الأسهم الخضراء بالأسواق الناشئة تجني ثمار التحول العالمي لمواجهة تغير المناخ

تستفيد أسهم الأسواق الناشئة التي تقع في قلب التحول الأخضر بالعالم من إعادة تخصيص رأس المال بعيداً عن الأسواق المنتجة للسلع الأولية التقليدية.

انخفض مؤشر "إم إس سي آي الأسواق الناشئة لأسهم الخامات" الذي يضم أسهم شركات مثل "فال" و"تاتا ستيل"، هذا الشهر إلى أدنى مستوى في 8 أشهر مقارنة مع مؤشر "بلومبرغ للسلع"، إذ عجزت مكاسب السلع عن إعطاء دفعة لأسهم منتجي الصلب وخام الحديد.

وبينما كانت تعاني هذه الشركات، فقد ارتفعت في المقابل أسهم شركات أخرى تركز على مكونات بطاريات الليثيوم، ومطاط السيليكون العضوي والمعادن النادرة – وجميعها تستخدم في التكنولوجيات المستدامة –وحققت مكاسب ثلاثية الأرقام (100% أو أكثر) في الأشهر الستة الماضية.

صناديق الثروة السيادية تكثف تركيزها على الحوكمة البيئية

التحول الأخضر

في حين أن هذا التباين يرجع جزئياً إلى تضييق الصين على القطاعات الصناعية كثيفة استهلاك الطاقة والانبعاثات، فإنه في نفس الوقت يعكس تحولاً في سوق الأسهم نحو تفضيل الأسهم الخضراء. وهذا ما يحدث فعلاً في الولايات المتحدة وأوروبا حيث يتصدر الرهان على أسهم "تسلا".

يقول مديرو الأموال إن حركة تسعى للحاق بهذا الركب تنطلق حالياً في الأسواق الناشئة، حيث تلعب السلع الأولية دوراً يفوق أهميتها في توجيه مخصصات الاستثمار.

قال جون هاريسون، العضو المنتدب للاستراتيجية الكلية للأسواق الناشئة لدى شركة "تي إس لومبارد": "إن الانتقال الأخضر ضخم بالنسبة للأسواق الناشئة. وهناك فرص في اقتصادات الأسواق الناشئة التي تقوم على التصنيع التي ستحاول المشاركة في الطلب على السيارات الكهربائية والألواح الشمسية علاوة على تطوير مصادر وقود أكثر استدامة مثل الهيدروجين الأخضر".

انسوا كلمات اتفاقية جلاسكو للمناخ.. واتبعوا الأموال

قمة جلاسكو

تأتي هذه الخطوات مع تسارع خطى الحكومات التي كانت تتخلف عن جهود خفض انبعاثات غاز الاحتباس الحراري.

وقد شهدت قمة المناخ (كوب 26) للأمم المتحدة هذا الشهر التزام الهند والمملكة العربية السعودية بمستهدفات صفر- الانبعاثات طويلة المدى، بينما دارت المناقشات حول تقليل استخدام الفحم ودعوة البلاد المتقدمة إلى تقديم مزيد من الأموال بهدف تمويل عملية الانتقال إلى اقتصادات نظيفة.

قد ينتهي الأمر بهذا الدفع نحو الالتزام بحماية البيئة في الأسواق الناشئة إلى تحديد توقعات الاستثمار المستقبلية بالنسبة لهذه المجموعة من الأصول بالكامل.

تشكل أسهم الخامات تقريباً خمس قيمة مؤشر "إم إس سي آي للأسواق الناشئة لأسهم آسيا" (MSCI EM ex-Asia Index) وكانت أكبر الأعباء التي أثقلته في الأشهر الستة الماضية.

في المقابل، لا تمثل الخامات إلا قطاعاً أصغر كثيراً في الأسواق المتقدمة، وتشكل نحو 4% فقط في مؤشر يقارن بمؤشر "إم إس سي آي" ولا تستطيع تعطيله عن الصعود.

معظم الشركات التي تُنتج معادن صديقة للبيئة أصغر حجماً من غيرها، ولذا يكون تأثيرها أقل على حركة هذه المؤشرات.

مثلاً شركة "غوانغتشو تينسي ماتيريالز" الصينية، المتخصصة في إنتاج أيون الليثيوم والتي ارتفع سهمها بنسبة 111% مقوماً بالدولار خلال الأشهر الستة الماضية، لا يزيد وزنها على مؤشر الأسواق الناشئة لأسهم الخامات على 0.2%.

فرص استثمارية قوية

تأتي أفضل الفرص في أسهم الأسواق الناشئة من شركات إنتاج السيارات الكهربائية، والطاقة البديلة، والهيدروجين والاستثمارات الخضراء في أفريقيا، وفق ما قاله سايمون كويجانو-إيفانز، كبير الاقتصاديين لدى شركة "جيمكورب كابيتال".

تستثمر شركة "رينرجن" (Renergen) في الطاقة المتجددة في أفريقيا ولديها احتياطات هائلة من الهيليوم – الذي يستخدم في صناعة أشباه الموصلات والألياف الضوئية –وقد ارتفعت مكاسبها بنحو 60%.

في أمريكا اللاتينية، تُعد أسهم شركة الكيمياء والتعدين في شيلي من بين أفضل الأسهم أداءً هذا العام على مؤشر "إم سي إس آي" للشركات الإقليمية.

يعمل حماد إبراهيم، رئيساً للبحوث لدى "صندوق البلاديوم العالمي" في لندن، والذي أسسته شركة التعدين الروسية "إم إم سي نوريلسك نيكل" (MMC Norilsk Nickel).

وقال إبراهيم: "إن اللوائح والنظم الحكومية ومستهدفاتها بشأن التخلص من الكربون والانتقال إلى نظم الطاقة النظيفة تشجع الطلب بمعدلات كبيرة على عدد من المعادن المحددة. ونتوقع أن يستمر تأثير هذه النظم على سوق السلع الأولية فترة من الوقت".