بلومبرغ
بلغ الاستثمار المباشر للشركات الألمانية في الصين مستويات قياسية عند 12 مليار يورو تقريباً (13 مليار دولار) السنة الماضية، ما يدل على حرصها على التوسع في ثاني أكبر اقتصاد حول العالم حتى في الوقت الذي يكثف الاتحاد الأوروبي فيه عمليات التدقيق في هذه الاستثمارات بسبب مخاوف أمنية.
زاد الاستثمار في الصين كحصة من إجمالي الاستثمار المباشر الألماني الخارجي إلى 10.3% السنة الماضية، في أعلى مستوى منذ 2014، بحسب تقرير معهد الاقتصاد الألماني استناداً لبيانات البنك المركزي الألماني. تم تمويل الاستثمار من الأرباح التي تحتفظ بها الشركات التي تسيطر عليها ألمانيا في البر الرئيسي للصين وهونغ كونغ.
تشديد الرقابة
نشرت ألمانيا خلال يوليو الماضي استراتيجية تتعلق بالصين، دعت فيها الحكومة أكبر الشركات في البلاد إلى الحد من اعتمادها على بكين، وتبني سياسات أقوى لمواجهة المخاطر المرتبطة بالاستثمار الخارجي.
كما تحرك الاتحاد الأوروبي لتشديد الرقابة على الاستثمار الأجنبي المباشر في ظل مخاوف إزاء نقل التكنولوجيا ذات التطبيقات العسكرية، وهو ما أثار انتقادات من قبل بكين.
رئيس مرسيدس ينتقد التضييق على الصين بصناعة السيارات الكهربائية
تكشف أحدث بيانات الاستثمار أنه لا يوجد اتجاه لتنويع الاستثمارات بعيداً عن الصين، بحسب التقرير. وأظهرت أن هناك بيانات غير رسمية تشير إلى أن صعود الاستثمار مدفوع بشركات كبيرة.
قال مؤلف التقرير يورغن ماثيس: "ما زالت الشركات الألمانية الكبرى تعتبر الصين سوقاً كبيرة ومتنامية بما تتمتع به مع قاعدة عملاء هائلة".
أضاف أن الشركات تخطط في كثير من الأحيان لإقامة المزيد من أنشطتها التجارية في الصين للتحوط ضد المخاطر الناجمة عن التوترات التجارية العالمية المتفاقمة.
أظهر استطلاع رأي نشرته غرف التجارة الألمانية في الصين الكبرى الشهر الماضي أن 73% من الشركات الكبيرة العاملة في الصين تعتزم زيادة الاستثمار خلال السنتين المقبلتين، بالمقارنة مع 50% بين الشركات الصغيرة.
ضغوط أميركية
تعمل المفوضية الأوروبية على فرض سياسة التدقيق في الاستثمار الخارجي، والتي تشبه جهود الولايات المتحدة للسيطرة على استثمارات الشركات في الصين. لكن في ظل معارضة الدول الأعضاء، صدرت منشورات الشهر الماضي تضمنت مقترحات محدودة أكثر مما كان مخططاً له في بداية الأمر.
رئيس مجلس الدولة الصيني: الحواجز الاقتصادية ستقود إلى صدام
أضاف "ماثيس" أنه بسبب الضغط الأميركي على أوروبا لمواكبة ضوابطها الخاصة، تقتضي مصالح دول الاتحاد الأوروبي وضع حل أوروبي، بدلاً من إجبارها على اتباع النموذج الأميركي.
يستند تحليل معهد الاقتصاد الألماني إلى بيانات ميزان المدفوعات، وبالتالي لا يميز بين الاستثمار الجديد الذي يتضمن بناء منشآت جديدة في الصين أو شراء شركات ألمانية لأصول مالية صينية.
كشف التقرير أيضاً أن فئات الاستثمار الأجنبي المباشر على غرار القروض بين الشركات وضخ الشركات الألمانية للسيولة المالية في الصين آخذة بالانحسار.
خضع الاستثمار الخارجي في بعض مناطق الصين لعمليات تدقيق من قبل جماعات النشطاء الذين يستهدفونها لأسباب أخلاقية. ذكرت شركة "فولكس واجن" الأسبوع الجاري أنها بصدد مراجعة الأنشطة بمنطقة شينجيانغ غرب البلاد إثر مزاعم جديدة بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان في أحد المشروعات هناك. بينت شركة الكيماويات "باسف" (BASF) الشهر الجاري أنها تسرع من عملية سحب الاستثمارات من المنطقة نتيجة مزاعم منفصلة متعلقة بالعمل القسري. وتنفي الصين حدوث انتهاكات بهذه المنطقة.
استثمار الأرباح
في تقرير منفصل نُشر الأسبوع الجاري، نوهت شركة " روديوم غروب " (Rhodium Group) التي يقع مقرها في الولايات المتحدة إلى أن بيانات البنك المركزي الألماني تدل على أن الشركات الألمانية تعيد بطريقة متنامية استثمار أرباحها من الصين داخل البلاد، لتخفيض تكاليفها.
أضاف التقرير أن شركات مثل "فولكس واجن" و"باسف" تعمل ضمن هذا الاتجاه للحد من حضورها داخل السوق الألمانية مع زيادة الوظائف والبحث والتطوير في الصين -وفي بعض الحالات- إنتاج السلع التصديرية.
تابع تقرير "روديوم": "يدل صعود الاستثمار في الصين، والموجة الأخيرة في ألمانيا لتقليص حجمه، على حدوث فجوة بين المصالح المالية لبعض الشركات الألمانية، من جهة، ومصالح موظفيها داخل ألمانيا والاقتصاد الألماني عموماً، من جهة أخرى".