بلومبرغ
اشتهر جيغار شاه بكلماته الصريحة والمباشرة، وذلك أولاً بصفته رائد أعمال في مجال الطاقة النظيفة ساعد على جعل الطاقة الشمسية أمراً أكثر انتشاراً، ثم بصفه مقدم "بودكاست" يتّسم بنزعة لاذعة للنقد كما هو الحال بين رواد عالم الطاقة المتجددة في كثير من الأحيان.
وفي انعكاس لشخصيته المعهودة هذه، بعد أيام من فوز جو بايدن بالرئاسة، سرعان ما أعرب شاه عن شكوكه في قدرة الحكومة على فتح أبواب الاستثمار عن طريق برنامج تمويل التكنولوجيا النظيفة الفيدرالي بشكل فوري.
تعهدات الرئاسة الجديدة
في الواقع، تملك وزارة الطاقة الأمريكية عملية استثمارية غير معروفة بشكل واسع، وهي التي تتم عبر مكتب برامج القروض التابع لها، والذي يُركّز على دعم التقنيات النظيفة المبتكرة في المراحل الأولى من تطويرها التجاري؛ وفي جعبته أكثر من 40 مليار دولار حتى يقوم بإقراضها.
لكن خلال حلقة من الـ"بودكاست" الذي يحمل عنوان "إنرجي غانغ" (Energy Gang)، والذي شارك شاه في استضافته، بدا الرجل متشككاً في قدرة مكتب برامج القروض هذا على تسريع التقنيات منخفضة الكربون. حيث قال شاه إن المكتب "لا يعمل بشكل أساسي".
وفي حدث مثير للانتباه، عينت وزارة الطاقة شاه لإدارة مكتب برامج القروض بعد حوالي أربعة أشهر من ذلك. وفي هذا الصدد يقول شاه: "أنا أنتقدُ المؤسسات أو المفاهيم لأنني أرى أنه يمكن تحسينها. وبالتالي عندما يأتون إليّ بصدق ويقولون: جيغار، نود أن نتحسّن ونقوم بالأمور بشكل أفضل، حينها أُشمّر عن ساعدي وأهبّ للمساعدة".
ما من شكٍ في أن مكتب برامج القروض كان مؤثراً بشكل كبير منذ حوالي عقد من الزمن، حيث ساعد على دفع انتشار الألواح الشمسية والمركبات الكهربائية، إلا أن المكتب لم يتم استخدامه كثيراً بعد ذلك الحين. إلا أن ذلك قد يتغير للمساعدة في تحقيق هدف بايدن المتمثل في إزالة الكربون من الشبكات الكهربائية الأمريكية بحلول عام 2035. بالإضافة إلى ذلك، ونظراً للسلطة الحالية على القروض، يمكن أن يصبح مكتب برامج القروض أداة أكثر أهمية في مكافحة تغير المناخ في حال لم يتمكن الكونغرس من تمرير مشاريع قوانين البنية التحتية التاريخية التي يمكن أن تدعم أموراً مثل احتجاز الكربون وتخزينه.
الجدير بالذكر أن شاه على دراية تامة بتقلبات صناعة التكنولوجيا النظيفة؛ حيث أسّس سابقاً شركة "سن أديسون" (SunEdison) العملاقة في مجال الطاقة الشمسية، والتي أعلنت إفلاسها في عام 2016 (بعد فترة طويلة من مغادرته)، كما شارك في تأسيس شركة "جينيريت" (Generate)، وهي شركة لتمويل الطاقة النظيفة.
وفي هذا الصدد، تحدّث شاه مع "بلومبرغ غرين" حول تعريفه للابتكار. وقد حُرّرت هذه المقابلة وجرى تكثيفها لأغراض الاختصار وضمان الوضوح.
لنبدأ بالأساسيات، ماذا يفعل مكتب برامج القروض التابع لوزارة الطاقة بالضبط؟
هناك تفاصيل دقيقة وأخرى فنّية تتغير باستمرار بالنسبة للمكتب، إلا أن المكتب بشكل أساسي يعدّ جسر وصل مع العمليات المصرفية. وفي الواقع فإن أسواق الديون التجارية ليست متحمسة لإدراج التكنولوجيا الجديدة في دفاترها، لذلك يقوم مكتب برامج القروض بذلك أولاً.
في الحقيقة، قمنا بعمل جيد لدرجة أن الناس لا يتذكرون مدى جودة أدائنا. وعندما نُفكّر في التمويل على نطاق مرافق الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فلم يكن أحد يوافق على تلك القروض في عامي 2010 و2011. ينطبق الشيء نفسه على "تسلا" التي لم تكن تلقى رواجاً حينها.
أزمة الطاقة العالمية هي الأولى في عصر الطاقة النظيفة.. لكنها لن تكون الأخيرة
أما اليوم، فنحن نشهد على دخول شركة بعد أخرى إلى عالم شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في وول ستريت. ولو لم نتدخل في عام 2010 لمساعدة "تسلا" على الاقتراض، لما أصبحت الشركة ما هي عليه الآن.
