شركات محاماة عالمية تتسابق للاستفادة من طفرة صفقات بعشرات المليارات في الخليج

المحامون المخضرمون يجنون في الخليج أكثر من ألف دولار في الساعة

time reading iconدقائق القراءة - 8
أفق إمارة أبوظبي من سوق أبوظبي العالمي (ADGM) في أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة - المصدر: بلومبرغ
أفق إمارة أبوظبي من سوق أبوظبي العالمي (ADGM) في أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تعزز شركات المحاماة الكبرى في نيويورك ولندن وشيكاغو من وجودها في الخليج سعياً وراء الأرباح في منطقة أعلنت صفقات بأكثر من 150 مليار دولار هذا العام.

يحصل المحامون على عقود كبيرة من شركتي "أرامكو السعودية" و"بترول أبوظبي الوطنية" (أدنوك) العملاقتين، اللتين فصلتا بعض الأنشطة ودخلتا أسواق الدين. تبرز "أدنوك" كواحدة من أنشط الشركات في العالم من حيث إبرام الصفقات في قطاع الطاقة، من خلال سعيها للاستحواذ على "كوفيسترو" الألمانية في صفقة بقيمة 13 مليار دولار.

كما دخلت صناديق للثروة السيادية يتجاوز حجمها 3 تريليونات دولار في موجة شراء، وجمعت فورة اكتتابات بالمنطقة حوالي 12 مليار دولار، وكل هذه عوامل أدت إلى طفرة في الطلب على الاستشارات القانونية.

ازدهار إبرام الصفقات من المرجح أن يستمر؛ إذ تعزز الحكومات الغنية بالنفط من الرياض إلى أبوظبي إنفاقها لتطوير اقتصاداتها وتعزيز مكانتها الدولية، وهو ما شجع شركات أميركية وبريطانية كبرى مثل "كيركلاند آند إليس" (Kirkland & Ellis) و"لينكليترز" (Linklaters LLP) على التوسع في المنطقة.

المحامي الإماراتي عصام التميمي، مؤسس مكتب "التميمي وشركاه"، يرى أن دخول الشركات الأجنبية وتطوير الاقتصادات الإقليمية "مؤشر صحي". وقال إن المنافسة المتزايدة تدفع الشركات المحلية والدولية لاستقطاب الكفاءات إذ "تحتاج إلى محامٍ جيد للتعامل مع المستثمر الأجنبي".

أتعاب تضاهي نيويورك ولندن

الطفرة التي تشهدها المنطقة أتاحت لمحامين كبار يعملون على صفقات عالمية تشارك فيها شركات خليجية المطالبة بأتعاب قريبة مما يتقاضونه في نيويورك ولندن، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر، مضيفين أن المحامين ذوي الباع يمكنهم الآن بسهولة جني أكثر من ألف دولار في الساعة بالمنطقة، وإن كان آخرون ربما يتقاضون أتعاباً أقل.

وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ"، حجم الصفقات التي شاركت فيها مؤسسات خليجية البالغ 150 مليار دولار في 2024 يمثل زيادة بنسبة 62% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

الإنفاق الضخم في المنطقة استقطب عمالقة آخرين في قطاع الخدمات المالية، من المصرفيين إلى مقدمي الخدمات الاستشارية. لكن الوضع بالنسبة لشركات المحاماة يمثل تحولاً كبيراً مقارنةً مع أوقات سابقة عندما كانت تركز في الغالب على تقديم المشورة لشركات الطاقة في اتفاقيات الامتياز التي منحت منتجي النفط الدوليين حقوق الإنتاج.

أما في الوقت الحالي، فشركات المحاماة تنقل موظفيها الأكفاء إلى الشرق الأوسط، في حين تؤسس شركات أخرى مكاتب جديدة في الرياض وأبوظبي.

منطقة الخليج لها جاذبية خاصة فيما يبدو في ظل تباطؤ نشاط إبرام الصفقات في المملكة المتحدة. قالت "لينكليترز" في بيان إنها قدمت المشورة لشركة الكيماويات الألمانية "كوفيسترو" بشأن عرض الاستحواذ المقدم من "أدنوك"، كما أعلنت الشهر الماضي توسعة نشاطها لخدمة صناديق الاستثمار العالمية في الشرق الأوسط، ونقلت محامياً كبيراً إلى المنطقة لقيادة هذا النشاط. 

شركات الدائرة السحرية

لطالما اعتُبر الشرق الأوسط تاريخياً منطقة نفوذ لما يُطلق عليها شركات "الدائرة السحرية" في المملكة المتحدة، التي تضم أبرز مكاتب المحاماة هناك. والآن تتدافع الشركات الأميركية هي الأخرى على المنطقة وتتزايد المنافسة كما يحدث في المراكز المالية الأخرى.

