
بلومبرغ
يعد رئيس مجلس إدارة نادي "توتنهام هوتسبير" (Tottenham Hotspur)، دانييل ليفي، صاحب أطول مدة خدمة في المنصب على مستوى الدوري الإنجليزي الممتاز، ويمكن القول إنه أحد أنجح المُلاك فيه. وتحت إدارته بنى "توتنهام" ملعباً على أحدث طراز في لندن، وأصبح النادي أحد أشد الأصول جذباً على مستوى الرياضة، رغم قلة الانتصارات التي يحققها على أرض الملعب.
رغم ذلك، فإن الرجل الذي جعل من النادي هدفاً جذاباً للاستحواذ هو نفسه سبب عدم وجود مشترٍ حتى الآن، بحسب أشخاص مطلعين على المفاوضات حول صفقة بيع محتملة.
على مدى الثمانية عشر شهراً الماضية، بدأ مستثمرون، من بينهم مليارديرات أميركيون وصناديق ملكية خاصة، محادثات لشراء حصة في النادي بهدف الاستحواذ الكامل. لكن المفاوضات انهارت نتيجة السعر المرتفع الذي يطلبه ليفي، ورغبته في الاستمرار في النادي، إما بصفته أحد كبار المستثمرين أو مسؤولاً عن القرارات الرياضية بموجب عقد مربح، وفق المطلعين.
"توتنهام" يبحث عن مستثمر
تتزايد أسعار الأصول الرياضية البارزة باستمرار، حيث تقترب تقييمات كبرى علامات الامتياز التجارية الأميركية من 10 مليارات دولار، ما يدفع المستثمرين إلى السعي لامتلاك حصة أقلية في البداية.
في غضون ذلك، يعتبر "توتنهام" الاستثمارات الجديدة ضرورة حاسمة إذا أراد المنافسة على أعلى مستوى، وعيّن شركة "روتشيلد" (Rothschild) للبحث عن ممولين محتملين ودراسة الخيارات الأخرى، ومنها التمويل عبر الائتمان الخاص.
قالت كريستينا فيليبو، الأستاذ المساعد للتمويل الرياضي في جامعة بورتسموث، إن النادي مستقر مالياً ويجذب المستثمرين.
كما حددت شركة البيانات "فوتبول بنشمارك" (Football Benchmark) تقييم "توتنهام" عند نحو 3.5 مليار يورو (3.67 مليار دولار)، وأشارت في تقرير حديث إلى أن النادي يملك إحدى أدنى نسب تكلفة العمالة إلى الإيرادات التشغيلية بين أكبر الأندية الأوروبية.
وأضافت فيليبو أن "النادي يتمتع بعوامل جذب كبيرة. فالمستثمرون يدفعون مبالغ طائلة لشراء أندية مفلسة في الأساس، بينما يعد (توتنهام) أصلاً قوياً جداً من الناحية المالية، كما أن مقره في لندن".
رفض النادي التعليق على أي مفاوضات حول البيع. جدير بالذكر أن منصب ليفي في المستقبل لا يمثل عاملاً أساسياً في أي من المحادثات عن الصفقة، بحسب شخص مطلع على الوضع.
أوضح ليفي، في مقابلة مع "بلومبرغ" في 2023، أن "توتنهام" منفتح على بيع حصة في نادي توتنهام. كما أشار إلى أنه ملزم بدراسة أي عرض يُقدم، وأن ليس لديه "أي رغبة حقيقية" في مغادرة النادي.
قطر لا تريد "توتنهام" الآن
فشلت محاولات الاستحواذ على حصص المساهمين الآخرين في "توتنهام" أيضاً، بحسب المطلعين على الوضع الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم ليتسنى لهم مناقشة معلومات سرية.
ورغم معاناة "توتنهام" في هذا الموسم من الدوري، ومطالبة بعض المشجعين برحيل ليفي، إلا أنه ما يزال صانع القرار الرئيسي في النادي منذ أكثر من عقد، ويُرجح أن يستمر في إدارة النشاط بعد بيع حصة أقلية.
تضم قائمة مقدمي العروض المحتملين أماندا ستافيلي، التي استقالت من مجلس إدارة نادي "نيو كاسل يونايتد"، إذ تبحث عن الاستثمار التالي في كرة القدم، وتعد أسهم "توتنهام" من بين الأهداف المحتملة، بحسب ما كشفته "بلومبرغ" في وقت سابق.
