التغير المناخي يتحول من نقمة إلى نعمة

time reading iconدقائق القراءة - 4
نحو مستقبل صديق للبيئة. - المصدر: بلومبرغ
نحو مستقبل صديق للبيئة. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

أمام تنامي آثار التغير المناخي، الذي يلوح في الأفق، بدأت الأسواق المالية في تبني نهج مستدام، بات فيه التغير المناخي عنصرًا رئيسيًا في أي استراتيجية استثمارية ناجحة، بعد أن اعتدنا لفترة طويلة اعتباره خطرًا ثانويًا.

وليس مستغربًا أنّ يبدأ القطاع المالي أخذ ظاهرة الاحتباس الحراري في عين الاعتبار، عند تقييم مخاطره ومتطلباته للشفافية، بعد تسبُّب الكوارث الطبيعية مؤخرًا مثل حرائق كاليفورنيا وعواصف جنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية في خسائر مادية تُقدّر بمليارات الدولارات، حيث بلغت في عام 2017 وحده 306 مليارات دولار.

وأدّى هلاك المحاصيل، وكسر سلاسل الإمداد، وارتفاع تكاليف التأمين؛ إلى تعزيز إدراك المستثمرين ومجتمع الأعمال بالمخاطر التي تهدد صافي الدخل والنمو الاقتصادي في المستقبل.

مبادرات

حاولتُ مساعدة المستثمرين في استيعاب هذه التهديدات المتنامية وتقديرها أثناء عملي كرئيسة هيئة الأوراق المالية والبورصة، التي قدمت الإرشادات لمساعدة الشركات العامة على البدء في الكشف عن المخاطر المتعلقة بالتغير المناخي.

وواصلت أثناء عملي في القطاع الخاص كنائبة لرئيس "مجلس معايير محاسبة الاستدامة" (Sustainability Accounting Standards Board)، التركيز على هذه المسألة، ما أسهم في إنشاء أول معايير للإبلاغ عن مشاكل الاستدامة، فيما يخص قطاع الصناعة في الولايات المتحدة الأمريكية.

كما أنّني أديرُ فريق العمل المسؤول عن الكشوفات المالية المتعلقة بالمناخ، الذي تم إنشاؤه ضمن مبادرة أطلقها "مجلس الاستقرار المالي" (Financial Stability Board)، و"مارك كارني" (Mark Carney) محافظ بنك إنجلترا (Bank of England)، و"مايكل آر بلومبرغ" (Michael R. Bloomberg) مؤسس ومالك الحصة الكبرى في بلومبرغ إل بي، الشركة الأم لبلومبرغ نيوز- إذ طوّرت هذه المبادرة إطارًا للكشف الاختياري عن المخاطر العالمية للتغير المناخي، الذي أقرّته أكثر من 500 شركة عالمية.

تساعد هذه الجهود وغيرها، الشركات في تحديد المخاطر المناخية المادية، التي تواجهها وإدارتها والكشف عنها، في وقت تتيح فيه هذه البيانات للمستثمرين إمكانية اتخاذ قرارات مستنيرة فيما يخص توزيع رؤوس أموالهم.

مازال أمامنا الكثير

ويذهب حاليًا 12 تريليون دولار من الأصول في الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاستثمار المستدام، ويمثل هذا نحو ربع قيمة الاستثمارات في السوق، وهي زيادة بنسبة 38 بالمئة في غضون عامين فقط، وفي ذلك تقدم ملحوظ، وإن لم يزل أمامنا الكثير لنفعله.

يمكن للجهات المالية والمستثمرين الاستفادة من هذا التحول في تعزيز الاستدامة، إذ تقدم هذه الاستثمارات فائدة مزدوجة، تتمثل في تقليل الانبعاثات وتسريع عملية الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، إضافة إلى جلب الأموال أو ادّخارها.

وفي حين يزداد إدراك الناس للركنين الرئيسين في تحقيق الاستثمار المستدام، وهما تحديد المخاطر والشفافية، لا بد لنا من إيضاح الركن الثالث لهما، وهو الحاجة إلى دفع رأس المال نحو الفرص المستدامة سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.

ولتحقيق هذا الهدف، شكلت المؤسسات المالية الكبرى- بقيادة بلومبرغ- ما يُسمى "التحالف الأمريكي للتمويل المستدام" (U.S. Alliance for Sustainable Finance)، الذي سيوفر أعضاؤه المصادر والخبرات اللازمة لتمويل مبادرات المناخ الحالية وتنظيمها، ليساعدهم بالتالي في جذب المزيد من رأس المال للاستثمار المستدام.

يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تتصدر هذه الجهود، إذا كانت ترغب في أن تظل الدولة الرائدة في مجال الابتكار المالي على مستوى العالم. ويساعد التحالف الجديد الشركات الأمريكية في القيام بذلك عن طريق تمكينها من الاستفادة من مليارات الدولارات لتوفير فرص الاستثمار اللازمة للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، فلطالما كان تقييم المخاطر عاملًا أساسيًا في تحقيق الاستثمار المستدام، وله اليوم أن يؤتي ثماره أخيرًا في هذه المعادلة.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان