بلومبرغ
يخطط أحد المستثمرين الأخلاقيين المخضرمين نحو تجنُّب طرح الحكومة البريطانية لسندات سيادية خضراء.
ترفض "تريودوس لإدارة الاستثمارات" (Triodos Investment Management) التي تعدُّ أحد البنوك الاستثمارية الرائدة في مجال التمويل المستدام على مدار عقود، شراء السندات طويلة الأجل التي سيتمُّ طرحها الأسبوع المقبل، وعلَّقت على ذلك قائلة، إنَّ الإصدار "ليس صديقاً للبيئة بما يكفي". في حين لم تمنع معايير الاستثمار الصارمة التي يطبِّقها مدير الاستثمار الهولندي من الاستثمار في مبيعات السندات الخضراء السيادية الأخرى من أمثال: إيطاليا، وألمانيا، وفرنسا.
قال ويليام دي فريس مدير الأسهم والسندات المؤثرة في "تريودوس" ، في مقابلة: "يعدُّ إطار عمل السندات الخضراء البريطانية الأول الذي نعتبره غير صديق للبيئة، بما يكفي وفقاً لمعاييرنا".
المخاوف
لدى "تريودوس" مخاوف بشأن عائدات السندات المستخدمة في تمويل تكنولوجيا احتجاز الكربون، وما يسمى بالهيدروجين الأزرق، وكلاهما جزء لا يتجزأ من خطة الحكومة البريطانية لخفض الانبعاثات؛ إذ تخطط الدولة لإصدار سندات بقيمة لا تقل عن 15 مليار جنيه إسترليني (21 مليار دولار) هذا العام المالي لتمويل مثل هذه المشاريع.
قال دي فريس: "لدينا مشكلة خطيرة مع ذلك النوع من المشاريع، لأنَّنا لا نعتقد أنَّ مشاريع احتجاز الكربون ستزيد من خفض انبعاثات الكربون في النهاية".
يتدفَّق الاستثمار على احتجاز الكربون، بما في ذلك دفن ثاني أكسيد الكربون في أعماق الأرض، وهو الأمر الذي يشهد جدلاً واسعاً، وعدم تأكيد على جدوى تطبيقه، إذ يقول النشطاء، إنَّه يمكن أن يصبح مصدراً للابتعاد عن المسار الصحيح للحدِّ من الانبعاثات.
في الوقت نفسه، يحتاج الحصول على الهيدروجين الأزرق من الغاز الطبيعي استخدام ثاني أكسيد الكربون، في حين يمكن إنتاج الهيدروجين الأخضر من مصادر متجدِّدة من خلال الماء.
وبحسب العرض التقديمي الذي تمَّ تقديمه للمستثمرين في وقت سابق من هذا الشهر، يمكن للسندات الخضراء تمويل الهيدروجين الأخضر والأزرق أيضاً، مما يمثِّل حافزاً لتلك الصناعة في بريطانيا مع سعي شركات النفط للحصول على الهيدروجين الأزرق، مثل: "رويال داتش شل"، و"بي بي"، وهما تمثِّلان ركائز أساسية ضمن الشركات المدرَجة في مؤشر "فوتسي 100".
تنامي الشكوك
يتضاءل الإقبال على ذلك النوع من التمويل في بريطانيا؛ نظراً لكونها حديثة العهد بسوق السندات الخضراء، في الوقت الذي طرحت فيه معظم دول أوروبا الغربية، بما في ذلك إيرلندا، وإسبانيا، وبلجيكا ذلك النوع من السندات وسط طفرة كبيرة يبدو أنَّها ستؤدي إلى رفع قيمة إصدارات السندات العالمية إلى تريليون دولار هذا العام.
رحب العديد من المستثمرين المعروف عنهم الامتثال للقواعد الأخلاقية في استثماراتهم بإطار عمل السندات الخضراء، وأشادوا بمتطلَّبات إعداد التقارير حول الفوائد الاجتماعية للمشاريع الخضراء. كما أعرب فريس عن تقديره للدور الاجتماعي للعوائد، وأعرب عن أمله في أن يتبنَّى المصدرون الآخرون آليات مماثلة.
وبرغم ذلك تبقى هناك مشكلة بالنسبة لشركة "تريودوس" التي تعود جذورها في الاستثمار المستدام إلى عام 1968، و تتعلَّق باستخدام العائدات، ولا يمكن التغلُّب عليها.
تعدُّ "تريودوس" امتداداً لنوع متنامٍ من مستثمري التمويل المستدام المتخصصين، الذين أصبحوا أكثر نشاطاً، والذين يرفضون الأصول التي تنتشر حول العالم، وتستقطب صناديق الاستثمار في الاستثمارات التي تطبِّق معايير حماية البيئة، والمسؤولية الاجتماعية، والحوكمة، وفقاً للبيانات التي يتمُّ تقديمها، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى انقسامات حول ما يمكن اعتباره من الاستثمارات الصديقة للبيئة، ويزيد مخاطر تمويل بعض البنوك لها.
قال دي فريس: "كانت لدينا شكوك، وأسئلة مع أطر أخرى للسندات الخضراء، مثل الإطار البلجيكي، ولكن بعد التشاور معهم؛ قررنا المضي قدماً برغم تشككنا. ولكنَّ تخصيص بريطانيا العوائد من أجل تمويل حلول احتجاز الكربون، يجعل ذلك غير ممكن".