بلومبرغ
تشهد مبيعات السندات الدولارية في آسيا أضعف بداية عام لها منذ ثماني سنوات، لتخالف اتجاهاً عالمياً قوياً حيث يفضل المقترضون في المنطقة جمع أموال بتكلفة أرخص من الديون المقومة بعملات محلية، ويترقبون خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة.
دفعت تكاليف الاقتراض المرتفعة شركة العقارات الفلبينية "فيستا لاند آند لايفسكيب" (Vista Land & Lifescapes Inc) إلى تأجيل بيعها للسندات، مما ساهم في انخفاض إصدارات الديون بالعملة الأميركية بنسبة 28% على أساس سنوي.
تظهر البيانات التي جمعتها "بلومبرغ" أن مبيعات السندات في آسيا باستثناء اليابان بلغت 18.2 مليار دولار فقط منذ بداية عام 2024. وهذه القيمة تتناقض بشكل صارخ مع الولايات المتحدة وأوروبا، حيث حطمت جهات إصدار الديون هناك الأرقام القياسية وسط ازدهار الصفقات.
بفضل حملة التشديد النقدي التاريخية التي نفذها بنك الاحتياطي الفيدرالي، وجدت الشركات والحكومات الآسيوية أن بيع الديون في السوق المحلية أقل تكلفة، وخاصة في الصين حيث كثفت السلطات تيسير السياسات النقدية لعلاج الاقتصاد المتعثر. كما أدت المخاوف العالمية بشأن تزايد الضغوط المالية لدى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وخاصة أزمة العقارات غير المسبوقة، إلى إضعاف شهية وزخم بيع الديون المقومة بالدولار.
قال شيلدون تشان، مدير محفظة استثمارية لدى "تي رو برايس غروب" (T. Rowe Price Group): "تتمتع الكثير من الشركات والاقتصادات بإمكانية الوصول بشكل جيد إلى الأسواق المحلية.. وبالتالي ليست في حاجة ماسة لإصدار السندات المقومة بالدولار".
الفائدة الأميركية وديون آسيا
تراجع إصدار السندات بشكل حاد، رغم انخفاض علاوات المخاطر على السندات المصدرة بالدولار في المنطقة. وصلت تكاليف الاقتراض على السندات ذات الدرجة الاستثمارية في آسيا باستثناء اليابان إلى أدنى مستوى على الإطلاق الأسبوع الماضي، حسب مؤشر "بلومبرغ".
ومع إغراء المقترضين الآسيويين بالحصول على التمويل الأرخص في الداخل، أثر انخفاض تكاليف الاقتراض أيضاً على الطلب، حيث تبدو معادلة المخاطرة والمكافأة لدى المستثمرين أقل جاذبية.
قال أجيت تشودري، مدير التداول عبر الأصول في الذراع المصرفية الخاصة لدى بنك "جيه بي مورغان" :" نفضل حالياً الحصول على الائتمان من البلدان المتقدمة التي تتمتع بوفرة السيولة، في ضوء العوائد الجذابة الشاملة. وسنتطلع إلى العثور على قيمة في ديون الأسواق الناشئة إذا اتسعت فروق العوائد لتوفير تعويض مناسب عن المخاطر الإضافية".
وصلت نسبة الاكتتاب في طروحات السندات المصدرة بالدولار في آسيا حوالي أربعة أضعاف عدد العروض المقبولة منذ بداية 2024، أي أقل من متوسط الخمس سنوات، حسبما تظهر البيانات التي جمعتها "بلومبرغ". تتوقف حوافز المقترضين الآسيويين لبيع مزيد من الديون المقومة بالدولار أيضاً على توقعات السياسة النقدية لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي.
قالت كارين نيو، كبيرة مديري المحافظ لدى "باراجون كابيتال مانجمنت" (Paragon Capital Management) في سنغافورة :"نظراً لأن البنوك المركزية أوقفت رفع أسعار الفائدة بشكل مؤقت في أواخر عام 2023، إضافة إلى توقعات السوق بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يخفض أسعار الفائدة في الربع الثاني من عام 2024، فقد ترغب بعض جهات الإصدار في الانتظار حتى تتمكن من إصدار سندات بأسعار فائدة أقل".