وأجرى رئيس مجلس إدارة شركة "قطر للاستثمارات الرياضية" ناصر الخليفي محادثات مع ليفي في 2023 حول صفقة شراء محتملة لحصة في النادي. كما سبق أن أجرى "جهاز قطر للاستثمار"، صندوق الثروة الرئيسي للدولة، محادثات أيضاً مع النادي، غير أن المستثمرين القطريين لم يعودوا مهتمين بإبرام صفقة في الفترة الحالية، وفق أشخاص مطلعين على الوضع.
وضع "توتنهام" المالي
تملك "إي إن آي سي سبورتس" (ENIC Sports) %87 من أسهم "توتنهام"، فيما تملك عائلة رجل الأعمال الملياردير جو لويس أكثر قليلاً من 70% من أسهم الشركة وبقيتها مملوكة لليفي- الذي بنى ثروته من الاستثمار والتطوير العقاري- وعائلته.
أجرى المستثمرون مفاوضات مع ممثلي عائلة لويس، مع ذلك، فشلت المحادثات باستمرار بسبب الغموض حول من سيتولى إدارة النادي بعد إبرام أي صفقة، وصعوبات في تحديد هيكل ملكية النادي، بحسب المطلعين على المحادثات.
اشترى لويس- الذي تبلغ ثروته 7.7 مليار يورو، وفق مؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات- حصة في "توتنهام" من المستثمر البريطاني آلان شوغار مقابل 22 مليون جنيه إسترليني في عام 2000. وبمساعدة ليفي، حوّل النادي إلى قصة نجاح مالي، وأصبح "توتنهام" أصلاً بارزاً في مجموعة "تافيستوك غروب" (Tavistock Group)، التي أسسها لويس، والتي تملك أيضاً فنادق فاخرة، ومطاعم فخمة في الولايات المتحدة.
نقل لويس في عام 2022 ملكية حصة الأغلبية التي يملكها في النادي الذي يشجعه من طفولته إلى صندوق ائتمان تقديري، ثم عيّن جوش، ابن ليفي، رئيساً تنفيذيا مشاركاً لـ"تافيستوك". ويتولى ابنا لويس، فيفيان وتشارلز، منصبي مديرين إداريين في المجموعة.
على صعيد منفصل، صدر في حق لويس- 88 عاماً- حكم بالوضع تحت المراقبة لمدة 3 سنوات، وفُرضت عليه غرامة قدرها 5 ملايين دولار، بعد إقراره بالذنب في تهم احتيال في يناير 2024.
طلب متحدث باسم "تافيستوك" توجيه أي طلبات للتعليق إلى المتحدث باسم "توتنهام".
لماذا صفقة "توتنهام" مهمة؟
هناك عدة عوامل ساعدت في أن يصبح "توتنهام" أحد أكبر الأندية تحقيقاً للإيرادات في أوروبا، منها استضافة ملعبه- الذي تكلف 1.2 مليار جنيه إسترليني وسعته 62850 مقعداً- حالياً مباريات الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية (NFL) وحفلات موسيقية. لكن ما يخيب آمال مشجعي النادي أنه لم يفز حتى الآن بلقب الدوري، الذي يعد النصر الحاسم في كرة القدم الإنجليزية، منذ 1961، أو حتى أي لقب خلال الستة عشر عاماً الماضية.
سيستضيف "توتنهام" نادي "مانشستر سيتي" حامل لقب الدوري في مباراة بين الفريقين مساء الأربعاء، ويحل في المركز الثالث عشر في ترتيب أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، ويبدو تأهله إلى البطولات الأوروبية المربحة مستبعداً، ما لم يتمكن من الفوز ببطولة الدوري الأوروبي، حيث تأهل إلى دور الـ16.
بينما يتمتع "توتنهام" بقوة مالية واسعة النطاق، إلا أنه تكبد خسائر خلال السنوات الأربع الماضية رغم ارتفاع الإيرادات منذ جائحة كورونا. ففي أحدث القوائم المالية، سجل النادي خسائر قدرها 95 مليون جنيه إسترليني من إيرادات بلغت 550 مليون جنيه إسترليني. فضلاً عن ذلك، استثمرت "إي إن آي سي" 150 مليون جنيه إسترليني أخرى في النادي في 2022.
لفتت فيليبو إلى أن "في حالة الاستثمار في نادٍ لكرة القدم، يستبعد تحقيق أرباح من أنشطة كرة القدم وحدها".
واختتمت: "لكن (توتنهام) يُدار بشكل جيد مقارنة بالعديد من الأندية الأخرى، ولديه كثير من الإمكانيات".