العالمي. ويمتد نطاق الأفكار العشرة ليشمل عملية تكوين رأس المال، وتشكيل مجالس إدارة الشركات، وصولاً إلى الاختبارات المُسبقة لتوقعات الطلب على الكهرباء منذ 7 عقود.
1.1 تريليون دولار ديون مستدامة خلال 9 شهور
ظهرت منتجات الديون المستدامة - القروض والسندات مع عائدات تستهدف الاستثمار الممتثل لمعايير البيئة الإيجابية أو لتعزيز الأهداف الاجتماعية لشركة ما - فقط كفئة من أدوات الاستثمار قبل ثمانية أعوام. منذ ذلك الوقت، تنامت الإصدارات لتفوق الـ 750 مليار دولار في عام 2020. عندئذ، كان لدى "بلومبرغ إن إي أف" توقعات بأن سنة أخرى من النمو المشابه ستؤدي إلى بلوغ العالم أول عام يحقق فيه تريليون دولار من إصدارات الديون المستدامة. وهو ما تحقق فعلا في 2021، بيد أنه لم يستغرق سنة كاملة، أو حتى ثلاثة أرباع مالية كاملة. ومع حلول نهاية سبتمبر الماضي، أصدرت الشركات والبنوك والهيئات الحكومية ما يزيد عن 1.1 تريليون دولار من الديون المستدامة.
الاستثمار في تكنولوجيا المناخ
صعد حجم الاستثمار في المراحل المبكرة من تأسيس شركات تكنولوجيا المناخ على نحو هائل. قبل نحو عقد، استطاعت الشركات التي تصب اهتمامها على المناخ جمع تمويلات بقيمة إجمالية تصل إلى بضعة مليارات من الدولارات كحد أقصى عبر فئات أصول والاتفاقات المقسمة على مراحل والتكنولوجيات. حالياً، تجمع شركات تكنولوجيا المناخ هذا الحجم من التمويل خلال شهر واحد، وفي كل مرحلة، بداية من التمويل الأولي وصولاً إلى جولات ما قبل عمليات الطرح العام الأولية، بمليارات الدولارات.
في شهر نوفمبر، جمعت شركات تكنولوجيا المناخ تمويلات تخطت الـ 49 مليار دولار في أنشطة المراحل المبكرة. ومن المرجح أن تدفع الأسابيع القليلة المقبلة القيمة لحاجز الـ 50 مليار دولار للعام بأكمله.
توفر التقييمات القوية وخوف المستثمرين من فوات الفرص، بالإضافة إلى الاحتياج الحقيقي للحصول على تمويل هائل للابتكار على نطاق واسع، قوة دفع لتكنولوجيا المناخ. يستطيع كذلك القراء أن يتخيلوا كيف كانت 2020 ديناميكية بالنسبة لقطاع الكهرباء على مستوى العالم. فعلى الرغم من التغييرات الكبيرة وشبه الآنية على الطلب في العديد من الأوقات جراء وباء كوفيد - 19، هبط معدل توليد الكهرباء العالمي بنسبة 20% فقط خلال عام 2020 بأكمله. وتراجعت الكهرباء المولدة من الفحم والغاز والمولدة من الطاقة النووية جميعها على أساس سنوي. في هذه الأثناء حققت مصادر الطاقة المتجددة نمواً. وحققت ما هو أكثر من مجرد نمو، حيث كانت مصادر الطاقة المتجددة هي الفئة الوحيدة التي سجلت نمواً على صعيد توليد الكهرباء خلال السنة الماضية.
صناديق تترك التمحك بمعايير الحوكمة مع تغليظ قواعد الغسل الأخضر
كما تشهد عمليات جمع التمويلات في المراحل المتأخرة للشركات نشاطاً كبيراً. ماذا في إمكان المستثمرين أن يفعلوه مع وجود هذه الوفرة من رأس المال؟ قدمت لهم مقترحاً مفاده أن عليهم تبني استراتيجة "البدء بالأداة، والبقاء حتى تكوين الشبكة". بعض من هؤلاء المستثمرين الذين أسسوا صناديق استثمار في الملكية الخاصة بمليارات الدولارات يفعلون ذلك تحديداً، بالبدء من شركات تصنيع السيارات الكهربائية في الهند.
