
الشرق
استفادت المشاريع الضخمة الجاري تنفيذها في السعودية والإمارات من دعم الكيانات التابعة لحكومتي البلدين من عدة أوجه، تمثلت في الحصول على التمويلات اللازمة، والتدخل الحكومي للدعم عند الحاجة، وعقود طويلة الأجل لشراء إنتاج المشاريع، إضافةً إلى ارتفاع تصنيفها الائتماني ما زاد من جاذبيتها الاستثمارية، بحسب تقرير حديث صادر عن "إس آند بي غلوبال".
أشار التقرير إلى أن السعودية والإمارات شهدتا تحولاً كبيراً في طريقة تمويل المشاريع الكبرى، حيث لعبت الكيانات المرتبطة بالحكومة دوراً حاسماً في دعم وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية الطموحة. وتابع أن هذه الكيانات، التي تشمل شركات مملوكة للدولة أو مدعومة منها، أصبحت الذراع التنفيذية الرئيسية للحكومتين لمشاريع في قطاعات مثل البنية التحتية، والطاقة المتجددة، والمرافق العامة.
أطلقت السعودية مشاريع عقارية وبنية تحتية بقيمة 1.3 تريليون دولار خلال الأعوام الثمانية الماضية، كجزء من خطتها لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط وجعل المملكة وجهة أكثر جذباً للعيش والعمل والسياحة.
الطاقة المتجددة في السعودية والإمارات
تُعد مشاريع الطاقة المتجددة مثل مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومحطات إنتاج الهيدروجين، من المكونات الأساسية للاستراتيجيات الوطنية مثل "رؤية السعودية 2030" واستراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050. وفي الوقت نفسه، تشهد الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية، بما في ذلك مراكز البيانات وأنظمة الذكاء الاصطناعي، نمواً سريعاً. وساهمت صناديق الثروة السيادية بدور حيوي في هذه المشاريع، من خلال توجيه رؤوس أموال ضخمة إلى هذه القطاعات الناشئة لدعم التنويع الاقتصادي.
ومع سعي السعودية والإمارات إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، اعتمدت الحكومتان على نماذج تمويل مبتكرة، مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتمويل طويل الأجل، وفق "إس آند بي غلوبال" التي أشارت إلى أن هذه الاستراتيجيات مكّنت من تنفيذ المشاريع الكبرى دون إثقال الميزانية العامة، مع ضمان استمرار الدعم الحكومي عند الحاجة.
كان صندوق الثروة السيادي السعودي، صندوق الاستثمارات العامة، المكلف بقيادة تنفيذ رؤية 2030، أطلق "منصة القطاع الخاص" التي تُعد بوابة لشركات القطاع الخاص لبناء الشراكات مع الصندوق وشركات محفظته في القطاعات الاستراتيجية بالمملكة، وقد تم تسجيل أكثر من 2000 مستثمر في المنصة منذ إطلاقها عام 2023، بحسب بيان صادر عن الصندوق الشهر الماضي.
بحسب تقرير "إس آند بي"، فإن هذه المشاريع استفادت من الدعم الحكومي الاستثنائي الكافي وفي الوقت المناسب في حال تعرضها لأزمات مالية؛ ما أدى إلى تعزيز تصنيفاتها الائتمانية. على سبيل المثال، حصلت شركة "سويحان للطاقة" الشمسية الكهروضوئية الإماراتية وشركة "الرويس للطاقة" في أبوظبي وشركة "خطوط أنابيب أبوظبي" على تصنيفات مرتفعة بسبب الضمانات الحكومية والتزام الحكومة بتقديم الدعم عند الحاجة.
أدوات دعم المشاريع
أوضح التقرير أن السعودية والإمارات اعتمدتا على الكيانات المرتبطة بهما في تنفيذ المشاريع الكبرى عبر عدة أدوات، أولها تقديم الضمانات المالية للشركات المنفذة، ما منحها ضمان التمويل والاستقرار المالي، وجعل المشاريع أكثر جاذبية للمستثمرين والبنوك.
كذلك، قدمت الكيانات الحكومية اتفاقيات شراء طويلة الأجل، فمثلاً تم إبرام عقود طويلة لشراء الكهرباء والمياه من المشاريع الجاري تنفيذها، ما وفر مصدر دخل ثابت للمطورين وساهم في خفض المخاطر الاستثمارية، وفق التقرير.
وأضاف التقرير أن الأداة الثالثة التي اعتمدتها الحكومة في البلدين كانت تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، فقد أتاحت الأطر التنظيمية التي وضعها المنظمون الفرصة أمام القطاع الخاص للمشاركة في المشاريع الكبرى دون القلق من التحديات المالية أو القانونية.
مشاريع كبرى مدعومة حكومياً
في السعودية، لعب صندوق الاستثمارات العامة دوراً محورياً في مشاريع الطاقة المتجددة، لا سيما من خلال شراكته مع "أكوا باور"، حيث يستهدف من خلال هذه الشراكة تطوير 70% من مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة بحلول 2030، وتوليد 130 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول نهاية العقد.
باتت الطاقة المتجددة قطاعاً محورياً ضمن جهود تنويع الاقتصاد في السعودية، وواحداً من القطاعات التي تعزز مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي للمملكة، حسبما أفاد تقرير للشركة الاستشارية "بي دبليو سي" (PWC) في نوفمبر الماضي.
وفي قطاع المرافق العامة، تقود "الشركة السعودية لشراء الطاقة" (SPPC) و"الشركة السعودية لشراكات المياه" (SWPC) مشاريع هذا القطاع في المملكة.
أما في الإمارات، فقد برزت شركة "مياه وكهرباء الإمارات" كشريك رئيسي في مشاريع الطاقة المتجددة، بالتعاون مع شركة "مصدر". وشملت المشاريع مشروع سويحان للطاقة الشمسية الكهروضوئية الذي تم إطلاقه في 2019، ومحطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية في 2023، ويُعتبران من أكبر محطات الطاقة الكهروضوئية لمرفق في موقع واحد على مستوى العالم.