علاوةً على ذلك، نرى التأثير الذي حدث بسبب التريليون دولار التي قدمناها في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمركبات الكهربائية في السنوات السابقة، وأعتقد أن الناس باتو يعتبرون انتشار التكنولوجيا النظيفة أمراً مفروغاً منه. حيث يقولون: "حسناً، بالطبع فعلوا ذلك، ولكن الأمر كان سيحدث على أية حال". لكن في الواقع، هل كان ذلك سيحدث حقاً على أي حال من دون تدخل البرنامج؟
كنتَ متشككاً بشأن قدرة مكتب برامج القروض على أن يحفز الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة على المدى القريب.
يحتاج مكتب برامج القروض إلى الكثير من الدعم، ليس فقط من الإدارة، وإنما أيضاً من وزارة الخزانة الأمريكية، ومكتب الإدارة والميزانية، وغيرها. كنت أظن في ذلك الوقت أنه لم يكن هناك دعم كاف للتغييرات المطلوبة. إلا أنني كنتُ مخطئاً، حيث كان هناك دعم؛ كما كانت الوزيرة جينيفر غرانهولم، داعمة كبيرة للمكتب منذ تعيينها.
كان أداء المكتب ضعيفاً لفترة طويلة، كيف تعمل على تغيير ذلك؟
كان البرنامج ساكناً إلى حد كبير عندما ننظر إلى مستويات النشاط بعد عام 2011. والآن لدينا حوالي 100 طلب تم تقديمه أو يتم إعداده بنشاط، حيث تبلغ القيمة الإجمالية لهذه الطلبات حوالي 69 مليار دولار أو نحو ذلك. وفي الحقيقة، لدينا قدرة إقراض تبلغ 44 مليار دولار، لذلك فقد عاود البرنامج عمله بنشاط، كما أعتقد أننا سنستمر في تمويل الطلبات الواردة بمتوسط 7 مليارات دولار شهرياً، وهذا على ما أعتقد، سيعني أننا لن نكون في حالة سبات لفترة أطول.
أنت تحاول أيضاً توسيع نطاق رؤية الناس لمكتب برامج القروض، حيث إنه لا يقتصر على تقديم خدماته فقط لرواد الأعمال أو للشركات، وإنما يمكنه أيضاً مساعدة المجتمعات منخفضة الدخل. كيف يتناسب ذلك مع مهمة تمويل الابتكار؟
عندما تنظر إلى تاريخ مكتب برامج القروض، هناك معياران رئيسيان. أحدهما هو خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والآخر هو الابتكار. وقد تم تفسير هذين المعيارين من قبل الإدارات السابقة بطرق أضيق بكثير. وفي الواقع، يتمتع هذا البرنامج بصلاحيات واسعة إلى حد ما.
فضلاً عن ذلك، هناك بعض الأشياء التي يمكن لأموالنا أن تشجعها وتساعد في تمويلها، ومنها على سبيل المثال: الثلاجات، وسخانات المياه، والتدفئة والتهوية وتكييف الهواء. حيث يمكن أن تكون تكاليف التمويل التقليدية لهذه الأجهزة المتصلة بالشبكة باهظة لأصحاب المنازل ذوي الدخل المنخفض والمتوسط. كما نعتقد أن القروض المضمونة بمكتب برامج القروض يمكن أن تساعد الشركات على تقديم تكلفة تمويل ميسورة.
الطاقة الدولية: الوصول لانبعاثات صفرية يتطلّلب قرارات "عنيفة"
لكن سخانات المياه والتدفئة والتهوية وتكييف الهواء والطاقة الشمسية على الأسطح لا تعد أفكاراً مبتكرة في هذه المرحلة. كيف لا تزال هذه الفئات مؤهلة؟
يتمتع مكتب برامج القروض بتفويض واضح للغاية حول الابتكار. ونحن لا نتطلع إلى دعم الطاقة الشمسية على الأسطح وأنظمة التكييف بشكلها التقليدي. حيث إن الابتكار في محطات الطاقة الافتراضية سيعني أنها أجهزة متصلة ويمكن استخدامها كموارد في الشبكة. وذلك شيء جديد. لذلك نقول لصناعة الطاقة الشمسية وصناعة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء: "إذا كنتم ترغبون في استخدام برامجنا وتصنيفها على أنها مبتكرة، فعليكم القيام بأشياء مبتكرة". بعض الأشخاص يريدون ذلك، بينما لا يهتم غيرهم بالأمر، ولا بأس بذلك.
كيف تُديرون موضوع إيصال كل هذه المعلومات للمتقدمين المحتملين؟
إن ما نقوم به بصراحة محير للغاية. لدينا 10 أشخاص جدد في المكتب مسؤولين عن التوعية حول أعمال المكتب، وهم حرفياً يمشون خطوة بخطوة مع الناس خلال هذه العملية، حيث نُجري 400 مكالمة أسبوعياً. وفي الواقع، تلقيتُ مكالمة مؤخراً مع جمعية تعاونية كهربائية ريفية قالت لي: "كنا نحاول منذ أربع سنوات معرفة كيفية جعل أسطول حافلاتنا المدرسية يعتمد على المركبات الكهربائية". وكان جوابي لهم: "يمكننا تمويل ذلك طالما أنه يُخفّض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فيمكننا تمويل ذلك".