بلومبرغ
تستثمر شركة "إكوينور"، وهي شركة نرويجية كبرى للنفط والغاز، مليارات الدولارات في الهيدروجين الأزرق، مراهنة على قدرتها على جعل الوقود أكثر صداقة للبيئة من أي بلد آخر.
تأتي شركة النفط التي تسيطر عليها الدولة ضمن شركات الطاقة التي تعزز خططها بشأن الهيدروجين في مختلف أنحاء أوروبا، حيث يؤدي الضغط المتزايد لمكافحة التغيرات المناخية إلى تحولات هائلة في أنماط الاستثمار.
كما تعتقد "إكوينور" أن وضعها أفضل في السباق لتسويق مثل هذه الصناعة نظراً لانخفاض تسرب غاز الميثان لديها مقارنة بمنافسيها.
الهيدروجين الأزرق
تركز الشركة على الهيدروجين الأزرق الذي يولَّد من الغاز الطبيعي، ووصف بأنه مفتاح تطهير الصناعات، مثل الصلب والأسمنت والطيران.
ومع ذلك، فقد واجه هذا النوع من الهيدروجين انتقادات أيضاً، نظراً لأن إنتاجه يطلق ثاني أكسيد الكربون الذي يجب التقاطه وتخزينه، كما ينبعث غاز الميثان، وهو أحد الغازات الدفيئة الأكثر قوة، من عملية استخراج الغاز ونقله.
يقول هنريك سولغارد أندرسن، نائب رئيس تكنولوجيا خفض الكربون في مقابلة: "نحن نعمل بمعدلات التقاط لثاني أكسيد الكربون تبلغ 95%".
إنه "شرط أساسي" أن تتمتع التكنولوجيا التي تستخدمها "إكوينور" بكفاءة عالية ومعدل التقاط مرتفع لثاني أكسيد الكربون. ويمكن مقارنة ذلك بمعدل أقصاه 90% من التكنولوجيا "القياسية"، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
غاز وفير
تخطط شركة "إكوينور" لاستثمار ما يقرب من 100 مليار كرونة نرويجية (11.7 مليار دولار) في الهيدروجين - يشمل هذا إنفاقها الخاص ومساهمات الشركاء وتمويل الدولة- بحلول عام 2035.
ويمكن للشركة أيضاً الاعتماد على إمدادات وفيرة من الغاز الذي تضخه النرويج بشكل أكثر من أي دولة أخرى في أوروبا الغربية، فضلاً عن أنها تقول إن معدل تسرب الميثان أقل من 0.03%.
وهذا المستوى أقل كثيراً مما تستهدفه مبادرة مناخ النفط والغاز- "إكوينور" عضو فيها- التي تسعى إلى خفض كثافة الميثان الإجمالية الناتجة عن العمليات الأولية إلى أقل من 0.2% بحلول عام 2025.
قال أندرسن: "لا يمكنك بيع الغاز الطبيعي لاستخدامه في الهيدروجين الأزرق إلا إذا كان لديك غاز طبيعي نظيف".
وأضاف: "غني عن القول إن أولئك الذين ليس لديهم مستوى انبعاثات مماثل لذلك، الموجود على الجرف القاري النرويجي سيعانون لبيع الغاز الطبيعي في المستقبل".
صناعة ناشئة
مما لا شك فيه أن الهيدروجين لا يمتلك سوقاً حتى الآن، وأن الأمر سيستغرق وقتاً لبناء قدرة كافية لإحداث تأثير واسع النطاق على الصناعات.
وتوقعت شركة الاستشارات النرويجية "دي إن في جي إل" أوائل هذا العام أن "يظهر الهيدروجين في الساحة على نطاق واسع فقط في أواخر الثلاثينيات. وهذا وقت متأخر للغاية".
في غضون ذلك، تستثمر قطاعات عديدة في عملية التحول نحو الكهرباء، بداية من النقل إلى إنتاج المعادن إلى التدفئة المنزلية. وهذا من شأنه المساعدة في تنويع الاقتصادات بعيداً عن الوقود الأحفوري، لكنه لن يكون كافياً لتحقيق تخفيضات الانبعاثات الضرورية التي تتطلبها اتفاقية باريس للمناخ، بحسب "إكوينور".
تعليقاً على الأمر، يقول أندرسن، إنه "يمكن استخدام الكهرباء في بعض القطاعات، لكن في قطاعات أخرى مثل الصناعة، أو حيث يتطلب الأمر استخداماً مرناً للطاقة، فإن الكهرباء لن تكون كافية".
وأضاف: "هنا يأتي دور الهيدروجين، نظراً لإمكانية إنتاجه بكميات كبيرة على مدى فترة طويلة من الزمن"، مما يجعله "جزءاً من الأدوات التي يمكن استخدامها".
في الواقع، تلعب "إكوينور" دوراً نشطاً في صناعة الهيدروجين في المملكة المتحدة، حيث تعمل على تطوير مشروع (H2H Saltend) وتحويل موقع ضخم لتخزين الغاز من أجل الاحتفاظ بالوقود.
دفعة سياسية
تخطط الشركة للاستحواذ على حصة نسبتها 10% من سوق الهيدروجين العالمي في عام 2035، والتي تترجم إلى حوالي 8 غيغاواط، وفقاً لأندرسن، الذي قال إن التوسع في هذه الصناعة يرجع حالياً إلى دفعة سياسية أكثر منها تكنولوجية.
وأفاد أن "ما نتطلع إليه اليوم كان بإمكاننا فعله قبل 20 عاماً. فقد كانت التكنولوجيا موجودة، لكن السياسة والعقلية المتعلقة بالمناخ لم تكن في صدارة جدول الأعمال كما هو الحال اليوم".
في ظل الدعم الحالي الذي تقدمه حكومات عدة للبحث والتطوير في مجال الهيدروجين، توظف "إكوينور" المزيد لينضموا إلى فريق موظفيها المتخصصين. حيث أصبح لديها حالياً 40 شخصاً يعملون على مجال الهيدروجين الأزرق في قسم الحلول منخفضة الكربون، بعد أن كان عددهم قليلاً قبل 18 شهراً فقط، بحسب أندرسن.
كذلك، تخطط "إكوينور" لتطوير الهيدروجين الأخضر- الذي يولد من المياه والطاقة المتجددة- لكن بوتيرة أبطأ ونطاق أصغر من الهيدروجين الأزرق حتى تكون البنية التحتية راسخة بشكل جيد.
قال أندرسن: "سيكون لدينا هيدروجين أزرق طالما لدينا غاز طبيعي ومتاح لدينا إمكانية تخزين ثاني أكسيد الكربون".
وأشار إلى أن تطوير الصناعة "يمكن أن يشكل قوة دافعة للتنقيب عن المزيد من الغاز في القطاع النرويجي، مما سيمكننا من الحفاظ على صناعة النفط والغاز لفترة زمنية أطول".