بلومبرغ
تنخرط حالياً "فانغارد غروب"، عملاقة الصناديق الأمريكية التي انسحبت فجأة من الصين العام الجاري، في حرب أسعار تهدد بتآكل ربحيتها وبقية أعمالها في سوق الثروة الأكثر ازدهاراً في العالم.
خفّض مشروع "فانغارد" المشترك مع "أنت غروب"، التابعة لـ"جاك ما" للاستشارات الآلية، الرسوم بمقدار النصف تقريباً في يونيو مع احتدام المنافسة في السوق الذي تبلغ قيمته عدة تريليونات من الدولارات.
كما خفضت المنصة الحد الأدنى للاستثمار إلى 100 يوان فقط (15 دولاراً)، بانخفاض من 800 يوان عندما أُطلقت العام الماضي، ولا يزال الضغط من أجل مزيد من التخفيضات قائماً، إذ لا تزال الرسوم أعلى من بعض المنافسين مثل "هواتاي سيكيوريتيز كو".
وخفضت منصة المشروع المشترك "بانغ ني تو"، التي تعني "مساعدتك على الاستثمار"، الرسوم إلى نطاق يتراوح من 25 إلى 50 نقطة أساس (0.25% إلى 0.50%)، من سعر ثابت قدره 50 نقطة أساس، مقارنة برسوم لدى المنافسين تتراوح بين 0.2% و 1.5%، ويصل بعضها إلى الصفر، وفقاً لشركة "شينزن دولار تكنولوجي كو"، التي تقدم المشورة لمديري الأموال.
اقرأ أيضاً: "فانغارد" الأمريكية تتراجع عن تأسيس صندوق لإدارة الأصول في الصين
سلاح ذو حدين
وتُعقِّد الرسوم المخفَّضة جهود "فانغارد" لكسب المال في الصين، إذ تراهن على هذه الخدمة الاستشارية بعد إلغائها في مارس خطط إنشاء شركة إدارة أموال قائمة بذاتها.
وتخاطر شركة إدارة الأموال، التي تدير أصولاً بقيمة 7 تريليونات دولار، بالتخلف عن المنافسين العالميين، بما في ذلك "بلاك روك" و"أموندي"، الذين يتبنّون مناهج متعددة الجوانب للنمو في سوق التجزئة التي قد تصل قيمتها إلى 3.4 تريليون دولار بحلول عام 2023، وفقًا لتقديرات "ديلويت".
وقال آلان لو، المدير التنفيذي لشركة "شينزن دولار تكنولوجي": "مزيد من التخفيضات لا يرفع الأصول تقريباً، وإنما يشطب أرباح اللاعبين ومنصات إصدار الصناديق"، مضيفاً: "تخفيضات الرسوم يمكن أن تكون سلاحاً ذا حدّين".
وقال بيتر تشانغ، المدير التنفيذي لـ"فانغارد إنفستمنت أدفايزرز" في شنغهاي، في استجابة مكتوبة لـ"بلومبرغ": "إن تخفيضات الرسوم والحد الأدنى للاستثمار كانت جزءاً من مجهودات تقديم خدمات شاملة وذكية وسهلة بجانب مواصلة تحسين تجربة المستخدم".
تحديات السوق
تؤكد حرب الأسعار تحديات المنافسة في السوق الصينية الهائلة حتى بالنسبة إلى شركات مثل "فانغارد"، التي أحدثت ثورة في أعمال إدارة الأصول العالمية بصناديقها الخاملة منخفضة التكلفة، ويتقاضى عملاق الصندوق الأمريكي 0.15% فقط مقابل خدمة المستشار الرقمي في الولايات المتحدة.
وكانت التكاليف المرتفعة وعدم اليقين التنظيمي والمنافسة الشديدة من بين الأسباب التي دفعت شركة "مالفيرن" بولاية بنسلفانيا إلى التخلي عن رخصة صندوق استثمار مشترك، بعدما روّجت للإمكانات الهائلة للسوق لسنوات، وفقاً لمصادر مطلعة في ذلك الوقت.
وبعد أكثر من من 15 شهراً من فتح الصين لسوق الصناديق أمام اللاعبين الأجانب، لم تحصل سوى شركة "بلاك روك" و"فيدلتي إنفستمنت" على ترخيص، واختار معظم اللاعبين العالميين إقامة مشاريع مشتركة مع شركاء صينيين.