أسست "كيركلاند آند إليس" مكتباً في السعودية للتركيز على الصفقات المالية، وتدفق استثمارات الملكية الخاصة الداخلة إلى السوق والخارجة منها. قال كامران باجوا، المدير الشريك بمكتب الشركة في الرياض إن "الحكومة تعمل بجد لدعم القطاع الخاص، وتوجّه الإنفاق لإطلاق صناعات جديدة".

في الوقت نفسه، يتمركز الرئيس المشارك للجنة التنفيذية ومجلس إدارة الشركة القانونية العالمية "إيه آند أو شيرمان" (A&O Shearman) في أبوظبي. كما أضافت شركة "سيدلي أوستن" (Sidley Austin) محامين كباراً متخصصين في العمل مع الشركات الخليجية لدعم أعمالها بالمنطقة.

كان العمل في منطقة الخليج مختلفاً تماماً قبل عقد من الزمن. ففي ذلك الوقت، كانت "أدنوك" تمنح حقوقاً لمدة 40 عاماً لأكبر حقولها البرية مقابل دفعات مقدمة قدّرت قيمة المشروع بنحو 22 مليار دولار. لكن مثل هذه الصفقات أصبحت أقل شيوعاً مع تأمين الموارد بالفعل.

الاستعانة بدائرة أوسع من القانونيين 

بدلاً من ذلك، تعمل شركات النفط الوطنية على إعادة هيكلة أعمالها من خلال بيع الأصول، أو فصل الوحدات أو تحقيق دخل من البنية التحتية. وغالباً ما تلجأ هذه الشركات إلى قائمة أوسع من المستشارين القانونيين لتحقيق ذلك.

على سبيل المثال، وسّعت "أدنوك" علاقاتها القانونية إلى ما يتجاوز شراكتها طويلة الأمد مع "شيرمان آند سترلينغ"، وهي إحدى الشركات التي أصبحت الآن جزءاً من الكيان القانوني العالمي "إيه آند أو شيرمان"، وفقاً لمطلعين. رغم أن شركة الطاقة العملاقة لا تزال تعمل مع "إيه آند أو شيرمان"، فإنها جذبت شركات أخرى، وبعض وحداتها تعتمد على لجان تضم حوالي ست شركات قانونية للاختيار من بينها، بحسب المطلعين. قال متحدث باسم "أدنوك" إنها تستخدم مجموعة متنوعة من الخدمات القانونية.

قال كريس غونسون، محامٍ مختص في قطاع النفط والغاز لدى شركة "أميريلر" (Amereller) ومقره في دبي: "الاتجاه التقليدي في صناعة النفط تركز في اعتماد الشركات على شركة قانونية واحدة رئيسية. هذا الأمر يتغير الآن".

تُعتبر شركة "وايت آند كيس" (White & Case LLP) إحدى الركائز الأساسية في الخليج؛ حيث تمتلك فريقاً كبيراً من المحامين الذين يتعاملون مع "أرامكو"، وفقاً لأشخاص مطلعين. حاولت شركات منافسة في كثير من الأحيان استقطاب فرق من "وايت آند كيس" في محاولة للحصول على حساب "أرامكو"، لكنها لم تنجح حتى الآن، وفقاً للمطلعين أنفسهم. رفضت كل من "وايت آند كيس" و"أرامكو" التعليق على الأمر.

مع ذلك، في ظل تداول النفط عند مستويات أدنى مما تحتاجه دول الخليج لتحقيق توازن في ميزانياتها، بدأ الإنفاق في المنطقة يشهد تشديداً. ويزيد التنافس المتصاعد، إلى جانب احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي، من الضغوط على أرباح شركات المحاماة.

أشار أشخاص مطلعون إلى أن العملاء يضغطون بالفعل على الشركات القانونية لخفض الرسوم. ومع ذلك، لا يزال المحامون واثقين من استمرار نمو أعمالهم حتى في حال حدوث تباطؤ. زادت العقوبات المشددة على إيران وروسيا من الحاجة إلى الامتثال القانوني. وستظل الكيانات الخليجية المملوكة للدولة بحاجة إلى مشورة قانونية حتى في الحالات التي تتعثر فيها الصفقات، إذ تعتمد الشركات على خدمات إعادة الهيكلة وتسوية النزاعات.

مع تزايد تعقيد الصناعة، تبحث الشركات عن مكاتب قانونية "متخصصة بشكل أكبر في مجالات معينة"، بحسب غونسون.

تصنيفات

قصص قد تهمك