بلومبرغ
تواجه جهود أوروبا لدفع المستثمرين للخطوط الأمامية من جبهة مكافحة تغير المناخ عقبة، وهي غموض كيفية التعامل مع 12.4 تريليون يورو (15 تريليون دولار) من الديون الحكومية المركزية، وهي أكبر شريحة في سوق السندات.
سيتعين على شركات إدارة الأصول الكشف في العام المقبل عن مدى استثمار أموالهم في ما يعتبره الاتحاد الأوروبي أنشطة مستدامة بيئياً. لكن القائمة الخضراء لا تتناول الخدمات الحكومية، ما يجعل المنظمين يناقشون ما إذا كانت متطلبات الإفصاح النهائية يجب أن تستبعد السندات السيادية منذ البداية.
تعكس هذه المسألة حجم الدين الحكومي وما إذا كان احتسابه سيشوه صدقية المعايير الخضراء لصندوق ما. كما يثير وضع شركات إدارة الأصول والمستثمرين والحكومات في مواجهة بعضهم البعض تساؤلات حول فعالية إجراء الإفصاح لتوجيه رأس المال نحو المساعدة في تجنب وقوع كارثة بيئية.
قال فيكتور فان هورن، المدير التنفيذي لـمؤسسة "يورسيف" (Eurosif)، التي يدير أعضاؤها حوالي 20 تريليون يورو وترغب باحتساب السندات الحكومية: "هذه مسألة تتعلق بصدقية النظام فيما تحاول أوروبا أن تكون أول منطقة لديها بعض قواعد تمويل مستدامة وسليمة وقوية".
متطلبات جديدة
ستواجه صناديق إدارة الأصول متطلبات إعداد التقارير الجديدة في يوليو، حين تدخل التفاصيل النهائية للائحة الإفصاح عن التمويل المستدام حيز التنفيذ. جرى تصميم لائحة الإفصاح عن التمويل المستدام، وهو التنظيم الأكثر طموحاً من نوعه على مستوى العالم، لإحباط الادعاءات المبالغ فيها المتعلقة بفعل الخير في الصناعة المالية وتوجيه الاستثمارات نحو الشركات التي تلتزم بأهداف اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ. العناصر الرئيسية موجودة بالفعل منذ شهر مارس.
يدعو معهد "سي أف أيه"، الذي يضع المعايير المهنية لصناعة إدارة الأصول، لتضمين جميع الاستثمارات لمنع "الانتقاء والإقصاء". لكن كليمنس هومو، رئيس تنسيق الاستثمار المسؤول والحوكمة في شركة "أيه أكس أيه إنفستمنت مانجرز" (AXA Investment Managers)، يقول إنه إذا لم يتم التعامل مع أحد الأصول الأساسية في قائمة الاتحاد الأوروبي للأنشطة المستدامة، فإن تضمينها "ليس فيه كثير من المنطق" حاله حال تضمين أموال نقدية. أضاف هومو قوله "لا أعتقد أنها تقدم وصفاً دقيقاً للمواءمة الفعلية للأصول المؤهلة".
تقول هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية، المسؤولة عن حماية المستثمرين، إنها تعمل على إيجاد حل وقد تقدم توصية في الأسابيع القليلة المقبلة. ستأتي الموافقة النهائية من مفوضية الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي.
تضليل المستثمرين
قال باتريك كارلسون، خبير لائحة الإفصاح عن التمويل المستدام في هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية، التي استطلعت آراء المشاركين في السوق المالية في وقت سابق من العام: "نريد التأكد من عدم تضليل المستثمرين بشأن المواءمة الفعلية للاستثمارات تحتها".
سيحصل مديرو الأصول على توضيح بشأن قواعد الغسل الأخضر للاتحاد الأوروبي في غضون أسابيع.
تسلط المعضلة الضوء على تعقيد الحزمة الخضراء للاتحاد الأوروبي وسرعة اعتمادها فيما تواجه أوروبا فيضانات وحرائق غير معتادة وتسابق الزمن لوقف تغير المناخ والإيفاء بالتزامها حول الحفاظ على درجات الحرارة العالمية من الارتفاع لمستويات خطيرة.
يقول بعض المستثمرين إن الحكومات ستحتاج في نهاية المطاف أن تُدرج في قائمة الأنشطة المستدامة أو أن تلتزم بشيء مشابه لها، حسب قول ألكسندر ليمان، كبير خبراء الاقتصاد السابق في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وهو الآن زميل غير مقيم في مركز أبحاث "بروغيل" (Bruegel) ومقره في بروكسل.
قال ليمان: "الاستثمار في الأصول السيادية لا يتصف بالحياد الكربوني، وبعضها بدرجة أقل من غيره".
درجة الاخضرار
قال عضو البرلمان الأوروبي باسكال كانفين، الذي يرأس اللجنة البيئية بالبرلمان، إن الوقت الحالي ليس مناسباً لمحاولة تطبيق قائمة الأنشطة المستدامة على الأصول السيادية، حيث إنهم بحاجة لمقياس معياري مختلف عن القطاع الخاص لقياس مدى اخضرارهم.
أوضح كانفين: "إذا بدأت في إقحام مسألة السيادة الآن، فقد تضيع لسنوات... إذاً أنت لا تدفع الأمور إلى الأمام، حيث إنك بحاجة للفصل بين الاثنين لتبدأ بالأصول الخاصة، وبعد ذلك وبمجرد توحيدها، وبمجرد أن تنجح، وبمجرد أن تصبح الوضع الطبيعي الجديد في السوق، ستأتي بالطبع لطرح مسألة الجهات السيادية على الطاولة، لكنها أيضا في وقت مبكر الآن".
في غياب طريقة لقياس السياسات الخضراء للحكومات، هناك سابقة لحذف السندات الحكومية من حسابات كيفية المنتجات الاستثمارية لصناديق إدارة الأصول الخضراء.
أزالت المفوضية الأوروبية الأوراق المالية في الوقت الحالي من قائمة الاستثمارات التي يجب على البنوك وشركات التأمين ومديري الأصول تضمينها عند الإبلاغ عن مدى توافق أعمالهم مع قائمة الأنشطة المستدامة بيئياً، بالتالي تجنب جعل حاملي السندات الحكومية الكبار يشبهون مستثمري الحوكمة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات المتخلفين عن القواعد.
هذا ترك الآن هيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية تتصارع مع ما يجب فعله بالمنتجات التي تبيعها المؤسسات المالية.
قال كارلسون: "نحن على ضفة المنتجات ما نزال نفكر في هذا الأمر... نريد التأكد من أننا نقيس عمليات الإفصاح بشكل مناسب".