بلومبرغ
تخلت اثنتان من أكبر اللاعبين في مجال النفط عن توقعاتهما المستقبلية للطاقة على المدى الطويل، الأسبوع الجاري، وهما شركة الطاقة الفرنسية "توتال إنرجيز" ومنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، وقدمتا رؤى مختلفة تماماً للعالم بعد 25 عاماً من الآن.
وترى رائدة الطاقة الأوروبية مستقبلاً مدفوعاً بالتكنولوجيا والسياسة، أما رؤية المنظمة فتشبه إلى حد كبير الوضع اليوم.
"أوبك": الطلب العالمي على الطاقة سيرتفع 28% حتى عام 2045
الزخم والتمزق
تنظر "توتال إنرجيز" إلى الطلب على كل أنواع الطاقة، وليس فقط النفط، وتطرح قراراً منتشراً حالياً بين مخططي الطاقة في الشركات على المدى الطويل في أوروبا، وهو أن الطاقة المتجددة ستواصل التوسع سريعاً، وسينخفض نمو الطلب على النفط والفحم، وسيستمر الارتفاع في الطلب على الغاز الطبيعي، الذي سيكون مفتاح انتقال الطاقة.
وحتى مع وجود جدول زمني يُقاس بالعقود، فإن التفاصيل مهمة، ودعونا نلقي نظرة فاحصة على سيناريوهين تطرحهما شركة "توتال" لانتقال الطاقة: سيناريو الزخم والآخر اسمه مقلق إلى حد ما وهو "التمزق".
ويقوم سيناريو الزخم، حسبما تشير التوقعات، "على استراتيجيات خفض انبعاثات الكربون إلى الصافي الصفري بحلول 2050 بجانب سير الصين على مسار الوصول إلى محايدة الكربون بحلول 2060"، ويتضمن الأهداف المناخية المعلن عنها والمساهمات الوطنية المحددة من قبل دول أخرى وفقا لاتفاقية باريس للمناخ.
ويتوقع هذا السيناريو، وهو السيناريو الأساسي، ارتفاع درجة الحرارة من 2.2 إلى 2.4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.
أما سيناريو "التمزق" فهو أكثر عدوانية: فهو يتوقع من البلدان أن تحقق الطموحات العالمية لاتفاقية باريس إلى جانب المزيد من الالتزامات الصافية، وتطبيق سياسات عامة قوية، وإحراز تقدم تكنولوجي، ونظام طاقة جديد مبني على نطاق عالمي.
ويخلق سيناريو الزخم أيضاً سقوفاً للطلب المستقبلي على النفط والفحم (الغاز، من ناحية أخرى، يستمر في النمو)، ويتوقع أن تأتي ذروة الطلب على النفط في مرحلة ما من العقد الجاري.
وبموجب سيناريو التمزق، يكون الطلب على النفط في عام 2050 أقل بنسبة 60% مما كان عليه في عام 2019، وبلغ الطلب على الفحم ذروته بالفعل ويستمر الطلب على الغاز في النمو.
منتجو النفط يستمتعون بهدوء ما قبل عاصفة 2022
توقعات "أوبك"
أما "أوبك" فلديها وجهة نظر مختلفة فيما يتعلق بالنفط، وهو أمر ليس بغريب، وحددت أربعة سيناريوهات، واحد منها فقط يطبق المنظور التكنولوجي.
يرى تكتل النفط أن الطلب يرتفع في أحد السيناريوهات، ويستقر في سيناريو آخر، ويبلغ ذروته في ثلاثينيات القرن الحالي في سيناريو ثالث.
التراجع الوحيد عن مستويات عام 2019 لا يوجد إلا في سيناريو واحد هو الأكثر خطورة، حالة السياسة والتكنولوجيا المتسارعة.
تحول الطاقة
ويسمح سيناريو "أوبك" الذي يركز على التحول في مجال الطاقة بسياسات أكثر عدوانية، لكنه لا يوضحها، وإذا بحثنا عن كلمة "صافي صفر" في التوقعات المكونة من 340 صفحة، فستكون النتيجة صفر، ولا تلعب الإنجازات التكنولوجية أي دور في السيناريو، لكنه يتوقع إمكانية اعتماد أسرع للتكنولوجيا الحالية.
ويوحي بحث حديث من معهد الفكر الاقتصادي الجديد في كلية "أوكسفورد مارتن" بأن سيناريو التكنولوجيا الخاص بـ "أوبك" يقلل بشدة من شأن ما قد يحول قطاع النقل، ودقق الباحثون في التكاليف الفعلية والمتوقعة لـ 50 تكنولوجيا مختلفة للطاقة، ووجدوا أن معظم النماذج تبالغ باستمرار في تقدير التكاليف وتقلل من نطاق تطبيق التكنولوجيات المتجددة.
ومن ناحية أخرى، انخفضت تكلفة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات بمعدل 10% تقريباً سنوياً لعدة عقود، وتحتاج تكنولوجيا الطاقة اليوم إلى الاستمرار بهذا المعدل حتى يتغير نظام الطاقة غداً.
وهذا السيناريو يراه باحثو "أكسفورد" ممكناً، ويفترض سيناريو "التحول السريع" الخاص بهم أن "تحافظ تكنولوجيات الطاقة المتجددة والتخزين على معدلات انتشارها الحالية لمدة عقد، لتحل محل الوقود الأحفوري خلال عقدين".
ويتطلب تحقق سيناريو "التحول البطيء" أن تتراجع معدلات نمو التكنولوجيات المتجددة الحالية على الفور، مع استمرار سيطرة الوقود الأحفوري حتى منتصف القرن.
وفي سيناريو "عدم الانتقال"، ينمو كل نوع من أنواع الطاقة بشكل متناسب مع حصته اليوم، ويقول المؤلفون إن هذا هو بالتأكيد سيناريو الحالة الأسوأ.
يبدو سيناريو "عدم الانتقال" شبيها إلى حد كبير بما تتوقعه "أوبك": واليوم، هناك المزيد من الدلائل عليه، لكن هذا ليس ما توحي به الأبحاث بناء على عقود من الملاحظة، وهذا ليس ما تتوقعه شركات مثل "توتال إنرجيز" أيضاً، حتى عندما يتوقع السيناريو القياسي الخاص بها أن يبلغ الطلب على النفط ذروته قريباً، ثم ينخفض بشكل كبير بحلول منتصف القرن.