تعتبر كافة هذه الأرقام بمثابة دلالة على وجود حالة من الحماس، بيد أنها أيضاً تمثل وعداً ضمنياً من قبل المستثمرين المؤسسيين بأن شركاتهم ستحقق نمواً بما يتماشى مع التوقعات. ويحدونا الأمل في هذا الصدد، من أجل المناخ، أن ينجز ذلك عدد كبير من الشركات الناشئة التي تتمتع بتقييم مرتفع في مجال تكنولوجيا المناخ.
الطاقة المتجددة
تعد الطاقة المتجددة المصدر الوحيد لتوليد الكهرباء الذي حقق نمواً حيث وصلت نسبة النمو المجمعة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح 16.6% خلال العقد الماضي ومن الطاقة الشمسية 38.8%. ويعني ذلك تضاعف عملية توليد الكهرباء من كل مصدر في غضون أقل من 5 أعوام وأقل من عامين، على التوالي. في حال كان توليد الكهرباء من طاقة الرياح يحقق نمواً بنفس معدل الـ 10 أعوام الحالية لمدة سنة واحدة فقط، فستكون المصدر المنفرد الأكبر لتوليد الكهرباء من الطاقة الجديدة منذ 2010. وفي حال حققت الطاقة الشمسية نمواً بذات الطريقة، فستصبح المساهم الأكبر في نمو توليد الكهرباء مع حلول 2023.
مصادر الطاقة المتجددة أكبر من النووية
في عام 1965، ولّدت الطاقة النووية كهرباء بـ 24 تيراواط في الساعة في العام. وولدت كافة محطات توليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والحرارية الأرضية والكتلة الحيوية 15 تيراواط في الساعة. في غضون 4 عقود من الزمان، توسعت الفجوة بين توليد الكهرباء من الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة. بيد أنه مع بداية العقد الأول من القرن الـ 21، توقف توليد الكهرباء من الطاقة النووية، وواصلت مصادر الطاقة المتجددة الصعود في منحنى سلس وحاد. كانت النتيجة أن توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة فاق ما تم توليده من الطاقة النووية في عام 2020.
من منظور المناخ، لا تتنافس الطاقة النووية مع مصادر الطاقة المتجددة. سيتحقق نمو كافٍ في الطلب على الكهرباء بما يدعم التوسع الضخم في كافة أنواع تكنولوجيا توليد الكهرباء الخالية من الكربون. ربما يحدث قدر من ذلك التوسع من خلال الاندماج النووي، بحسب آمال المستثمرين الذين ضخوا في الآونة الأخيرة 1.8 مليار دولار في شركة "كومنولث فيوجن سيستمز".
الاستثمار في الطاقة المتجددة يرتفع إلى مستوى قياسي في النصف الأول
%10 من مبيعات سيارات الركوب.. كهربائية حالياً
تم تسجيل مبيعات بواقع 395 سيارة كهربائية في كافة أنحاء العالم في الربع الأول من 2010. وفي الربع الماضي، تم بيع 1.7 مليون سيارة، واستأثرت آسيا بما يزيد عن نصفها. أسفر ذك النمو عن زيادة مبيعات المركبات الكهربائية من 0.002% من مبيعات سيارات الركوب، لتصل إلى 10.8% من المبيعات المسجلة عالمياً، وأكثر من تلك النسبة في أوروبا وآسيا.
يعد نمو مبيعات السيارات الكهربائية في الصين بصفة خاصة أمراً استثنائياً، وتمثل السيارات الكهربائية في أكبر سوق للسيارات حول العالم حوالي 20% من مبيعات السيارات بالمقارنة على أساس شهري. ولكي نضع مبيعاتها في سياقها الصحيح: اشترى الأمريكيون 2.2 مليون مركبة كهربائية حتى وقتنا هذا. في المقابل اشترى الصينيون ما يزيد عن ذلك العدد من السيارات الكهربائية منذ فبراير حتى أكتوبر الماضيين من 2021.