التأثير في الأرباح
قد تؤدي التخفيضات التي تهدف إلى تعزيز الحصة السوقية إلى مزيد من الخصومات في جميع أنحاء القطاع، لا سيما بين المنصات عبر الإنترنت نظراً إلى موقع "أنت" الرائد للتمويل.
وقال لو هاييانغ، نائب رئيس شركة "شين هو ويلث إنفستمنت مانجمنت كو"، وهي شركة لإدارة الثروات تصدر أيضاً صناديق، إنّ التخفيضات يمكن أن يكون لها تأثير "سيئ للغاية" في الربحية، لأنّ مستخدمي الإنترنت الشباب في البلاد يهتمون أكثر بالأسعار وتجربة المستخدم.
يقدم المستشارون في "توغو غوانجيا" نطاقاً مماثلاً من الرسوم مثل "بانغ ني تو" بنسبة 0.25% لمحفظة تركز على الدخل الثابت، و0.4% للاستثمارات المتنوعة، و0.5% للصناديق التي تركز على الأسهم بشكل أساسي.
ويقول "لو" إن "بانغ ني تو" قد لا تكون جذابة للمستثمرين الشباب الصينيين الذين يفضلون العائدات الأعلى، مضيفاً أن المنصة تركز أكثر على الاستثمارات المتحفظة مثل صناديق الدخل الثابت، وتولد أرباحاً سنوية أقل من 8%.
ومع ذلك، حتى قبل تخفيض الرسوم، كانت الشركة الآلية تجتذب كثيراً من العملاء الذين تضاعف عددهم تقريباً، ليصل إلى 940 ألف عميل في فبراير، مقارنة بنهاية العام الماضي.
وقفزت الأصول تحت الإدارة بنسبة 60% في أول شهرين من العام الجاري إلى 6.9 مليار يوان، وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن هذا يضع الشركة على المسار الصحيح للوصول إلى نقطة التعادل المقدرة بـ10 مليارات يوان قبل الموعد المستهدف خلال خمس سنوات.
وقال تشانغ من "بانغ ني تو" إن العملاء أظهروا ثقة متزايدة بأعماله التجارية، ورفعوا استثماراتهم بنسبة 40% من المبالغ الأولية، وتضاعف عدد خطط الاستثمار الآلية ثلاث مرات تقريباً في النصف الأول من العام الجاري.
وقال: "سوق الاستشارات الاستثمارية المحلية بعيدة كل البعد عن التشبع"، مضيفاً أن وصول مزيد من اللاعبين لن يفعل سوى المساعدة على تنويع المنتجات في السوق.
ولا تستطيع "فانغارد" طرح منتجاتها الخاصة عبر المشروع المشترك، الأمر الذي يقتصر على صناديق الاستثمار المشتركة المحلية، وبالتالي لا تستطيع الشركة الأمريكية كسب رسوم إضافية بهذه الطريق، وتحمل "فانغارد" حصة نسبتها 49% من المشروع الذي تسيطر عليه "أنت".
منافسون جدد
يواصل مزيد من المنافسين الظهور، وأطلقت "أنت" منصة مشابهة في مارس على تطبيقها "علي باي"، إذ يُسوَّق لـ"بانغ ني تو" بالتعاون مع خمسة مديري أصول صينية.
وأضافت لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية في يونيو 14 شركة على الأقل، بما في ذلك "سيتيك سيكيوريتيز"، للشروع في مشروعات استشارات تجريبية بعدما جمع المشاركون القائمون نحو 50 مليار يوان من الأصول منذ إصدار سبتمبر 2019 بفضل التغييرات التنظيمية.
وقال ماو هوايبينغ، المدير التنفيذي لشركة "تشاينا ويلث مانجمنت كو"، وهي مشاركة تجريبية أخرى، إنّ المشاركين التجريبيين يجدون صعوبة في التميز على المنافسين، وهو ما يعود جزئياً إلى تاريخهم القصير، وهو ما يجعل العملاء أكثر حساسية للأسعار، خصوصاً عندما تسوَّق المنتجات على نفس المنصة.
وأضاف ماو: "الرسوم دائماً ما تكون عاملاً مهماً في سوق الصناديق الصينية".