"ريفيان" و"أودي" و"بي إم دبليو" تتصدر قائمة أفضل المركبات الكهربائية لعام 2021
تحتوي المركبات الكهربائية على أجزاء متحركة أقل بكثير من نظيراتها ذات محركات الاحتراق الداخلي، وتتطلب خدمة أقل على مدار حياتها، وهو نوع الخدمة الذي يحقق منه التجار وموردو قطع الغيار قدراً كبيراً من إيراداتهم.
دعم الوقود الأحفوري: أكثر من مجرد دعم للوقود
في عام 2015، قدمت دول مجموعة العشرين 706 مليارات دولار دعماً للفحم والنفط والغاز وتوليد الكهرباء باستخدام الوقود الأحفوري. وبعد خمس سنوات، تراجع هذا الرقم، ولكن بقدر طفيف، إلى 636 مليار دولار.
سيتخيل معظم الناس أن الدعم المالي للوقود الأحفوري يأخذ شكل الدعم المباشر لأسعار الطاقة مثل كهرباء وبنزين دون التكلفة الفعلية، وبالتأكيد تقدم دول مجموعة العشرين بعضاً من ذلك، لكنه يشكل فقط حوالي خُمس الـ636 مليار دولار، أما الجزء الأكبر منه فيأتي في صورة دعم للشركات المملوكة للحكومة والتي تنتج وتستهلك الوقود الأحفوري، وهذا الدعم له القدرة على الحفاظ على الأصول والسلوكيات التجارية المرتبطة بها لعقود.
التحدث بلغة الاستدامة
أصدرت البنوك التي تقدم خدمات متنوعة في العام الماضي عدداً من البيانات حول نشاطها في مجال تغير المناخ والاستثمار المستدام، ويخطط عدد قليل منها للتخلص من الانبعاثات في أنشطتها التمويلية بحلول منتصف القرن، ولا يوجد عدد كبير منها - تتبع بلومبرغ 22 بنكاً فقط برسملة سوقية تزيد على 10 مليارات دولار بنهاية العام الماضي - وهي مجموعة مستقرة تماماً.
أيضاً من المهم الاستماع لما تقوله. ففي العام الماضي، ذكر كل بنك من تلك البنوك كلمة "الاستدامة" في تقاريره المرفوعة للجهات التنظيمية وعروضه التقديمية ونصوص مكالمات مناقشات الأرباح مع المستثمرين، كما ذكرت جميعها تقريباً شيئاً عن التغير المناخي.
وذكر هذه المصطلحات، إن لم يكن غير مكلف على الإطلاق، فهو على الأقل ليس مكلفاً بشكل خاص، لكن تحويل هذه الكلمات إلى أفعال خلال العقود القادمة هو الجزء الأصعب بكثير، وأصبح من واجبنا الآن جميعاً - كمؤسسات وسياسيين وصانعي سياسات ومؤتمنين وأفراد - التأكد من أن البنوك الكبرى تنفذ ما وعدت به، ويجب تقييم إستراتيجية الرئيس التنفيذي المعلنة بشأن المناخ في كل اجتماع لمجلس الإدارة، ويجب على المستثمرين المؤسسيين جعل المناخ أحد مجالات استفساراتهم الرئيسية في كل اجتماع للمساهمين، وينبغي توجيه القادة، وأيضاً بنفس قدر الأهمية، توبيخ المتقاعسين.
الحرب على المواهب في مجال الامتثال للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة
في وقت سابق من العام الجاري، سلط تيم كوينسون من "بلومبرغ غرين" الضوء على بحث أجرته تنسي ويلان، الأستاذة في كلية ستيرن للأعمال بجامعة نيويورك، حول عدد أعضاء مجالس إدارات الشركات الذين لديهم خلفية عن الموضوعات البيئية والاجتماعية والحوكمة، وقرأت بحث ويلان مرة أخرى صيف العام الجاري خصيصاً لتعزيز خبرتي البيئية، وكانت البيانات قاتمة جداً، ففي أبريل 2018، كان لدى 5% من أعضاء مجالس الإدارة البالغ عددهم 1200 عضو تقريباً في شركات "فورتشن 100" خبرة في التنوع في مكان العمل، و2.6% لديهم خبرة في الإشراف المحاسبي.
وبالكاد كان لدى 1% منهم أي خبرة في مجال الطاقة أو الحفاظ عليها، وهما الفئتان الأعلى تصنيفاً في دراسة ويلان، و0.3% من أعضاء مجالس إدارة "فورتشن 100" لديهم خبرة في الاستثمارات الممتثلة للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، و0.2% لديهم خبرة بالمناخ.
من المحتمل أن تكتسب مجالس إدارة الشركات بعض الانسجام مع العملاء، وقريباً، وإذا حدث ذلك، فسيكون بمثابة تحول ثقافي لعمالقة الشركات في العالم. ومع ذلك، هذا أمر مهم لأنه من شبه المؤكد أنه سيعني جلب أعضاء مجلس إدارة جدد، ومن المحتمل جداً أن يكونوا أصغر سناً وأكثر خبرة من الناحية الأكاديمية وذوي روح ريادة أعمال أعلى وأكثر خبرة فيما نجح وما لم ينجح في الموجة الأخيرة من تكنولوجيا المناخ في مرحلتها المبكرة، مقارنة بكبار رجال الأعمال أو شبه المتقاعدين أو كبار الشخصيات البارزة الذين تمتلئ بهم قاعات مجالس الإدارة اليوم.
وسيشكل ذلك تحدياً، فمجالس الإدارة لا تتضمن عموماً علماء مناخ يبلغون من العمر 40 عاماً، لأنها لا تشمل عموماً العديد من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 40 عاماً، أو حتى العديد من العلماء في هذا المجال.
التقليل من المدى القصير والمبالغة في تقدير الأجل البعيد
يحب قطاع الطاقة توقعات طويلة الأجل، ولسبب وجيه إذ أن للأصول حياة مالية وتكنولوجية مديدة، ويمكن أن تكلف مليارات الدولارات، ويستغرق بناؤها سنوات أو عقود، وأنا أحب قراءة هذه التوقعات، وكلما كانت أقدم كان ذلك أفضل. التقطت صيف العام الجاري المجلد الأول من كتاب الأمم المتحدة المؤلف من 10 مجلدات لعام 1956، والذي يتضمن وقائع المؤتمر الدولي حول الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، وفي الواقع لم يكن الجانب النووي هو ما يهمني بل رؤية الشكل الذي سيبدو عليه الطلب على الكهرباء في عامي 1975 و2000.
وقللت الأمم المتحدة بشكل طفيف، في كتاباتها قبل أكثر من ستة عقود، من الطلب الفعلي على الكهرباء في عام 1975، وأفرطت في تقدير الطلب بشدة في عام 2000.
وتعد إعادة قراءة الدراسات القديمة مثل هذه بمثابة تمرين على التشكيك في السوابق المعاصرة، وأتردد في التفكير فيما قد تتخيله مجموعة من العلماء والبيروقراطيين في منتصف خمسينات القرن الماضي بشأن الطلب على الكهرباء في عام 2020. لكن التوقعات بأن "الهند ستولد كهرباء أكبر من العالم بأسره اليوم وأن توليد الصين للكهرباء سيتضاعف سبع مرات في نفس الوقت الذي سيكون فيه نمو الطلب العالمي على الكهرباء أقل من نصف حجمه الآن" هي بالتأكيد ليست النوع الذي أود التفكير فيه.
أفضل قراءة لك في 2021
يسعدني أن أقول إن المقال صاحب أكبر عدد قراءات من قبل قراء "غرين دايلي" في عام 2021 كان أيضاً من أكثر المقالات المفضلة لدي، وهو تقييم للهجوم المضحك والمؤلم أحياناً واليقظ دائماً من قبل موقع "ذا صانيون" (The Sunion) الساخر، على أعمال تطوير مشروعات الطاقة المتجددة. نتمنى لكم قراءة سعيدة للجميع!